استقالة طبيب السبسي من حزب معارض بعد اتهامه بـ«استغلال مرض الرئيس سياسياً»

أكد أن صحة القائد الأعلى للقوات المسلحة «بخير الآن»

الباجي قائد السبسي
الباجي قائد السبسي
TT

استقالة طبيب السبسي من حزب معارض بعد اتهامه بـ«استغلال مرض الرئيس سياسياً»

الباجي قائد السبسي
الباجي قائد السبسي

أعلن الدكتور ذاكر لهيذب، الذي يعمل ضمن الفريق الطبي المعالج لرئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي، عن استقالته من حزب «التيار الديمقراطي» المعارض، بزعامة محمد عبو، واعتزاله الشأن السياسي، بعد ما اعتبره «حملة شتائم وتشويه» ضده كطبيب وكعضو في «حزب التيار الديمقراطي»، علاوة على اتهامه بـ«الاستغلال السياسي» لمهنته كطبيب مباشر لحالة الرئيس في المستشفى العسكري بتونس.
وقال الدكتور المستقيل، وهو طبيب مختص في أمراض القلب والشرايين، «حتى لا تختلط الأمور، وحتى لا تطغى السياسة على الوطنية وحب تونس، وحتى أرد على الاتهامات بالاستغلال السياسي لمهنتي، التي أعتبرها من أنبل المهن في العالم، أعلن استقالتي من (حزب التيار الديمقراطي)» المعارض.
وأوضح لهيذب من ناحية أخرى: «أنه ليس الطبيب الخاص لرئيس الدولة»، لكنه يعمل ضمن فريق طبي متعدد الاختصاصات، ساهم في علاج القائد الأعلى للقوات المسلحة، على حد تعبيره، مؤكداً أن الاستقالة «كانت خياري الشخصي، ولم تكن بسبب ضغوطات سياسية من أي نوع»، وأن «صحة القائد الأعلى للقوات المسلحة (الرئيس السبسي) الآن بخير».
وأثارت مشاركة لهيذب ضمن الفريق الطبي المباشر لرئيس الدولة جدلاً داخل الأوساط السياسية، حيث أشاد البعض بالتجربة الديمقراطية الناشئة في تونس، وأكد أنه لا ضرر في أن يكون طبيباً من حزب معارض إلى جانب رئيس الجمهورية، ليقدم له العناية الطبية رغم الاختلافات الآيديولوجية بينهما.
في سياق ذلك، أكدت مصادر سياسية وطبية تونسية متطابقة «تحسن الوضع الصحي للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إثر الوعكة الصحية الحادة التي ألمت به، وفرضت تلقيه العلاج داخل المستشفى العسكري بالعاصمة التونسية».
وللتأكيد على تجاوزه مرحلة الحرج، استقبل رئيس الدولة، مساء أول من أمس، بالمستشفى العسكري، كلاً من يوسف الشاهد رئيس الحكومة، ونجله حافظ قائد السبسي، الذي يتزعم «حزب النداء»، وتم اللقاءان بالتزامن، على الرغم من الخلافات السياسية بين الرجلين، حيث تحدث رئيس الجمهورية باقتضاب عن وضعه الصحي، كما تساءل عن التطورات الأمنية إثر العمليتين الإرهابيتين، وتم إطلاعه على كل مستجدات الوضع العام في تونس.
وأكدت المصادر الطبية والسياسية ذاتها أن الحالة الصحية لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، «تجاوزت مرحلة الخطر، ولم تعد الوعكة الصحية حادة».
في غضون ذلك، كشف الإطار الطبي المباشر لحالة الرئيس التونسي عن وضع رئيس الجمهورية في قسم طبي خاص، وتوفير طاقم طبي خاص به، مبرزاً أنه من غير الممكن لأي طبيب دخول القسم الطبي الذي يأوي السبسي باستثناء المكلفين بالاهتمام به.
كانت أحزاب المعارضة قد تمسكت بضرورة طرح الملف الطبي للرئيس التونسي على طاولة النقاش بين رؤساء الكتل البرلمانية، وبحضور رئيس البرلمان محمد الناصر، وذلك للتأكد من الوضع الصحي للرئيس، وطرح الحل الدستوري المناسب في حال إعلان شغور مؤقت، أو شغور دائم، لمنصب رئيس الجمهورية في حال استمرار الوعكة الصحية التي تعرض لها الباجي قائد السبسي. غير أن الناصر رفض هذا النقاش في انتظار تحسن صحة الرئيس.
على صعيد متصل، تحدث فيصل خليفة مساعد رئيس البرلمان المكلف الإعلام والاتصال، عن قضية عدم استقبال رئيس البرلمان سفراء الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا في مقر إقامته، إثر الأزمة الصحية التي تعرض لها الرئيس. وأشار إلى أن تداول هذا الخبر يدخل في خانة حرب الإشاعات وحملات التشكيك في مؤسسات الدولة. وأوضح خليفة أن جميع طلبات لقاء رئيس البرلمان من قبل سفراء الدول تقدم بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية، ويتم الإعلان عنها لعموم التونسيين، على حد تعبيره.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.