قادة المقاومة السودانية يحذرون من التعرض لمواكب «الحداد على الشهداء»

مشاورات واسعة لاتخاذ موقف موحد من المبادرة الأفريقية الإثيوبية

بابكر فيصل القيادي في «الحرية والتغيير» خلال حديث للصحافة (أ.ف.ب)
بابكر فيصل القيادي في «الحرية والتغيير» خلال حديث للصحافة (أ.ف.ب)
TT

قادة المقاومة السودانية يحذرون من التعرض لمواكب «الحداد على الشهداء»

بابكر فيصل القيادي في «الحرية والتغيير» خلال حديث للصحافة (أ.ف.ب)
بابكر فيصل القيادي في «الحرية والتغيير» خلال حديث للصحافة (أ.ف.ب)

حذر قادة ميدانيون للحراك السوداني من التعرض للمواكب التي ينوي تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير تنظيمها غداً، وحملوا المجلس العسكري الانتقالي المسؤولية عن أي «نقطة دم» قد تسيل جراء محاولات منع الاحتجاجات، بيد أنهم قالوا إن العسكري بمقدوره تحويل المواكب لاحتفالية بقبوله تسليم السلطة لحكومة مدنية، وأثناء ذلك تجري مشاورات واسعة بين مكونات القوى السياسية السودانية لاتخاذ قرار بشأن مسودة الاتفاق المقدمة من الوساطة الأفريقية الإثيوبية.
وأثناء ذلك تجري مفاوضات حثيثة بين جميع الأطراف السودانية، لتدارس الموقف من مسودة التوافق المشتركة، المقدمة للمجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير، من قبل الوسيطين الإثيوبي محمود درير، والأفريقي محمد الحسن لبات.
وقال المتحدث باسم لجنة العمل الميداني شريف محمد عثمان في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم أمس، إن المواكب التي ينوي تحالف إعلان الحرية والتغيير تنظيمها غداً باسم مواكب «الحداد على الشهداء والتمسك بالمدنية»، ستقوم في مواعيدها من دون النظر لأي تطورات سياسية قد تشهدها البلاد. وأعلن عثمان عن مسارات المواكب في المدن الثلاث «الخرطوم، وأم درمان والخرطوم بحري»، وتتجمع كلها في مناطق وسطية، وتتجه نحو منازل بعض «الشهداء» الذين لقوا حتفهم أثناء ثورة ديسمبر (كانون الأول)، في المدن المذكورة، لرمزيتها ولتأكيد خيار الشعب في سلطة مدنية، وينتظر أن يخاطبها عدد من قادة قوى إعلان الحرية والتغيير.
وجدد عثمان التمسك بسلمية المواكب المستندة إلى إرث ثورة ديسمبر (كانون الأول)، وفي الوقت نفسه حذر من سيناريوهات قد تلجأ لها السلطات لتبرر بها قمع مواكب المحتجين السلميين، وقال: «أي إجراءات فض عنيف يستخدمها المجلس العسكري، يتحمل مسؤوليتها، ونشدد على أن نيات لاستخدام العنف من المجلس العسكري ضد المدنيين والمتظاهرين السلميين في الخرطوم أو الأقاليم، يتحمل المسؤولية عن أي نقطة دم تسفك».
وحذر عثمان من محاولات لإرسال من سماهم «مخربين» لتبرير قمع الاحتجاجات، وتابع: «نتوقع منهم استخدام ذرائع مثلما فعلوا بقصة (كولمبيا)، ونحن من هنا نحذر من أي اتجاه لأعمال تخريب يتحمل مسؤوليتها المجلس العسكري، ولا تعبر عن روح الثورة السودانية، وعليهم (تفتيش) الجهة التي نظمتها». وأعلن عضو لجان العمل الميداني وهيب محمد سعيد، عن جداول ومسارات المواكب المقررة غداً للمرة الأولى من خلال مؤتمر صحافي، وقال: «المجلس العسكري يواصل في تكتيكات النظام المعزول، ويستخدم أدواته نفسها وهذا لن يثني الشارع والثوار والثائرات، لأنها مجربة من النظام السابق».
وأوضح سعيد أن المجلس العسكري الانتقالي، قام بفض الندوات الجماهيرية التي دعت لها الحرية والتغيير في الخرطوم والولايات، ومنعت قيامها بل وصادرت بعض الأجهزة، وشنت حملة اعتقالات على أعضاء لجان المقاومة والأحياء. وقال: «اليوم (أمس) اعتقل سكرتير لجنة المعلمين، واقتحم منزل الأستاذ عبد الخالق الطيب، ما يدل على أن جهاز الأمن واللجنة الأمنية وقوات الدعم السريع، تواصل عمليات القمع والاعتقال».
وأوضح سعيد أن التعتيم الإعلامي الذي يمارسه المجلس العسكري بقطع الإنترنت وسيطرته على أجهزة الإعلام الرسمية، اضطرهم لابتكار وسائل جديدة لإيصال رسالتهم للجماهير، وعرض جداول ومسارات المواكب عبر وسائل الإعلام العالمية، بعد أن كانوا يقدمونها عبر وسائط التواصل الاجتماعي، لتوصيلها للشعب والثوار في كل أنحاء البلاد.
وقال إن مسارات موكب «الحداد على الشهداء» المقرر غداً، تنطلق في كل من الخرطوم بحري، وأم درمان، والخرطوم، في «المحطة الوسطى، والمؤسسة» بحري إلى منزل الشهيد «صلاح»، فيما تتجمع مواكب الخرطوم جنوب والخرطوم وسط عند «محطة سبعة» وتلتحم مع موكب قادم من جنوب الخرطوم والذي يتجمع في محطة «البلابل»، ويتجه لمنزل الشهيد محجوب التاج.
وفي مدينة أم درمان سيتجمع سكان شمال في محطة «سراج» ويتجه لمنازل الشهيدين «محمود، وخاطر» في حي العباسية شرق وغرب، ونقطة تجمع أخرى في منطقة «ود البشير» لسكان أم بدة، وتتجه لمنزل الشهيدين كذلك ونقطة «حوش الخليفة، ومحطة الروبي» إلى منزل الشهيد حافظ.
وقال سعيد إن مواكب ولايات البلاد الأخرى متروكة للجان المدن المختلفة لتحديد مساراتها ونقاط تجمعها، وأضاف: «سيكون توقيت المواكب وفقا لتوقيت الثورة السودانية في الواحدة ظهرا»، وهو التوقيت الذي درجت قوى إعلان الحرية والتغيير لتنظيم مواكبها على ضوئه قبل سقوط نظام البشير. وأكد عثمان أن المواكب قائمة في مواعيدها بغض النظر عن التوصل لاتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي وفقاً لمسودة الوساطة المشتركة أو عدمه، وقال: «المواكب ستقوم في موعدها، لكن بمقدور المجلس العسكري تحويلها إلى مواكب احتفال لتسليم السلطة لحكومة مدنية، وبإمكانه جعلها تمضي إلى نهاياتها».
من جهة أخرى، تشهد الخرطوم حراكاً واسعاً، وسط توقعات بتوافق المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، على مسودة الاتفاق المقدمة من الوساطة الأفريقية الإثيوبية المشتركة. وتعكف كتل قوى إعلان الحرية والتغيير على دراسة المسودة، قبل أن تقدم موقفا موحدا بقبولها أو رفضها، في وقت رحب فيه حزب الأمة القومي بزعامة المهدي بالمبادرة، ووصفها بأنها «تفتح الطريق الوفاقي الوطني، نحو تأسيس الفترة الانتقالية»، وتابع: «نرحب بها وسوف نعمل مع حلفائنا في نداء السودان، بما فيهم الجبهة الثورية وقوى إعلان الحرية والتغيير، ونناشد الأخ عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية، وعبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان للتجاوب مع هذه المبادرة».
وعلى الرغم من وصف رئيس حزب الأمة الصادق المهدي أول من أمس للمواكب بأنها تصعيد في غير وقته، بيد أن الحزب دعا عضويته للمشاركة في المواكب، وقال في بيان: «نفياً للشبهات حول حراك 30 يونيو (حزيران) المقبل، فإن حزبنا يدعو جميع المواطنين للمشاركة فيه باعتباره تعبيرا جماعيا، عن إدانة انقلاب 30 يونيو 1989، والتركيز على الدرس المستفاد من تجربة هذه الانقلاب، ونظام الفساد أقامه لكي لا يتكرر». وأعلن الحزب عن إقامة ليلة سياسية كبرى بدارة بأم درمان بالتزامن مع ذكرى انقلاب الإنقاذ تتحدث فيها القوى السياسية كافة، لبيان كتاب النظام المخلوع.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.