واشنطن تستهدف قياديين من «القاعدة» شمال غربي سوريا

الدمار الذي طال موقعا قرب حلب بعد قصف التحالف لـ«حراس الدين» التابع لـ«القاعدة» (أ.ف.ب)
الدمار الذي طال موقعا قرب حلب بعد قصف التحالف لـ«حراس الدين» التابع لـ«القاعدة» (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تستهدف قياديين من «القاعدة» شمال غربي سوريا

الدمار الذي طال موقعا قرب حلب بعد قصف التحالف لـ«حراس الدين» التابع لـ«القاعدة» (أ.ف.ب)
الدمار الذي طال موقعا قرب حلب بعد قصف التحالف لـ«حراس الدين» التابع لـ«القاعدة» (أ.ف.ب)

استهدفت واشنطن الأحد اجتماعاً لقياديين من تنظيم «حراس الدين»، المرتبط بـ«القاعدة» في ريف المهندسين غرب حلب، شمال غربي سوريا، ما تسبب بمقتل عدد منهم، في ضربة هي الأولى للولايات المتحدة في المنطقة منذ أكثر من عامين.
واستهدفت العملية، وفق البيان: «عناصر من (تنظيم القاعدة في سوريا) مسؤولين عن التخطيط لهجمات خارجية تهدد مواطنين أميركيين وشركاءنا ومدنيين أبرياء».
واستهدفت القوات الأميركية، التي تقود أيضاً التحالف الدولي ضد «تنظيم داعش»، مراراً قياديين متشددين في منطقة إدلب في شمال غربي البلاد، إلا أن الوتيرة تراجعت بشكل كبير منذ عام 2017، لتتركز ضرباتها على مناطق سيطرة «تنظيم داعش»، قبل أن تتمكن قوات سوريا الديمقراطية من القضاء عليه العام الحالي.
وكان المرصد السوري أفاد مساء الأحد عن مقتل ثمانية عناصر، بينهم ستة قياديين من جنسيات عربية مختلفة، في تنظيم «حراس الدين» المرتبط بـ«القاعدة»، في قصف صاروخي استهدفهم في ريف حلب الغربي.
والقياديون الستة هم اثنان تونسيان واثنان جزائريان ومصري وسوري.
وينشط تنظيم «حراس الدين» في منطقة إدلب ويقاتل إلى جانب هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بـ«تنظيم القاعدة»، التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب ومناطق محاذية لها في حماة وحلب واللاذقية.
وتأسس تنظيم حراس الدين في فبراير (شباط) 2018، وهو مرتبط بـ«تنظيم القاعدة» ويضم نحو 1800 عنصر بينهم جنسيات غير سورية، وفق المرصد.
وتشكل منطقة شمال غربي سوريا وفق بيان القوات الأميركية «ملجأ آمناً ينشط فيه قياديون من (تنظيم القاعدة في سوريا) لتنسيق أنشطة إرهابية والتخطيط لاعتداءات في المنطقة وفي الغرب». وأكدت واشنطن عزمها مواصلة «استهداف (داعش) و(القاعدة)، لمنع المجموعتين من استخدام سوريا كملجأ آمن لهما».
وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلير لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الولايات المتحدة قلقة منذ مدة بشأن مجموعة من المتشددين العالميين في منطقة إدلب»، وقد انضوى هؤلاء في تنظيم حراس الدين المنشق عن هيئة تحرير الشام.
وفي مارس (آذار) 2017، قتل 46 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، في قصف جوي استهدف مسجداً في شمال سوريا. وأعلنت واشنطن حينها أنها نفذت غارة ضد تجمع لـ«تنظيم القاعدة»، يقع على بعد أمتار قليلة من المسجد.
وكانت واشنطن كثفت لأشهر عدة قبلها، ضرباتها ضد هيئة تحرير الشام في محافظتي إدلب وحلب، وقتل في نهاية فبراير عام 2017 الرجل الثاني في صفوف «تنظيم القاعدة» أبو هاني المصري.
إلا أنه منذ مارس 2017، لم تعلن واشنطن عن أي ضربة ضد عناصر «القاعدة» في إدلب، التي تعتبر منطقة عمليات روسية، وخضعت على مر العامين الماضيين لاتفاقات هدنة متتالية آخرها الاتفاق الروسي - التركي لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وبرغم الاتفاق مع تركيا، الداعمة للمعارضة السورية، صعّدت روسيا منذ أشهر قصفها للمحافظة ومحيطها دعماً لقوات النظام السوري.
وبحسب هيلر، فإن «روسيا منعت الولايات المتحدة من شن غارات دقيقة كتلك التي نفذتها في بداية العام 2017»، رغم أن واشنطن طلبت السماح لها باستهداف مقاتلين محددين. وأضاف: «ليس واضحاً ما إذا كانت الغارة الجديدة تأتي في إطار تفاهم جديد تم التوصل إليه، أم أن الولايات المتحدة شعرت بضرورة قصف هؤلاء المقاتلين تحديداً».
والتقى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب على هامش قمة العشرين في اليابان الأسبوع الماضي. إلا أن متحدثاً باسم الكرملين نفى الإثنين أن تكون هناك علاقة بين هذا اللقاء وضربات التحالف.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.