هجوم جديد على قرية الروضة بشمال سيناء

المهاجمون استولوا على أموال معاشات أسر ضحايا «مذبحة المصلين»

TT

هجوم جديد على قرية الروضة بشمال سيناء

نفذ مسلحون هجوماً استهدف مكتب بريد قرية الروضة في شمال جزيرة سيناء المصرية، أمس، واستولوا تحت تهديد الأسلحة على مبالغ مالية قُدرت بنحو 80 ألف جنيه مصري (الدولار يساوي 16.6 جنيه).
وأفاد شهود عيان، ومصادر مطلعة، بأن «3 مسلحين كانوا يستقلون سيارة نصف نقل (بيك أب)، أشهر اثنان منهم السلاح في وجه موظف البريد، والأهالي الموجودين في مكتب البريد، فيما استولى الثالث على الأموال، وفروا من المكان». ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث، حتى مساء أمس.
ومكتب البريد الذي شهد الهجوم يقع في قرية الروضة التي شهدت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 اقتحام «إرهابيين» مسجدها أثناء أداء أهلها صلاة الجمعة وفتحوا النيران عليهم، ما تسبب في سقوط 311 ضحية، وإصابة أكثر من 120 آخرين فيما عرف باسم «مجزرة المصلين».
وقال محمد منصور، وهو من أهالي القرية وشقيق أحد ضحايا «مذبحة المصلين»، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «اليوم (أمس) يوافق أول أيام الشهر، والذي يتم فيه صرف معاشات أهالي شهداء هجوم الروضة، وهي ترد من مشيخة الأزهر الشريف، وتتراوح بين 500 و800 جنيه لكل أسرة، ومبالغ أخرى من وزارة التضامن وهيئة التأمينات».
وأضاف منصور، وهو موظف بإحدى الشركات، أنه كان من بين من ينتظرون مبلغ تحويلات لصالح أسرة شقيقه الذي راح ضحية المذبحة، وأنه كان معه نحو 15 شخصاً آخرين بين سيدات ورجال ينتظرون، وجميعهم من ذوى شهداء المسجد، في انتظار إنهاء معاملاتهم وتسلم الحوالات المالية الخاصة بهم، وتابع: «فوجئنا بدخول 3 مسلحين ملثمين؛ أغلق أحدهم الباب ورفع سلاحاً آلياً بحوزته في وجه الأهالي وطالبهم بالجلوس، فيما أوقف آخر الموظف الوحيد في المكتب القائم بأعمال الصرف، واتجه الثالث للخزينة، واستولى على ما فيها من أموال».
وأوضح شاهد عيان آخر، فضل الإشارة لاسمه بـ«أبو محمد»، أنه كان حاضراً لحظة الهجوم على مكتب البريد، وقال: «كانت لحظة عصيبة؛ فقد دار في أذهاننا حادث مسجد الروضة من جديد،، وبعد فرار المسلحين على الفور غادرنا إلى منازلنا مهرولين، غير مصدقين، وكان بيننا أطفال برفقة أمهاتهم انهاروا من البكاء».
وشرح أبو محمد أن «مكتب البريد يقع على بعد نحو 250 متراً من موقع مسجد الروضة، ويخدم أهالي القرية بعد أن تم تجهيزه لهذا الغرض من الجهات المسؤولة تسهيلاً على ذوى الشهداء في تسلم مستحقاتهم المقررة شهرياً».
وتعد هذه ثاني عملية اقتحام بغرض الاستيلاء على أموال في شمال سيناء خلال أقل من عامين؛ إذ هاجم مسلحون في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 مقراً لأحد البنوك الحكومية وسط مدينة العريش واستولوا على أموال من خزانته، وقتلوا 3 من قوات الشرطة.
وتحدث مصدر أمنى بشمال سيناء إلى «الشرق الأوسط»، وأوضح أنه «فور تلقي البلاغ بشأن الهجوم، تحركت قوة أمنية شرطية من قسم شرطة بئر العبد التابعة له قرية الروضة، إلى مكتب البريد، وتم الاستماع إلى أقوال موظف المكتب».
وبحسب المصدر، فإن الموظف، أفاد بأنه «كان يقوم بعمليات تسليم تحويلات للمستحقين من أهالي المنطقة، وتسلم أموال من مقاولي شركات ملاحات في المنطقة لتحويلها إلى خارج المحافظة، وقدّر المبلغ المستولى عليه بنحو 80 ألف جنيه».
وفي حين أشار المصدر إلى أنه «لم يتم التعرف على هوية منفذي العملية»، فإنه أشار إلى أن «التحريات الأولية لا تستبعد شبهة انتماء المهاجمين إلى تنظيمات إرهابية».
وتقاتل قوات الأمن المصرية منذ سنوات مجموعات مسلحة في شمال سيناء تَدين في معظمها بالولاء لتنظيم «داعش». وفي فبراير (شباط) 2018 بدأت قوات الجيش بمشاركة الشرطة عملية واسعة النطاق ضد تلك المجموعات. وتراجعت وتيرة الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن خلال الفترة الماضية، فيما أقدمت السلطات، قبل شهور، على إجراءات لتخفيف القيود المتعلقة بالسفر ونقل البضائع وتوفير الوقود في سيناء، والتي كانت تخضع لترتيبات صارمة لمنع وصولها إلى العناصر «الإرهابية»، أو لمنع تسلل آخرين إلى المنطقة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».