صنعاء: الحوثيون يهددون بتصعيد جديد وسكان يرحلون إلى القرى والمحافظات الأخرى

يواصل الحوثيون محاولاتهم الحثيثة للسيطرة على عدد من المناطق في العاصمة صنعاء، في الوقت الذي تجري مشاورات ومفاوضات سرية بين الحكومة اليمنية والحوثيين (أنصار الله) من أجل التوصل إلى حلول جذرية تنهي الأزمة.
وأقال الرئيس عبد ربه منصور هادي قائد قوات الأمن الخاصة، اللواء فضل القوسي من منصبه وهي قوات، الأمن المركزي (سابقا)، وعين بديلا عنه بعد أن نقله إلى منصب وكيل في وزارة الداخلية للشؤون الجنائية، ونفى القوسي أن يكون رفض قرار الرئيس هادي، حسبما تناقلت الأنباء، وأجرى الرئيس اليمني ورئيس حكومة الوفاق الوطني سلسلة من التغييرات في سلك الجيش والشرطة بعد التحاق عدد من الضباط والعسكريين بمظاهرات الحوثيين المطالبة بإسقاط الحكومة، وتعتقد بعض المصادر أن الموالين للرئيس السابق، علي عبد الله صالح في القوات المسلحة والأمن، ما زالت تمارس تصرفات تضر بالأمن في البلاد.
وشهدت العاصمة صنعاء هدوء حذرا بعد يوم من مقتل 10 أشخاص وسقوط عشرات الجرحى من أنصار جماعة الحوثي التي حاولت اقتحام مبنى مجلس الوزراء وسط العاصمة صنعاء بعد مواجهات مع قوات الجيش الموجودة هناك.
وشهدت ساحة «التغيير» التي يعتصم فيها أنصار الحوثي بالقرب من جامعة صنعاء، هدوءا نسبيا مع انتشار للإشارات الصفراء التي دعا لها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في إشارة إلى إنذار للسلطات اليمنية حيث سيتم بعدها الخطوات التي وصفها بأنها ستكون قاسية ومزعجة بربط الأشرطة الحمراء التي ترمز إلى الانتقال من الإنذار إلى التنفيذ فيها خلال الأيام القليلة القادمة.
كما شهد «حي الإذاعة» الذي جرت فيه أمس المواجهات، هدوءا نسبيا في ظل انتشار أمني كثيف في الشوارع القريبة من مبنى مجلس الوزراء وامتدت إلى حي التحرير الذي يعد أحد الأحياء المزدحمة بالعاصمة صنعاء.
أما منطقة حزيز، فقد شهدت مواجهات متقطعة في ظل سماع دوي انفجار عنيف بالقرب من محطة حزيز الكهربائية التي دارت فيها أمس مواجهات عنيفة بين قوات الاحتياط ومسلحي الحوثي، وقالت مصادر محلية في حي حزيز لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي الحوثي اعتلوا أسطح المباني القريبة من المواجهات في محاولة منهم لقنص قوات الجيش التي تنتشر وبشكل كثيف في هذه الأحياء»، وما زالت أجواء التوتر تخيم على حي حزيز حيث تواجه قوات الاحتياط صعوبة في السيطرة على مسلحي الحوثي حيث أصبحت المواجهات أقرب إلى حرب شوارع.
وتقوم القيادة اليمنية بعدد من التغييرات في المؤسسات الأمنية والعسكرية، وذلك بعد وجود شبهات بتعامل بعض القيادات العسكرية مع جماعات التمرد الحوثية وبعد انضمام عدد من الضباط والعسكريين للمظاهرات الحوثية في صنعاء العاصمة. ومن ضمن التغييرات التي قامت بها وزارة الداخلية صدور قرارات تقضي بتعيين العقيد الدكتور محمد أحمد صالح الهجري مديرا عاما للإدارة العامة لشرطة الدوريات وأمن الطرق، كما صدر قرار آخر أيضا قضى بتعيين العقيد عبده معروف محمد القواتي مديرا عاما للشرطة بمحافظة صنعاء.
وكذلك تعيين اللواء الدكتور محمد منصور علي الغدراء قائدا لقوات الأمن الخاصة بدلا عن اللواء فضل يحيى بن ناجي القوسي الذي صدر قرارا بتعيينه وكيلا مساعدا للأمن الجنائي بوزارة الداخلية.
وفي اجتماعه الأسبوعي شدد مجلس الوزراء على أن الحكومة لن تتهاون عن القيام بواجبها القانوني في اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات رادعة تجاه كل التصرفات اللامسؤولة وغير القانونية، وصون الممتلكات العامة والخاصة والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، داعيا جميع القوى السياسية إلى التحلي بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية إزاء الأوضاع الراهنة التي يمر بها الوطن وبذل كل ما بوسعها لتحصين الوطن وحمايته من الأخطار المحيطة به.
وبحسب ما نقلت وكالة «سبأ» للأنباء اليمنية فقد جدد المجلس «التأكيد على أن التعقيدات والإشكاليات الراهنة ومحاولة البعض الدفع بالوطن إلى أتون الصراعات والفوضى تتطلب من جميع القوى السياسية والاجتماعية الخيرة أن تقف صفا واحدا لمؤازرة الجهود المسؤولة والحكيمة التي تبذلها الدولة لمنع تفاقمها وتعاظم تداعياتها الكارثية على حاضر ومستقبل الوطن»، مؤكدا على المسؤولية التكاملية والتضامنية بين الدولة ومختلف شرائح المجتمع لتجاوز الوضع الراهن وتكريس أجواء الأمن والاستقرار.
ويعيش المواطنون في صنعاء حالة رعب وذعر خوفا من الدخول في حرب مع الجماعات الحوثية، تقودهم إلى حرب شوارع، فقد ظهرت شوارع صنعاء كغير عادتها شبه خالية من المواطنين وخصوصا في المنطقة المحيطة بالتحرير والشوارع القريبة من مجلس الوزراء. كما غادر بعض سكان العاصمة إلى قراهم وبعض المحافظات اليمنية خوفا من بداية الحرب في صنعاء خصوصا، وبحسب كلامهم، فإن الحوثي سيطلب الثمن غاليا بعد القتلى من جماعته أمام مجلس الوزراء، وإن مطالباته بالتراجع عن ورفع أسعار الوقود وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار ما هي إلا شعارات ليصل إلى ما يريده وقد يريد دخول صنعاء.
وكان المتمردون الحوثيون قالوا إنهم أحرقوا مدرعات وآليات عسكرية تابعة للجيش، وذكر الناطق الرسمي للحوثيين محمد عبد السلام أن «المجاميع الشعبية المعنية بحراسة مخيمات منطقة حزيز ردوا على حملة عسكرية أسفرت عن إحراق ثلاث مدرعات وثلاثة أطقم ومدفع رشاش عيار (23)، إضافة إلى ثلاثة رشاشات متوسطة». وأكد عبد السلام في تصريح نشره الموقع الرسمي للجماعة أن هذا الرد جاء بسبب عدم احترام السلطة للخيار السلمي الذي يقوم به أنصارهم في شارع المطار والعدل وأمام مجلس الوزراء.
وشهدت صنعاء منذ عصر الثلاثاء حتى فجر الأربعاء أول مواجهات مسلحة بين الحوثيين والجيش منذ انتهاء الحرب السادسة بينهما في محافظة صعدة شمال البلاد عام 2010، وقالت اللجنة الأمنية العليا في بيان صحافي إن «عناصر تابعة لجماعة الحوثي المسلحة اعتدوا على محطة كهرباء حزيز والتمركز في عدد من المنشآت الحكومية والخدمية». ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن اللجنة أن «الحوثيين هاجموا نقطة تفتيش تابعة لقوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقا)، وتمركزوا أمام معسكر السواد من الجهة الشرقية وحول نادي الفروسية، واقتحموا مدرسة الوحدة بحي الوحدة حزيز ومدرسة عبد اللطيف حمد، الكائنة أمام مستشفى 48 ومدرسة الحسين بحزيز». موضحة أن الهجوم تم بأسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف «آر بي جي» نتج عنه مقتل شخص وجرح 15 آخرين من المدنيين، والجنود، وإحراق طقم عسكري. مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية والعسكرية تمكنت من التصدي لتلك العناصر وأخرجتها من مدرستي الوحدة وعبد اللطيف التي تمركزت فيهما، في حين فرت تلك المجاميع الخارجة عن القانون ودخلت إلى بعض المباني المطلة على خط الأربعين شمال شرقي محطة حزيز. وحذرت اللجنة الأمنية سكان المنطقة من السماح للحوثيين بالدخول إلى المباني والمساكن الخاصة بهم، وأكدت أنها ستقوم بالرد على مصادر النيران، حفاظا على الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمواطنين. وبحسب سكان محليين فقد تصاعدت ألسنة اللهب في محطة حزيز الكهربائية التي تغذي العاصمة بالكهرباء، بعد تعرضها لنيران المواجهات بين القوات الحكومية ومسلحي الحوثي.
في السياق نفسه أكدت مصادر محلية في صنعاء إغلاق الحوثيين لطريق صنعاء - الحديدة، في منطقة الصباحة القريبة من أكبر معسكرات الجيش اليمني، حيث أقام الحوثيون مخيم اعتصام مسلح بالقرب منه، فيما قال سكان بالعاصمة إنهم سمعوا تحليقا متواصلا لطائرات دون طيار مساء الثلاثاء استمر أكثر من خمس ساعات، وأقام الحوثيون منتصف الشهر الماضي، مخيمات اعتصام داخل العاصمة صنعاء، إضافة إلى المداخل الرئيسة للعاصمة وحشدت فيها المئات من المسلحين الذين انتشروا في عدة تباب وأقاموا نقاط تفتيش على الطرق الرئيسة التي تربط صنعاء بالمحافظات الأخرى.
وتعهد وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب بحماية العاصمة صنعاء من أي اعتداء للجماعات الخارجة عن القانون، وقال الترب في لقاء مع ضباط شرطة الدوريات وأمن الطرق إن «المؤسسة الأمنية والعسكرية هي اليد القوية التي تحمي الوطن وتدحر المتربصين بآمنه واستقراره، كما أنها اليد الحامية التي تقوم بنجدة المواطن والحفاظ على حياته وممتلكاته». مشيرا إلى أن المؤسسة الأمنية والعسكرية تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، لكنها معنية بالحفاظ على السلم الأهلي والأمن والاستقرار والنسيج الاجتماعي. مؤكدا «ضرورة تنحي المؤسسة الأمنية عن الصراعات الحزبية والمذهبية حتى تتمكن من تأدية المهام المخولة لها دستورا وقانونا».