مخاوف من خروج مظاهرات البصرة عن السيطرة

TT

مخاوف من خروج مظاهرات البصرة عن السيطرة

بينما فرضت الأجهزة الأمنية إجراءات مشددة في أماكن مختلفة في مدينة البصرة فقد دعت قيادة العمليات المتظاهرين إلى عدم التظاهر أمام بيوت المسؤولين بهدف الابتعاد عن بث الرعب في نفوس الأطفال والنساء.
وكانت المظاهرات الجماهيرية تجددت في البصرة (560 كلم جنوبي العراق) منذ أول من أمس بهدف المطالبة بالخدمات الأساسية وفي المقدمة منها الماء والكهرباء وفرص العمل. ومن أجل الحيلولة دون اتساع المظاهرات وخروجها عن السيطرة فقد فرضت القوات الأمنية فرضت إجراءات أمنية مشددة مثل وضع كتل كونكريتية أمام المؤسسات الحكومية ومباني القنصليات العربية والأجنبية في المحافظة تحسباً من الاقتحام من قبل المتظاهرين الغاضبين لسوء الخدمات. ورفع المتظاهرون كالعادة شعارات تطالب بتحسين الخدمات وإنهاء ملف البطالة، كما طالبوا بإقالة المحافظ أسعد العيداني وفتح تحقيق حول عقود المشروعات غير المنفذة والمتلكئة.
وتوعد المتظاهرون بتوسيع نطاق مظاهراتهم إذا لم تتخذ السلطات المحلية في المحافظة إجراءات عملية سريعة لتنفيذ تلك المطالب. وتأتي مظاهرات البصرة التي يتوقع امتدادها إلى باقي محافظات الجنوب والوسط في وقت شهد عدد من تلك المحافظات إقالات لعدد من المحافظين مثل محافظ ذي قار والديوانية وكربلاء.
إلى ذلك دعت قيادة عمليات البصرة المتظاهرين والهيئات التنسيقية والشباب البصري إلى عدم التظاهر أمام بيوت المسؤولين للابتعاد عن بث الرعب في نفوس الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى. وقالت القيادة في بيان أمس: «ندعو الإخوة المتظاهرين والهيئات التنسيقية والشباب البصري الغيور بعدم التظاهر أمام بيوت المسؤولين مما يؤدي إلى بث الرعب والخوف في نفوس الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى وبما يتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاق والغيرة البصرية». وأضافت القيادة: «علينا جميعا التحلي بالمسؤولية وعدم الإساءة للآخرين من خلال المطالبة بالحقوق ومعرفة الوقت والزمان والمكان والاختيار الصحيح للمظاهرات واستحصال الموافقات الرسمية بالتنسيق مع الجهات الحكومية والقوات الأمنية والابتعاد عن إثارة حفيظة المواطن البصري».
وكانت شرطة البصرة اتهمت من سمتهم بأعداء العراق بمحاولة حرف المظاهرات عن مسارها الصحيح، قائلة في نداء لها إن سلمية المظاهرات أمر «لا يروق لعملاء المخابرات الأجنبية والمستهدفين لاقتصاد العراق وأمنه وسلمه الاجتماعي؛ حيث حاول هؤلاء حرف المظاهرات السلمية عن مسارها والاعتداء على المال الخاص من خلال استهداف الدور السكنية ومنازل المسؤولين والمواطنين واستدراج الأجهزة الأمنية لاستخدام القوة لحماية المال العام والخاص».
وفي هذا السياق أكد محافظ البصرة الأسبق ووزير شؤون المحافظات السابق وائل عبد اللطيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك دائما مظاهرات بالبصرة، لكن هناك من يخلط بين حق التظاهر المكفول دستوريا ولا أحد يستطيع منعه وبين من يحاول حرف مسار المظاهرات لأهداف وأغراض أخرى»، مبينا أن «جزءا من هذا الخلط للأوراق يعود إلى أزمة المناصب في المحافظة وعائديتها إلى هذا الطرف أو ذاك حيث تغيرت العائديات نتيجة لعوامل مختلفة الأمر الذي أدى إلى تفاقم الصراع مرة حول الكراسي وأخرى من أجل الخدمات فعلا وهو ما يقوم به غالبية الناس دون تسييس». وأضاف عبد اللطيف أن «ملف الخدمات لم يعالج بشكل صحيح في محافظة منتجة للنفط وتمول أكثر من 80 في المائة من موازنة البلاد مثل البصرة بحيث لم تحصل على حقوقها الأساسية». وأوضح أن «مشكلات الماء والكهرباء والبطالة لم تجد لها علاجا حقيقيا برغم الوعود الكثيرة لمختلف المسؤولين، سواء كانوا في الحكومة المركزية أو المحلية».
من جهتها حذرت النائبة عن البصرة، ميثاق الحامدي، من اتساع رقعة المظاهرات في المحافظة. وقالت الحامدي في تصريح إن «أعدادا كبيرة من المتظاهرين احتشدت أمام منزل رئيس مجلس المحافظة صباح البزوني مطالبين بتحسين الخدمات وتعيين أبناء المحافظة في المؤسسات الحكومة وشركات النفط العاملة بالمحافظة»، وأضافت أنه «لم تحدث أي اعتداءات أو احتكاك بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين»، لكنها أعربت عن خشيتها من «اتساع رقعة المظاهرات في المحافظة». وطالبت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بـ«عقد اجتماع مجلس الوزراء المقبل في محافظة البصرة وإيجاد حلول عاجلة لإرضاء جماهير البصرة على ألا تكون وعودا كما حصل في حكومة العبادي، بل إجراءات فعلية وعاجلة».
من جهته، دعا المنبر العراقي الذي يتزعمه إياد علاوي إلى ضبط النفس والنظر بموضوعية لمطالب أبناء البصرة. وقال المنبر في بيان أمس الحكومة إلى «التدخل العاجل والنظر بموضوعية في مطالب أبناء البصرة وإيجاد معالجات حقيقية وعاجلة للتردي الواضح في ملفي الأمن والخدمات في المحافظة». وأضاف أن «الصمت إزاء معاناة البصرة وأهلها جريمة لا يمكن السكوت عنها»، داعياً أبناء المحافظة في ذات الوقت إلى «التهدئة وضبط النفس وعدم التعرض للممتلكات العامة واتباع السياقات والطرق السلمية للتعبير عن مطالبهم الاحتجاجية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.