الجيش الليبي يضرب أهدافاً «منتقاة بدقة» في طرابلس

السراج يسعى في إيطاليا إلى دعم لحكومة «الوفاق»... وسلطات الشرق تفرج عن 6 أتراك

مقاتل في قوات حكومة «الوفاق» يتفقد أنقاض مبنى مدمر قرب معسكر اليرموك الذي قصفته طائرات الجيش الوطني جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
مقاتل في قوات حكومة «الوفاق» يتفقد أنقاض مبنى مدمر قرب معسكر اليرموك الذي قصفته طائرات الجيش الوطني جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يضرب أهدافاً «منتقاة بدقة» في طرابلس

مقاتل في قوات حكومة «الوفاق» يتفقد أنقاض مبنى مدمر قرب معسكر اليرموك الذي قصفته طائرات الجيش الوطني جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
مقاتل في قوات حكومة «الوفاق» يتفقد أنقاض مبنى مدمر قرب معسكر اليرموك الذي قصفته طائرات الجيش الوطني جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

صعّدت السلطات في شرق ليبيا، وعلى رأسها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وتيرة تهديداتها لتركيا، التي هددت بدورها باستهداف من وصفتهم بـ«عناصر حفتر» بعد اعتقال 6 أتراك، تم إطلاق سراحهم بعد 24 ساعة على توقيفهم. وجاء ذلك في حين أعلن رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، باعتباره القائد الأعلى لقوات الجيش، «حالة التعبئة العامة والنفير» في شكل مفاجئ مساء أول من أمس، في حين شنت طائرات الجيش الوطني غارات على أهداف «منتقاة بدقة» في طرابلس.
وبدأ فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق بطرابلس، زيارة غير معلنة لإيطاليا أمس، حيث عقد اجتماعاً مع وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني أمس في مدينة ميلانو. وأدرجت تقارير إعلامية إيطالية هذه الزيارة في إطار «ممارسة الضغوط» لصالح حكومة الوفاق والقوات الموالية لها ومحاولة الحصول على دعم لها.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان اللواء عبد السلام الحاسي، قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الوطني، أن قواته ستدخل طرابلس وتحررها، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية: «مهما كان حجم دعم العصابات سنقضي عليها، ونحقق للوطن سيادته وتنتصر كرامته مهما تحصلت العصابات على دعم من تركيا». وتابع: «حتى الآن دمرنا أربع طائرات مسيّرة. نحن موجودون ونقود المعركة حسب تعليمات» المشير حفتر، متحدثاً عن «عبث العصابات بالقصف العشوائي والطائرات التركية التي ضربت المدنيين ودمرت مساكنهم».
بدوره، أعلن اللواء محمد منفور، قائد سلاح الجو التابع للجيش الوطني إطلاق عملية عسكرية باسم «عاقبة الغدر»، موضحاً أن قواته الجوية «باشرت تنفيذ ضربات جوية قوية ومحكمة في مواقع مختارة ومنتقاة بدقة في طرابلس». ودعا منفور سكان طرابلس إلى الابتعاد عن أي هدف ثابت أو متحرك قد يكون عرضة لضرباتهم الجوية، لافتاً إلى أن هذه الضربات تأتي «بعد استنفاد كل الوسائل التقليدية في حربنا من أجل تحرير باقي التراب الليبي وبعد عمليات الخداع والغدر التي حصلت مؤخراً»، في إشارة إلى خسارة قوات الجيش الوطني مدينة غريان جنوب طرابلس.
وقصفت طائرات حربية تابعة للجيش مساء أول من أمس مقر قيادة ميليشيات «لواء الصمود» التي يقودها المعاقب أممياً صلاح بادي، في معسكر اليرموك بمنطقة صلاح الدين جنوب العاصمة طرابلس. وتحدث الجيش الوطني عما وصفه بخسائر كبيرة في صفوف الميليشيات عقب ضربات جوية دقيقة على مواقعها في وادي الربيع وعين زارة قرب العاصمة الليبية. ونقل مركز إعلام الجيش عن مصادر، أن المشافي الخاصة بالمنطقة عجزت عن استيعاب الأعداد المتزايدة من القتلى والجرحى. وتحدثت بعض المصادر الإعلامية الليبية أمس عن مقتل أكثر من 20 من مسلحي «لواء الصمود» في غارات طائرات حفتر، في حين تحدثت مصادر أخرى عن غارات استهدفت أمس محيط مطار طرابلس.
وندد المجلس البلدي لمدينة ترهونة، أمس، بما تتعرض له المدينة وسكانها من «قتل وقصف المنازل بالطيران من دون حق من قبل الميليشيات والمجموعات الخارجة عن الشرعية»، في إشارة إلى القوات الموالية لحكومة السراج. واعتبر أن هذا «يعد من ضمن جرائم الحروب المحرمة دولياً».
من جهة أخرى، نقلت وكالة «الأناضول» التركية الرسمية للأنباء عن مصادر دبلوماسية تركية، أنه جرى إخلاء سبيل 6 بحارة أتراك احتجزتهم في وقت سابق أول من أمس قوات الجيش الوطني، مشيرة إلى أنهم عادوا إلى سفينتهم مع أصحاب الشركة الليبيين، وقرروا مواصلة عملهم، بإرادتهم.
وأعلن متحدث باسم وزارة الخارجية التركية إطلاق سراح الستة، مؤكداً أنهم أبدوا رغبتهم في مواصلة العمل بدلاً من العودة إلى تركيا.
وذكرت وكالة «الأناضول» أنهم بحارة، بعدما نفت وزارة الدفاع التركية تقارير عن وجود عسكريين بينهم.
وقبل ساعات فقط من إطلاق سراحهم، اعتبرت وزارة الخارجية التركية، في بيان، أن «احتجاز ستة مواطنين أتراك من قبل الميليشيات اللاشرعية المرتبطة بحفتر في ليبيا، عمل لا يرتكبه إلا القراصنة وقطاع الطرق». وأضافت في تهديد واضح: «ننتظر الإفراج عن مواطنينا على الفور وإلا ستصبح عناصر حفتر أهدافاً مشروعة لنا».
ولم يفصح البيان التركي عن الوسيلة التي سيستهدف بها الجيش الوطني، لكن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار كان قد أشار إلى «ثمن باهظ جداً لأي موقف عدائي أو هجوم»، مضيفاً: «سنردّ بالطريقة الأكثر فاعلية والأقوى».
في المقابل، قال أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، في تصريحات تلفزيونية، أمس، إنه تم الإفراج عن الأتراك الذين قُبض عليهم في أجدابيا بموجب عفو عام من قبل المشير حفتر، وليس خوفاً من تهديدات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ومساء أول من أمس، دمّرت قوات الجيش الوطني طائرة تركية مسيّرة في مطار معيتيقة الوحيد قيد الخدمة في العاصمة طرابلس؛ ما أدى إلى تعليق الملاحة الجوّية لفترة، قبل أن يتمّ استئنافها لاحقاً.
وهذه المرة السادسة التي يقصف فيها الجيش الجزء العسكري من المطار منذ تدشينه عملية «الفتح المبين» لتحرير طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي.
وكان حفتر قد أمر الجمعة الماضي قواته بضرب السفن والمصالح التركية ومنع الرحلات من تركيا وإليها والقبض على الرعايا الأتراك في ليبيا، بينما قالت حكومة السراج إن لديها كافة «الوسائل الحازمة» للرد على تهديدات حفتر.
إلى ذلك، نفت وزارة الداخلية بحكومة السراج، أمس، ما أشيع عن صدور قرار من قبل الحكومة التونسية بمنع دخول المواطنين الليبيين دون سن 35 عاماً للأراضي التونسية بمفردهم إلا بمرافقة آبائهم. وقالت الوزارة في بيان، إنه «بالتواصل مع السفارة الليبية في تونس أفادت بأنه لم يصدر أي قرار من قبل السلطات التونسية في هذا الشأن».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.