ميساء مقدادي أول من أعطى دروس طهي في المزارع العضوية بالإمارات

في حِصصها طبخ واسترخاء وعودة إلى الجذور

ميساء مقدادي تعطي دروساً في المزارع العضوية
ميساء مقدادي تعطي دروساً في المزارع العضوية
TT
20

ميساء مقدادي أول من أعطى دروس طهي في المزارع العضوية بالإمارات

ميساء مقدادي تعطي دروساً في المزارع العضوية
ميساء مقدادي تعطي دروساً في المزارع العضوية

يمر الزمان ولا تنسى ميساء صواني البندورة المغطاة بقماش وقد وضعتها جدتها عند باب البيت بالقرب من شجرة البوملي، بغية تشميسها في انتظار أن تُحضّر منها الجدة أصنافاً متنوعة مثل معجون البندورة، وإلى جوارها تصطف صوانٍ أخرى فيها ميرمية وزعتر ونعنع؛ وثمار ونباتات أخرى يفوح منها رائحة تعطّر أرجاء الحارة.
لميساء مقدادي أمٌ أخذت عن أمِها حُسن الخلق في التعامل مع النِعم، فقد أحضرت مراراً راعي الأغنام إلى البيت لأجل إنتاج الجبنة النابلسية حتى تضمن نظافة المكونات؛ فيما كان يعبق المنزل برائحة حليب الغنم لأيام، وهذا الشغف المتصالح مع الطبيعة اتضح لاحقاً أنه وراثي.
ميساء مهندسة مدنية انعطف بها الطريق إلى هواية قديمة وأصبحت اليوم مُدرّسة طهي تسير على نهجٍ تعبّر عنه بجملة لا تفارق لسانها: «اللي ما كانت تاكله ست ستك ما تاكله».
من دون تكلّف؛ تستهل «الفلسطينية» ميساء حديثها مع «الشرق الأوسط» بالقول: «زرعت أمي البذرة في مشروعي من غير قصد، فما تبين لي أنه ليس بمقدور شخصٍ من بيئة عادية أن يتقن عملاً من هذا النوع، بدليل أن الكثيرين حاولوا تقليده ولم يفلحوا».
زُبدة مشروعها الذي بدأ في رؤية النور قبل أن يُسدل عام 2013 ستاره، تلخصّه قائلة: «لا يهدف مشروع (دردشات طعام من دبي) إلى نشر الوصفات فقط وإنما أيضاً إلى تعليم تقنيات في الطبخ لا تتأتى إلا عن طريق الخبرة والتجربة في تحضير الأطباق مراراً وتكراراً؛ مع التركيز على العودة إلى الجذور. الطبخ ليس اختراعاً؛ فقط مكونات صحيحة وتقنيات بسيطة تخلو من التعقيد؛ إلا أنها غير موجودة في كتب الطهي أو يوتيوب».
لقد استعارت لون السماء وطلَت بالأزرق طاولة خشبية أصبحت معمل الإبداع خاصتها؛ إذ تتوزّع عليها صحون تأسرك زرقة زخرفتها، تجلبها من مصنع النتشة بمدينة الخليل إلى حيث تقيم في مدينة دبي، ناهيك عن اقتنائها أدوات مطبخية مصنوعة من الخشب أو الفخار على غرار «القصعة المغربية»؛ نصرة منها لأيادٍ تجيد كيمياء الحب بالفطرة.

تحضيرات وصداقات
اتقدت شرارة الفكرة حين كانت تعمل في شركة فرنسية في الأردن وهناك تعرفت على جنسيات مختلفة وتجاذبت معهم أطراف الحديث عن الطعام حول العالم، ثم قررت الاستقالة للتفرع لأولادها والمضي قدماً نحو عمل يتوافق مع هواياتها، فوجدت أن مَدرسة الطهي تناسب أحلامها، أرادت فيها أن ينشأ حديث هادف ولطيف بين المشاركين حول الثقافات والمكونات الغذائية في العالم كله.
ميساء التي تجرّب الوصفة أكثر من أربعين مرة قبل أن تعطيها للمشاركين في الحصص، تقول إنها ليست أفضل من يطهي الطعام لكن احترافها يكمن في القدرة على التحضير بوقت قياسي وبمكونات ذات جودة عالية من الأرض مُقدّمة أطباقها بشكل جذاب، وتضيف: «لدي شغف بتعريف العالم على حضارة فلسطين التي لا يدخر الاحتلال وسعاً لطمسها؛ وبعيداً عن المهاترات السياسية رأيت في تدريس الأطباق الفلسطينية مشروعاً سلمياً قادراً على اجتذاب الكثيرين، فمطبخنا مع الأسف صار منسياً وتجميع الوصفات من الأمهات والجدات اللاوتي يتوزعن في الشتات ليس بالأمر الهيّن كسائر المطابخ في العالم». هي امرأة تعيش في جلباب أمها وجدّتها وفي الوقت نفسه تواكب مستجدات العصر؛ تتقصّى عن كل وصفة بالتواصل مع سيدات يمتلكن خبرة «العتاقي»؛ مستخدمة المكونات العضوية والمحلية قدر الإمكان؛ مع العلم بأنها تتجنب تحديث الوصفات التقليدية فتقدمّها بالشكل الصحيح الذي تناقلته الأجيال.
نظرة حبٍ تتبادلها مع لحظة تعود بها إلى أيام الطفولة، فتقول: «كنت طفلة لأم وأب صيدلانيين كرسّا حياتهما للطعام الصحي، كانت أمي تحرص على توفير الطعام المُحضّر بالبيت بجميع أنواعه فلا أذكر أنها اشترت لنا منقوشة زعتر من مخبز، إضافة إلى تقديسها لقيمة لأعشاب، فقلما أن قدمت للضيوف الشاي أو القهوة، مستعيضة عنهما بالملّيسة واليانسون».
وتتقن مُدّرسة الطهي وصفات لا يعرف سرها إلا الكبيرات في السن، ومن أهمها الخبز الفلسطيني بالزعتر الذي يتطلب جهداً في العجن، والمعمول الذي تجد فيه متعتها، ناهيك عن الكعك والمسخن، وما كان ذلك ليتأتى لولا أنها تعلمت من والدتها إدارة الوقت بشكلٍ سليم وطرق التخزين الصحيحة في المونة السنوية والشغف بالمكونات ذات الخير الوفير؛ وتبدو ممتنة إلى الحد الذي تعجز فيه عن شكر والدتها؛ فتقول: «صنعت أمي بي معروفاً حين غرست بداخلي فكرة مفادها (لنعرف ماذا نأكل)».
التقطت أنفاسها ثم أخبرتني عن جدتها: «أصابع ستي أم غازي - الله يرحمها - الغارقة بزيت الزيتون طوال النهار لن أنساها ما حييت، كانت تعجن بحب وترسل لنا باستمرار طناجر الملفوف وورق العنب».
تخبرني أيضاً بأنها لا تحب مناداتها بـ«شيف»، فعمل الطهاة، حسب رأيها له، أصوله فيما تفضل وصف نفسها بطباخة منزلية. تقول ميساء عن ذلك: «الطبخ المنزلي يعطي المشروع روح البيت، الموضوع ليس فقط أن نطبخ، فذلك الوهج العجيب في الحصة ينتج حين نعلّم وصفات صحية في البيت تتصل بجذور الأرض مما يثير الحماس أكثر، بخلاف لو كانت في استديو طبخ».
ووفق تقييمها يتطور مشروع «دردشات الطعام» بشكل فاق التوقعات، ولعل السبب الأهم في نجاحه؛ المصداقية وربط موضوع الطبخ بقصص من حياتها كما تقول.
تواصل حديثها بروح حلوة تُغبط عليها: «مشروعي يمتاز بالأجواء التي يخلقها الطبخ؛ ويسعدني أن أرى المشاركين قد خرجوا ممتلئين بطاقة إيجابية؛ حتى إنهم يرون في الحصص استرخاء يتخففّون فيه من ضغوط الحياة».
سألناها عن عوامل نجاح مشروع قد يبدو للبعض سهلاً، فرّدت بشفافية: «الأمر بحاجة إلى تحضيرات كبيرة وإتقان سابق للوصفات وطرق التدوين، لأن الحضور لم يجربوا الوصفة قط؛ لنأخذ الحمص مثالا؛ يتوجب علي تحديد المقادير (على التكّة) - بدقة متناهية - كم ليمونة بالضبط ومقدار الطحينية وغيره؛ وهذا يستدعي تكرار التجربة والوزن، الحصة تبدأ في العاشرة لكن استعدادي يبدأ من الساعة السادسة صباحا؛ وفي وقت باكر أجلب المكونات حتى أضمن طزاجتها».
وعما يلفت انتباهها في من يُقبلون على هذا النوع من الورش، تقول: «يلتحق بحصصي أناس مهتمون بالاطلاع على الثقافات الأخرى عن طريق الطعام، وكم أندهش من تناغمهم وعقدهم صداقات عميقة فيما بينهم؛ وتبادلهم الوصفات وحديثهم عن ثقافات مطابخهم بشغف مثير للاهتمام».
تضحك ميساء بعفوية وتحكي: «ثمة أشخاص يقطعون مسافات طويلة من أجل حضور الحصة فأسأل نفسي: «تُرى هل يستحق الأمر هذا العناء! الجواب: نعم يبدو أنه جدير بذلك».

زيت الزيتون عِشقي
في رحلة الحياة تحاول ميساء مقدادي الاعتناء بتوازنها الداخلي، وربما حبها للحقول وممارسة التأمل جزء من هذه المعادلة، فهي أول من أعطى حصص طهي في المزارع العضوية بالإمارات، «نقضي معاً وقتاً ممتعاً؛ (من الأرض للقلاّية للمعدة)؛ لا شيء يفتح الشهية أكثر من مكونات تم حصادها مباشرة من المزرعة»... تغمر السعادة صوتَها هنا.
لم تزر فلسطين من قبل رغم محاولاتها، ولكنها تمكنت بواسطة الطعام تغيير أفكار مغلوطة بشأن القضية الفلسطينية مما أدخل الفرحة والرضا إلى قلبها، تحدثني عن موقف أثرّ بها كثيرا: «هناك سيدة مكسيكية باحت لي بعد خامس حصة أنها كانت في كل يوم أحد تذهب مع رفاقها إلى الكنيسة للتبرع لصالح إسرائيل بدعوى أنها مضطهدة وتتعرض للإرهاب؛ ومن حيث لا أحتسب ذهبت حصص الطعام بها لوجهة مختلفة عندما أدركت المرأة أن ما تعرفه بشأن ما يجري في الشرق الأوسط لا يمتّ للحقيقة بصلة لتقوم بدورها بتصحيح الصورة لدى أصدقائها في المكسيك».
وبالدرجة الأولى يطلب المشاركون المسخن والمنسف والكنافة وشوربة الفريكة التي تحضرّها معلمتهم على طريقتها؛ تلك المعلمة لمست عن كثب ما يُعرف بـ«طاقة النّفس»، موضحة: «سبحان الله قد تمسك إحداهن بعجينة (ولا تنفش) لأن طاقتها سلبية، فيما يحدث العكس مع مشارِكة أخرى أخذت من العجينة نفسها، وهذا ما لا يصدقه عقل».
وقد يُقال «مجرد وصفات والسلام»! والحقيقة أنها عملية متكاملة. تعطي ميساء الشرح حقه، مستشهدة بمثال «الفتوش» الذي يستطيع أياً كان تحضيره، «إلا أن زيت الزيتون إن لم يكن أصلياً من فلسطين والسماق إن لم يكن من عجلون؛ ودبس الرمان ليس من لبنان وإذا لم تكن الخضراوات طازجة وباللهجة الشامية (بتقرش قرش)، فإن الفتوش لا معنى له».
إذن واحد من أهم أسرارها في الطبخ قد اتضح. إنها تجلب مكونات بعينها من «المكان الصحيح»، فزيت الزيتون يصلها كل عام من مدينة جنين، حيث يخرج الزيت بِكراً من عصارّات يبلغ عمرها مئات السنين، وبمناسبة زيت الزيتون تورد ملاحظة بنبرة فخر: «يعدّه الأجانب منتجا فاخرا ويشترونه بسعر باهظ، هم يجهلون أن الزيت من المكونات الأساسية في طعامنا نحن الفلسطينيين؛ استخدمه أجدادنا واستمرت الأجيال في تناوله».
يحلو لها أن تُهدي مقربيها سلالاً تحمل فيها أعمق مشاعرها، فمرطبان «لبنة جرشية» بزيت زيتون من فلسطين يجده المرء في وجبة فطوره يساوي الدنيا، حسب قولها. مفصحة لـ«الشرق الأوسط» أنها تعكف حالياً على إصدار كتاب يتأّلف من قصص ووصفات بأسلوب يضمن أن يستمتع به الصغير والكبير، تختلط فيه الأحاسيس ما بين قصص تُبكي تارة وتضحك تارة أخرى؛ تبعاً لها. وحتى تستكشف ميساء أكبر قدر من النكهات حول العالم لا تنقطع عن السفر وزيارة المطاعم. تقول صاحبة النَفس الأصيل في ختام حديثها: «أخلق الفرص من أجل تطوير ذاتي وأدائي؛ زرت تركيا وبرشلونة وتايلند وحضرت في كل منها حصص طهي منزلية أغنت تجربتي بالاطلاع على ثقافات الشعوب؛ وآمل يوماً أن اصطحب الشغوفات بهذا المجال في رحلة واسعة النطاق».



«سفرة مريم» في دبي يكمل قصة «بيت مريم»

طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)
طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)
TT
20

«سفرة مريم» في دبي يكمل قصة «بيت مريم»

طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)
طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)

لم يكن الأمر مستغرباً عندما وقع خيار «جائزة أفضل 50 مطعماً في الشرق الأوسط وأفريقيا» على سلام دقاق ليتم تتويجها كأفضل طاهية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2024. ولم يفاجأ من زار مطعمها «بيت مريم» في دبي بضمه إلى دليل ميشلان لعدة سنوات على التوالي، وليحتل هذا العام المرتبة الـ15 في لائحة أفضل 50 مطعماً في العالم العربي.

«سفرة مريم» دبي (الشرق الأوسط)
«سفرة مريم» دبي (الشرق الأوسط)

قصة نجاح الشيف سلام دقاق التي تحمل عشق بلدها فلسطين في أطباقها غذتها قصة حبها الذي لا يعرف حدوداً لوالدتها مريم التي أرادت سلام تخليد ذكراها عن طريق افتتاح مطعم يشبه بيت أمها من حيث الديكور والرائحة. «بيت مريم» ليس مطعماً بقدر ما هو منزل عائلي يشبه بيت كل شخص عربي، فيه الدفء، وفيه السخاء على الطاولة والأهم ما فيه الابتسامة العريضة والاستقبال الجميل. هذا هو باختصار «بيت مريم»، المطعم الأول الذي افتتحته سلام دقاق، لتكمل بعده قصة «مريم» من خلال افتتاح «سفرة مريم» في منطقة الوصل بدبي أيضاً.

صفة المطعمين المشتركتين، هي وجود الشيف سلام فيهما، فهي تعمل في المطعمين من دون كلل ولا تعب رغم عملها الدائم والدؤوب منذ الصباح الباكر في مطبخها الرئيسي وما تنشره الطاهية النشيطة على صفحتها على «إنستغرام» وهي تقوم بتحضير الأكل يومياً مستهلة كلامها دائماً بشكر الله على كل شيء وإلقائها التحية على متابعيها الذين لا تبخل عليهم بوصفاتها التي ورثتها عن والدتها الراحلة.

ديكورات جميلة في «سفرة مريم» (الشرق الأوسط)
ديكورات جميلة في «سفرة مريم» (الشرق الأوسط)

«سفرة مريم» هو أشبه بتكملة لـ«بيت مريم» الأصغر حجماً، فهو يتمحور حول طاولة السفرة الطويلة والتي تتسع لأشخاص عدة، وهنا تقول سلام دقاق لـ«الشرق الأوسط»: «أردت بأن يكون (سفرة مريم) مرآة للبيت الشرقي الذي يعتز بطاولة الطعام الكبيرة فيه، التي تجمع أفراد العائلة حولها». وهذه الطاولة الطويلة تزينها شجرة زيتون، يوجد مطبخ مفتوح، وركن مخصص للعصائر الطازجة وفرن حطب وديكور منزلي جميل يبدأ بمدخله الذي يجعلك تشعر وكأنك تدخل بيتاً في أحد بلدان بلاد الشام المعروفة بقناطرها الحجرية، وأول ما يطالعك في هذا الصرح الجميل صورة مريم الأنيقة والدة سلام دقام معلقة على الحائط وراء أريكة مريحة تذكرك بأثاث البيوت الشرقية في فترة الستينات والسبعينات الشهيرة بتصميماتها المميزة، من دون أن ننسى ماكينة الخياطة «سينجر» وستائر الدانتيل التي تسمح لأشعة الشمس بالتسلل بهدوء إلى البيوت.

الشيف سلام دقاق في مطعمها «سفرة مريم» (الشرق الأوسط)
الشيف سلام دقاق في مطعمها «سفرة مريم» (الشرق الأوسط)

المطبخ في «بيت مريم» و«سفرة مريم» يتميز كونه يرتكز على الوصفات التقليدية الأصيلة، ولكنه بنفس الوقت يواكب العصر ويركب موجة التجديد من دون الخلط والتشويه، لأن ابتكار بعض الأطباق التي تحمل توقيع سلام دقاق اعتمد على الذوق والقدرة على معرفة كيف يمكن خلق طبق جديد من دون تشويه التراث والعبث به.

تستخدم الشيف سلام منتجات طازجة غالبيتها من مزارع محلية، وهذا الأمر مهم جداً في أي مطبخ، لا سيما المطبخ الشامي الذي يعتمد على الخضراوات.

مدخل «سفرة مريم» في دبي (الشرق الأوسط)
مدخل «سفرة مريم» في دبي (الشرق الأوسط)

تكلمت عن مواصفات السفرة الشرقية التي تتسم بالسخاء في البداية، وهذا ما ستختبره في «سفرة مريم»، فالسفرة ستكون عامرة بالأطباق اللذيذة، بدأناها بطبق مميز جداً وهو الملوخية بالزيت، ويقدم من ضمن المقبلات فهو بسيط جداً ولكن نكهته تضاهي أي نكهة أخرى لأنه يعتمد على الزيت الفلسطيني النقي والثوم والليمون، ومن الأطباق المميزة التي جربناها، الكبة النيئة ولكن على الطريقة الفلسطينية التي تضيف بهارات خاصة إليها مثل الكمون الذي يعطي مذاقاً قوياً ولذيذاً، تتناول الكبة في خبز أشبه بالخبز المرقوق الذي يحضر في فرن المطعم وتضاف إلى اللقمة قطعة من البصل وبعض أوراق النعناع والفجل. وأردنا تذوق شيئاً آخر من ابتكارات الشيف سلام فاخترنا سلطة الكيل على طريقتها. لا بد من تذوق الخبز الذي يصنع في المطعم فهو لذيذ جداً وتطلق عليه اسم «خبز البيت»، أما الطبق الفائز من حيث النكهة وطريقة التقديم بالنسبة لي فكان الشيش برك مع اللبن بالثوم والصنوبر، فهو بالفعل مميز. كما تقدم الشيف سلام كريات من الكبة تضاف إليها صلصة خاصة تشبه الـ«غرايفي» وفيها خواص اللحم والخضراوات. وإذا كنتم من محبي اللبن أيضاً فأنصحكم بفتة اليولنجي (الدولما) أو ورق الدوالي (العنب) فهي مميزة من حيث الطعم والنكهة والشكل. أما بالنسبة للطبق الرئيسي فنصحتنا الشيف سلام بالمنسف الشهير في الأردن.

لبنة بروليه (الشرق الأوسط)
لبنة بروليه (الشرق الأوسط)

سمعنا الكثير عن طبق الحلوى الذي يقدم فقط في «سفرة مريم» وهو «لبنة بروليه»، الذي يعتمد على اللبنة بدلاً من الكريمة ويتم تحميص وجهها تماماً مثلما يكون وجه الكريمة المقرمش، وتضاف إليه قطع من البسكويت المقرمش بطعم الزعتر، الطبق فعلاً مميز والخلطة أكثر من رائعة، ومن الحلويات الشهيرة الأخرى، حلاوة الجبن وقطع «الغريبة» التي تعتبر رفيقة فنجان القهوة التركية على أصولها.

الملوخية بالزيت (الشرق الأوسط)
الملوخية بالزيت (الشرق الأوسط)

قصة نجاح «بيت مريم» و«سفرة مريم» تعتمد على شخصية الشيف سلام دقام وقربها من الناس، فهي تتميز بشخصية جميلة وابتسامة مرحبة بكل من يأتي إليها، وميزة المطعمين أنهما (وكما أرادت دقاق) أشبه بمنزل، لمسات الشيف سلام ونشاطها واضح في جميع زوايا وثنايا المكان، بما في ذلك الرسم على بعض الجدران، فالشيف فنانة بالطبخ والرسم أيضاً، وهذا ما يفسر شغفها بالطهي لأنه فن.