واشنطن تدعو المجلس العسكري السوداني إلى الاستجابة لمقترح الاتحاد الأفريقي

عضو بالكونغرس يدعو ترمب لمعاقبة المسؤولين عن قمع المتظاهرين

TT

واشنطن تدعو المجلس العسكري السوداني إلى الاستجابة لمقترح الاتحاد الأفريقي

دعت الولايات المتحدة، المجلس العسكري السوداني، إلى التعاون بشكل بنّاء، مع المقترح الذي قدمه الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا، لنقل السلطة، بشكل سلمي، إلى حكومة مدنية. جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة «ترويكا» بشأن السودان أمس. ودعت الدول الثلاث المجلس العسكري إلى احترام حقوق الشعب السوداني في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.
وقال البيان: «للشعب السوداني الحق في حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي. يجب على المجلس العسكري الانتقالي احترام هذه الحقوق، والسماح بالاحتجاجات السلمية، وتجنب أي استخدام للعنف. تواصل دول الترويكا دعمها لمطالبة الشعب السوداني بتحول سلمي متفق عليه نحو الديمقراطية في السودان. كما نؤيد الوساطة الجارية من الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا». وأضاف البيان: «ندعو المجلس العسكري الانتقالي والقوات، إلى المشاركة بشكل بنّاء مع اقتراح الاتحاد الأفريقي - الإثيوبي لتحقيق انتقال ديمقراطي سلمي من خلال تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، وذلك من أجل الحرية والتغيير. سيساعد هذا التحوّل في استقرار البلاد وتمكين الترويكا والشركاء الآخرين من العمل مع حكومة السودان لمواجهة التحديات الاقتصادية للبلاد».
من جانبها، دعت وزارة الخارجية الأميركية إلى إجراء تحقيق موثوق ومستقل في أحداث ذلك اليوم. وعلق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان وهدد قادته بعقوبات لفشلهم في تسليم السلطة إلى حكومة يقودها مدنيون، الخطوة التي أشادت بها الخارجية الأميركية. وأكدت وزارة الخارجية أن واشنطن «تدعم بقوة وجود سودان مسالم وديمقراطي»، مشيرةً إلى أن هدف الحكومة الأميركية هو «الانتقال إلى حكومة يقودها المدنيون ويقبلها الشعب السوداني».
وجاء بيان دول «الترويكا» قبل ساعات من الموعد النهائي لتسليم المجلس العسكري الانتقالي السلطة إلى حكومة مدنية، والمقرر اليوم 30 يونيو (حزيران)، طبقاً لما حدده الاتحاد الأفريقي في مقترحه. ومنذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي، تولى المجلس العسكري إدارة البلاد، فيما طالب الشعب السوداني بأن يسلم المجلس السلطة إلى مدنيين في وقت لاحق، عقب استقرار الأمور.
من ناحية أخرى، طالب بعض المشرعين الديمقراطيين، إدارة الرئيس دونالد ترمب بمعاقبة قوات الدعم السريع السودانية وقائدها الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) لقمعهم المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، في الأسابيع الأخيرة.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب النائب الديمقراطي إليوت إنغل، إن «الأحداث الأخيرة في السودان جزء من نمط طويل من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكَبة ضد المدنيين العزل».
وكتب عضو الكونغرس، في بيان إلى الإدارة الأميركية، يوم الجمعة، أن العقوبات الأميركية «ستؤكد من جديد دعمنا الثابت للمبادئ الديمقراطية في السودان، وستبعث برسالة قوية إلى الشعب السوداني مفادها أن الولايات المتحدة تتضامن معهم في معركتهم لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان بموجب المجلس العسكري الانتقالي في السودان».
وحذر مسؤول أميركي من استخدام العنف ضد المدنيين، لافتاً إلى أن العقوبات هي إحدى الأدوات المطروحة على الطاولة في حالة استخدم المجلس العسكري العنف ضد المتظاهرين. وقال، في تصريحات صحافية: «نحتفظ بالحق في الرد بأي شيء موجود في صندوق الأدوات لدينا»، حسبما أفادت قناة «صوت أميركا». وأضاف المسؤول: «لم يكن هناك سبب للعنف الظاهر في الثالث من يونيو، وبالتأكيد لن يكون هناك سبب للعنف في 30 يونيو». وكانت قوات الأمن السودانية قد قامت بفض مظاهرة أمام وزارة الدفاع في العاصمة الخرطوم، في 3 يونيو، مما أدى إلى مقتل أو إصابة العشرات من الأشخاص.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.