مطالبات أممية لإيران باحترام تعهدات الاتفاق النووي

لندن قلقة من تجاوز طهران... وروسيا «تأسف» وإسرائيل تطالب بعقوبات فورية

مطالبات أممية لإيران باحترام تعهدات الاتفاق النووي
TT

مطالبات أممية لإيران باحترام تعهدات الاتفاق النووي

مطالبات أممية لإيران باحترام تعهدات الاتفاق النووي

حثّ أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إيران على الالتزام بالاتفاق النووي، في حين حذر كل من بريطانيا وألمانيا من تأثير الخطوة الإيرانية على الاتفاق في وقت تعهدت روسيا، بالحفاظ على الاتفاق النووي، وذلك بعد بيان للوكالة الدولية للطاقة الذرية يؤكد انتهاك إيران الاتفاق بتخطي مخزونها من اليورانيوم المخصب الحد المسموح لها وفق الاتفاق.
ونقل متحدث باسم الأمم المتحدة، أن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش يشعر بالقلق إزاء انتهاك إيران جزءاً من الاتفاق النووي، وحثها على مواصلة التقيد بجميع التزاماتها النووية بموجب الاتفاق.
وقال المتحدث ستيفان دوجاريك، إن «قيام إيران بتحرك من هذا القبيل لن يساعد في الحفاظ على الخطة (الاتفاق) ولن يضمن مزايا اقتصادية ملموسة للشعب الإيراني. من الضروري أن يتم التعامل مع هذه القضية... من خلال الآلية التي حددتها خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)».
ويتضمن الاتفاق آلية لحل النزاعات التي يمكن خلال فترة قصيرة مدتها 65 يوماً، أن تنتهي في مجلس الأمن بمعاودة فرض الأمم المتحدة عقوبات على إيران.
في لندن، قال متحدث باسم مكتب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إن بريطانيا تبحث على نحو عاجل خطواتها التالية مع شركائها بموجب الاتفاق النووي للحفاظ عليه، معتبراً إعلان إيران «مقلقاً للغاية». وأضاف: «كنا واضحين دائماً في أن التزامنا بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) يعتمد على التزام إيران التام بشروط الاتفاق ونحثها على العدول عن هذه الخطوة».
وأوضح المتحدث، أن لندن تدرس «على نحو عاجل مع شركائنا في خطة العمل الشاملة المشتركة الخطوات التالية بموجب الاتفاق».
في السياق نفسه، قال وزير خارجية بريطانيا جيريمي هانت، إنه يشعر «بقلق شديد» رداً على تقرير لوكالة الطاقة الذرية حول تخطي إيران تعهداتها النووية، لكنه أضاف أن بريطانيا لا تزال تدعم الاتفاق.
وقال هانت: «نريد الحفاظ على الاتفاق النووي لكن سنتخلى عنه إذا انتهكته إيران».
وقال هانت عبر «تويتر» في تعليق سريع على الإعلان الإيراني: «أشعر بقلق شديد بسبب إعلان إيران أنها انتهكت التزاماتها بموجب الاتفاق النووي. المملكة المتحدة لا تزال ملتزمة بإنجاح الاتفاق واستخدام كل السبل الدبلوماسية لتهدئة التوتر في المنطقة». وأضاف: «أحث إيران على تجنب اتخاذ أي خطوات أخرى تخالف (الاتفاق) والعودة للالتزام به» بحسب ما نقلت «رويترز».
وفي برلين، قال مصدر بالخارجية الألمانية إن بلاده تدعو إيران للتراجع عن تجاوز حد مخزون اليورانيوم المخصب وعدم تقويض الاتفاق النووي، لافتاً إلى أن ألمانيا ستدرس بعناية مع الأطراف الأخرى في الاتفاق الخطوات التالية بشأن إيران.
وقد يكون لهذه الخطوة عواقب بعيدة المدى على الدبلوماسية في وقت تحاول فيه الدول الأوروبية إبعاد الولايات المتحدة وإيران من على شفا الحرب.
وناشد الأوروبيون، الذين عارضوا قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع في عهد سلفه باراك أوباما، إيران مواصلة الالتزام به.
بدورها، قالت روسيا إن إعلان إيران بشأن مخزون اليورانيوم يدعو إلى «الأسف»، لكنها عزت ذلك إلى تصرفات الولايات المتحدة.
وذكر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء «هذا بالطبع يدعو للأسف، لكن علينا ألا نبالغ في تصوير الوضع». وأضاف: «يجب فهم الأمر على أنه نتيجة طبيعية للأحداث التي حصلت قبله». وأدان ما اعتبره «الضغوط الأميركية غير المسبوقة»، لكنه طالب طهران بالتصرف بـ«مسؤولية»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
من جانبه، حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدول الأوروبية على فرض «عقوبات فورية». وقال وفقاً لبيان من مكتبه «أقولها مجدداً، إن إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية»، مضيفاً: «اليوم أدعو أيضاً كل الدول الأوروبية إلى الوفاء بالتزاماتها. لقد تعهدتم بالتحرك في اللحظة التي تنتهك فيها إيران الاتفاق النووي ولقد تعهدتم بتفعيل آلية العقوبات الفورية التي وضعت في مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة)» وفق ما نقلت «رويترز».
ونقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية عن وزير الطاقة يوفال شتاينز، أن إيران تقوم بعملية «ابتزاز نووي» بتخزين يورانيوم منخفض التخصيب أكثر من المنصوص عليه في الاتفاق النووي. وتابع أن مواصلة الضغط الدولي سيدفع طهران للتراجع.
وأفادت «رويترز» عن الهيئة الإسرائيلية بأن «هذا انتهاك صارخ للاتفاق. إيران تقوم بابتزاز نووي. إنها تقول ‭(‬انظروا إلى أي مدى نقترب من سلاح نووي)‬. اقتصاد إيران ينهار؛ لذلك فهم يقومون بأفعال غير متوازنة. سيتراجعون عنها إذا استمر الضغط».
وتزامناً مع ذلك طالب رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) جوزيف كوهين المجتمع الدولي على منع إيران من «تسريع وتيرة التخصيب». وقال لمؤتمر أمني في هرتزليا «فقط تخيلوا ما سيحدث إذا أصبح مخزون المواد الإيراني قابلاً للانشطار على مستوى التخصيب للأغراض العسكرية... ثم ليصبح قنبلة بالفعل... سيكون الشرق الأوسط مكاناً مختلفاً، ثم العالم بأسره. ولذلك؛ على العالم عدم السماح بحدوث ذلك».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.