يمني في صنعاء يقتل بناته الثلاث بذريعة عجزه عن إطعامهن

ناشطون يحملون الحوثيين مسؤولية الجريمة

TT

يمني في صنعاء يقتل بناته الثلاث بذريعة عجزه عن إطعامهن

منذ أن أوقفت الميليشيات الحوثية رواتب الموظفين الخاضعين لها في مناطق سيطرتها، تعرضت آلاف الأسر إلى حالة غير من مسبوقة من العوز والفقر، وهو ما أدى إلى زيادة الأمراض النفسية وجرائم السرقة وحوادث الانتحار بشكل مطرد.
هذه المرة كانت ثلاث فتيات في عمر الطفولة والبراءة هن الضحايا، إذ أقدم والدهن ويدعى علي عبد الله النعامي على قتلهن غرقا في برميل للمياه تستخدمه الأسرة بعد أن عجز عن إطعامهن وضاقت في وجهه كل السبل.
وأفادت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن النعامي الذي يبدو من صورته أنه في عقده الخامس، عاطل عن العمل وتوقف راتبه من قبل الجماعة الحوثية، وبحسب مقربين منه عجز عن الحصول على أي مصدر للدخل بعد أن أغلقت الميليشيات الحوثية كل الأبواب في وجه سكان صنعاء.
ينتمي الأب القاتل إلى مديرية همدان شمال صنعاء، ويسكن في منزل بسيط بالإيجار في حي الصافية جنوب صنعاء، غير أن لم يتمكن من دفع الإيجار منذ أشهر، قبل أن يتصاعد التوتر بينه وبين زوجته جراء حالة الفقر المدقعة التي تلف الأسرة.
وبحسب التحقيقات الأولية مع القاتل اعترف بفعلته، بعد أن ألقى مواطنون القبض عليه، وقاموا بتسليمه لأجهزة الأمن الخاضعة للميليشيات الحوثية، مشيرا إلى أنه لم يكن لديه ما يفعله غير أن يتخلص من بناته قتلا دون أن يراهن وهن يتسولن في الشوارع أو يخدمن في المنازل.
في 11 صباحا من يوم الجمعة، كانت زوجة الأب القاتل قد غادرت إلى منزل أقاربها، وكانت لحظة مواتية للقيام بعمله الإجرامي، لقتل فلذات كبده، الكبرى واسمها ملاك (12 عاما) والوسطى رغد (10 أعوام) والصغرى رهف (سبع سنوات).
أثارت الحادثة غضبا في مواقع التواصل الاجتماعي بين النشاطين اليمنيين، الذين أكدوا في تغريداتهم أن المجرم والقاتل الحقيقي هي الميليشيات الحوثية التي سرقت اللقمة من أفواه الجياع وفق تعبير المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء الدولي.
ولفت الناشطون اليمنيون إلى كمية المساعدات الدولية الضخمة التي تجاهلت أسرة القاتل خلال أربع سنوات بسبب فساد الميليشيات الحوثية، بخاصة أن مقربين من النعامي كشفوا عن أنه مع مئات الأسر في الحي الذي يسكنه لا يجدون غير الماء وكسر الخبز من وقت لآخر.
وفيما قال بعضهم إن هذه الحادثة تعبير حقيقي عن حالة الجوع التي وصل إليها السكان في مناطق الجماعة الحوثية، طالبوا المنظمات الأممية بالتدخل السريع لإنقاذ آلاف الأسر من خطر الموت جوعا. وندد الناشطون اليمنيون باستمرار الميليشيات الحوثية في تعنتها وعدم السماح لبرنامج الأغذية الدولي بمواصلة أنشطته في صنعاء وفق الخطة التي يريد العمل بموجبها لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.
واتهم الناشطون القيادات الحوثية بالاستئثار بالمناصب والأموال والسطو على المساعدات وتوجيه كافة الأنشطة الخيرية لمصلحة المجهود الحربي، في الوقت الذي يتضور الآلاف من الجوع.
وبحسب ما أورده الناشط الحقوقي نبيل فاضل، هاجم النعامي أثناء التحقيق معه الجماعة الحوثية وحملها مسؤولية ما حدث له، وقال للمحقق «لم أتعود أن أمد يدي لأحد كنت أعمل في وظيفة محترمة وقطعتم مرتبي لأكثر من سنتين وعجزت عن توفير لقمة العيش لي ولبناتي، ومنذ ستة أشهر نأكل خبزا ونشرب ماء فقط».
ووفق الرواية نفسها زعم القاتل أن بناته أوشكن على الخروج للتسول، فيما حصل صاحب المنزل على حكم حوثي لإخراجه من منزله بعد عجزه عن دفع الإيجارات وقال «لا يوجد ما أضيفه أريد أن تقتصوا مني لألحق ببناتي وأطالبكم باستعجال الحكم».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».