توتر شديد وإشكالات متنقلة بين دروز لبنان

اليوم الثاني لأحداث عاليه: قطع طرق والمجلس الأعلى للدفاع يتدخل

قطع طريق بعلشميه بالإطارات المشتعلة في ظل التوتر في الجبل
قطع طريق بعلشميه بالإطارات المشتعلة في ظل التوتر في الجبل
TT

توتر شديد وإشكالات متنقلة بين دروز لبنان

قطع طريق بعلشميه بالإطارات المشتعلة في ظل التوتر في الجبل
قطع طريق بعلشميه بالإطارات المشتعلة في ظل التوتر في الجبل

خيم التوتر الشديد على مناطق الجبل التي شهدت أول من أمس إشكالات متنقلة بين مناصري رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، وسط إجراءات مشددة اتخذتها القوى الأمنية لضبط الوضع.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني نفذ عمليات دهم في المنطقة بحثاً عن متهمين بالتورط في إطلاق النار الذي سقط جرائه مناصران لأرسلان من مرافقي الوزير صالح الغريب. وقالت مصادر أمنية إن ثمة معطيات لدى الاستخبارات العسكرية، وإن ثمة موقوفاً على الأقل.
واستدعت الأحداث الدامية التي هزّت جبل لبنان أول من أمس اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع، دعا إليه وترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وعرض المدير العام لقوى الأمن الداخلي، خلال اللقاء، بالتفصيل مجريات الأحداث الأمنية، والإشكالات التي وقعت ونتائجها. كما عرض قائد الجيش للمعلومات المتوافرة لدى الجيش، والإجراءات التي اتخذت لمعالجة الوضع.
وأكد الرئيس عون خلال الاجتماع أن ركائز الجمهورية ثلاث: حرية المعتقد، وحق الاختلاف، وحرية الرأي والتعبير. وطالب الأجهزة القضائية والأمنية باستكمال الإجراءات اللازمة والضرورية، وفقاً للأصول والأنظمة المرعية الإجراء، والقيام بالتوقيفات اللازمة.
ومن جهته، دعا رئيس الحكومة سعد الحريري الجميع إلى التهدئة، مشدداً على ضرورة المعالجة السياسية اللازمة، وعدم إقحام الأجهزة العسكرية والأمنية في الخلافات السياسية. واتخذ المجلس «قرارات حاسمة بإعادة الأمن إليها من دون إبطاء أو هوادة، وتوقيف جميع المطلوبين وإحالتهم إلى القضاء، وذلك في ضوء ضرورة الحفاظ على العيش الواحد في الجبل، ورفض أي شكل من أشكال العنف الدامي، على أن تتم التحقيقات بسرعة تحت إشراف القضاء المختص».
وأكد المجلس أن قراراته أتت وأداً للفتنة، وحفاظاً على هيبة الدولة، وحقناً للدماء البريئة، وإشاعة لأجواء الطمأنينة لدى المواطنين والمصطافين والسياح، في ظل توافق سياسي يظلل الأمن في كل بقعة من لبنان ويحصنه.
يأتي ذلك في وقت استمرت فيه عمليات قطع الطرق من قبل أنصار الحزب الديمقراطي اللبناني الذي يقوده الوزير طلال أرسلان، احتجاجاً على الاعتداء على موكب وزير شؤون النازحين صالح الغريب، ووفاة مرافقيه وإصابة آخر.
وأقدم مناصرو الديمقراطي ورفاق الضحيتين على قطع الطريق الدولية في منطقة بعلشميه - صوفر في جبل لبنان بالإطارات المشتعلة. وقد سجّل إطلاق نار بين المحتجين وأحد المارة، لكن قوة من الجيش فتحت الطريق الدولية عند بعلشميه في الاتجاهين، ونفذت انتشاراً في المنطقة.
كذلك استخدم محتجون الإطارات المشتعلة لقطع أوتوستراد بحمدون في الاتجاهين. وعلم في هذا الإطار أنه في أثناء محاولة فتح الطريق، حصل توتر بين الجيش والدفاع المدني من جهة، والمحتجين من جهة أخرى.
وذكرت وكالة المركزية أن عزوف المحتجين عن المضي في قطع الطرق ما لبث أن قابله تهديد هؤلاء بالعودة إلى الشارع، في حال انتهى الاجتماع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الديمقراطي إلى ما لا يصب في اتجاه الاقتصاص من المرتكبين، ومحاسبتهم على إشكالات الأمس. وفي السياق، جدد أهالي الضحيتين رامي سلمان وسامر أبو فرج التأكيد أنهم لن يدفنوهما قبل تسليم الجناة إلى القضاء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».