«إصلاحات» مرتقبة على قوانين سياسية في الأردن

TT

«إصلاحات» مرتقبة على قوانين سياسية في الأردن

قال وزير الشؤون البرلمانية والتنمية السياسية الأردني موسى المعايطة، إن حكومة بلاده ستدفع بمشاريع لتعديل قوانين الإدارة المحلية إلى البرلمان، ليتسنى لها فتح حوار وطني بشأنها. ورجح عرض التعديلات المقترحة على مجلس النواب الحالي قبل «نهاية العام على أبعد تقدير».
وأوضح الوزير في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أن المشاريع تعيد بناء المجالس المحلية والبلدية ومجالس الحكم المحلي المنتخبة (اللامركزية) في المحافظات. ولم يستبعد طرحها ضمن ملحق على جدول أعمال الدورة النيابية الاستثنائية التي ستنعقد في 21 يوليو (تموز) الجاري.
وجاء حديث المعايطة بالتزامن مع بدء لجنة في مجلس الوزراء الأردني، إعداد تصور بشأن تشريع جديد يدمج منظومة عمل الحكم المحلي، بشقيها، المجالس البلدية ومجالس المحافظات التي انتخبت للمرة الأولى في 2017. استجابة لرؤية ملكية.
وشدد الوزير على أن «قوانين الإدارة المحلية وتعديلاتها ستنعكس على مستويات الإصلاح الإداري، وتعظيم مكتسبات التنمية، من خلال منح مزيد من الصلاحيات للبلديات ومجالس اللامركزية والحكم المحلي»، مشيراً إلى أن «جوهر تلك التشريعات هو تعظيم مبدأ المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار».
وأيد الآراء التي تحدثت عن «تحرير» أعضاء مجالس النواب من ضغط المطالب الخدمية لقواعدهم الانتخابية، وتفرغ النائب لوظيفته الأساسية في التشريع والرقابة، «وهو ما يوزع صوت الناخب الأردني على مستويات مشاركته في القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي».
ولم يجزم الوزير بتعثر تجربة الانتخابات اللامركزية باعتبارها تجربة حديثة العهد، إلا أنه ذهب للتأكيد على أن استقرار الحكومة على رأي في تجربة مجالس اللامركزية والحكم المحلي التي طبقتها المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية، «مرهون بتقييم الحكومة لنقاط الضعف في التجربة، ومعالجة الثغرات، بما يستدعي أن تتقدم الحكومة بتعديلات جوهرية من شأنها نقل عمل مجالس الإدارة المحلية إلى مستويات أكثر تقدماً وفاعلية.
وأثارت الحكومة جدلاً في الشارع الأردني أخيراً، عندما أعلنت تغيير مسمى وزارة البلديات إلى وزارة الإدارة المحلية، ما أثار تكهنات بتوجه رسمي لإعادة تشكيل منظومة الحكم المحلي، بما يعيد النظر بعدد مقاعد التمثيل في المجالس البلدية والمحافظات والتمثيل النسائي والشبابي.
ونفى المعايطة أن تكون التعديلات المقررة على القوانين ذات الصلة، جاءت بسبب تغيير اسم وزارة البلديات إلى وزارة الإدارة المحلية في التعديل الوزاري الثالث على حكومة عمر الرزاز. وقال: «أجرت الحكومة تعديل المسمى بموجب تعديلات أجرتها على الأنظمة المتعلقة بعمل وزارة البلديات، لكن الفكرة من تعديل قوانين الإدارة المحلية أنه يشكل التزاماً من الحكومة بالمضي في خطط الإصلاح الإداري والتنموي في البلاد، من خلال توسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار عبر الانتخابات في مستوياتها كافة».
ولم تحسم الحكومة حتى اللحظة موقفها المعلن من طبيعة التعديلات التي من الممكن أن تطرحها على قانون الانتخاب الذي أفرز مجلس النواب الحالي، خشية التصادم المبكر بين الحكومة والبرلمان.
وحول الجدل المرتقب على صيغ تعديل قانون الانتخاب، والمتوقع أن يعرض على مجلس النواب في الدورة العادية الأخيرة من عمر المجلس الحالي، أكد المعايطة أن «الحكومة ملتزمة بمخرجات الحوار الوطني التي تمثلت بالقانون الحالي، والتوجه الرسمي يقضي بإدخال تعديلات إجرائية لا تمس بجوهر القانون». وأضاف أن «التعديلات المقترحة من شأنها تعزيز منظومة النزاهة الانتخابية، وتجاوز أي ثغرات حصلت في مواسم سابقة».
وشدد على أن «النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر لم تتطرق إليهما الحوارات الحكومية حتى الآن»، مشيراً إلى أن هاتين المسألتين «هما صلب القانون وجوهره، وهما السبب في الجدل المستمر، خصوصاً أن القوى السياسية تسعى لزيادة حصتها من المقاعد النيابية، وهو حق مشروع من خلال العملية السياسية، على أن الحكومة ملتزمة بحماية مصالح الجميع في القانون من خلال أبعاده المركزية الثلاثة: الديموغرافيا والجغرافيا والتنمية، إضافة إلى عدالة التمثيل».
ونفى الوزير سعي الحكومة إلى تخفيض عدد مقاعد المجلس النيابي في مشروع قانون جديد، مشيراً إلى أن الأمر متروك للحوار الوطني حول القانون متى ما أقرته الحكومة وأصبح في عهدة مجلس النواب، لكنه لمح إلى أن معالجة التمثيل في مقاعد الإدارة المحلية قد ينعكس على مجريات الحوار الوطني حول تقليص عدد مقاعد مجلس النواب الأردني التي انخفضت من 150 مقعداً في مجلس النواب الماضي إلى 130 مقعداً في المجلس الحالي.
وأشار إلى أن «الحكومة تدرس اليوم بعناية فكرة إعادة النظر في تقديم الدعم المالي للأحزاب، على أساس تعظيم المنفعة من أموال دافعي الضرائب، وتحفيزهم للمشاركة بفاعلية بعضوية الأحزاب». واعتبر أن «توجيه الدعم المالي للأحزاب التي يبلغ عدد المرخص رسمياً منها اليوم، 48 حزباً، يجب أن يكون مشروطاً بمبادئ ثابتة أهمها المشاركة في العملية الانتخابية، وحصة كل حزب من المقاعد إذا ما استطاع المنافسة والفوز بحصة محددة».
ورأى أن على «الأحزاب الضعيفة» إعادة بناء تحالفاتها مع أحزاب أقوى «ليتسنى تجميع المواطنين وليس تفرقتهم، وتجذير مبدأ التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي لقياداتها».
وقدرت دراسة أجراها «المعهد الهولندي للديمقراطية متعددة الأحزاب»، أخيراً، أن غالبية الأحزاب الأردنية عرضة «للتلاشي» إذا توقف الدعم الحكومي غير المشروط عنها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».