تونس: أحد منفذي الهجومين الإرهابيين مُنع من السفر إلى سوريا والآخر جامعي

القضاء: ارتباط وثيق بين الانتحاريين ويتبعان خلية «داعشية»

أقارب الشرطي الذي قُتل في الهجوم الانتحاري بالعاصمة تونس خلال تشييع جثمانه أمس (أ.ف.ب)
أقارب الشرطي الذي قُتل في الهجوم الانتحاري بالعاصمة تونس خلال تشييع جثمانه أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: أحد منفذي الهجومين الإرهابيين مُنع من السفر إلى سوريا والآخر جامعي

أقارب الشرطي الذي قُتل في الهجوم الانتحاري بالعاصمة تونس خلال تشييع جثمانه أمس (أ.ف.ب)
أقارب الشرطي الذي قُتل في الهجوم الانتحاري بالعاصمة تونس خلال تشييع جثمانه أمس (أ.ف.ب)

أكد سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أن الأبحاث الأمنية الأولية بخصوص العمليتين الإرهابيتين اللتين وقعتا صباح أول من أمس بكل من نهج (شارع) شارل ديغول وأمام مقر فرقة مكافحة الإرهاب بمنطقة القرجاني بتونس العاصمة، أفضت إلى وجود ارتباط وثيق بين منفذي العمليتين. وأشار السليطي إلى أن العلاقة ثابتة بين الطرفين، موضحاً أنهما يعرفان بعضهما بعضاً جيداً، على حد قوله.
وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي تبنيه الهجومين الإرهابيين، مؤكداً أن العنصرين اللذين نفذا الهجومين يتبعان خلية «داعشية» في تونس تم تجنيدها وإعدادها لتنفيذ مخططات إرهابية. وكان الهجومان الإرهابيان اللذان وقعا وسط العاصمة التونسية، قد استهدفا عناصر الأمن التونسي؛ مما أدى إلى وفاة أحدهم خلال اليوم الأول وإصابة ثمانية آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، من بينهم اثنان من المدنيين.
وبشأن هوية منفذي العمليتين الإرهابيتين، فإن الإرهابي التونسي الذي فجّر نفسه في مقر فرقة مكافحة الإرهاب بمنطقة القرجاني بالعاصمة التونسية، قد أكدت أجهزة الأمن التونسي أنه يدعى محمد أمين الكحلاوي، ويبلغ من العمر 25 سنة، وهو حاصل على شهادة جامعية ومتخرج في إحدى الجامعات التونسية، وهو من سكان حي التضامن، أكبر حي شعبي في ضواحي العاصمة التونسية، ومسجل لدى الدوائر الأمنية ومعروف لديها بأنشطته المتطرفة، وقد حاول السفر إلى سوريا والالتحاق بالتنظيمات الإرهابية الناشطة في بؤر التوتر، لكن الأمن التونسي ألقى عليه القبض وأوقفه لفترة زمنية محدودة، قبل أن يترك سبيله، وقد أحيل السنة الماضية على أنظار فرقة لمكافحة الإرهاب بسبب تمجيده الإرهاب، وأخلى القضاء التونسي سبيله كذلك؛ لعدم كفاية أدلة الإدانة المقدمة ضده.
وعرضت أجهزة الأمن التونسي المختصة في مكافحة الإرهاب تفاصيل الهجوم الإرهابي على مقر فرقة مكافحة الإرهاب، واعتبرت أن الهجوم كان «انتقامياً» نتيجة النجاحات الأمنية المتتالية التي حققتها أجهزة الأمن وقضائها على عناصر إرهابية قيادية عدة تتبنى العنف والتطرف. وأكدت أن منفذ الهجوم فشل في اقتحام الثكنة الأمنية، وبعد محاولة عناصر الأمن محاصرته فجّر نفسه قرب مأوى للسيارات على بعد أمتار عدة من مدخل الثكنة. وأكدت أنه قفز من أعلى سور يحيط بمقر الثكنة الأمنية، لكن أربع سيارات أمنية منعته من الوصول إلى المقر، وإلحاق أكبر ضرر في صفوف الأمنيين المختصين في مكافحة الإرهاب.
أما إرهابي شارع شارل ديغول فيدعى، وفق التحريات الأمنية، التي أجرتها الأجهزة المختصة في مكافحة الإرهاب، منصف المنصري، وهو من سكان منطقة المغيلة من ولاية - محافظة - سيدي بوزيد، وفي هذه المنطقة جبل المغيلة الذي يتحصن بها إرهابيون من خلية «جند الخلافة» المبايعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، ويبلغ من العمر نحو 45 سنة، وكان يعمل حارساً ليلياً بإحدى المؤسسات الخاصة قبل أن يستقطبه تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو مصنّف «خطير» من قبل أجهزة الأمن التونسية.
وإثر الهجومين الإرهابيين، أدانتهما الأحزاب السياسية التونسية والمنظمات النقابية والاجتماعية، واعتبرت أن أفضل رد على الإرهاب، هو التمسك بالوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء الفوضى ومواجهة التنظيمات المتطرفة، ببسالة غير مسبوقة، وإجراء الانتخابات التونسية المقررة نهاية السنة في موعدها المحدد.
في السياق ذاته، أدانت الدول العربية التفجيرين الإرهابيين اللذين حدثا في العاصمة التونسية، وأعربت عن رفضها ونبذها الكامل مختلف أشكال العنف والتطرف.
في غضون ذلك، أوقفت فرقة الشرطة العدلية بالحامامت (شمال شرقي تونس)، الليلة التي سبقت حدوث الهجومين الإرهابيين، شاباً تونسياً نشر على صفحته بمواقع التواصل تدوينة لمح فيها إلى وقوع العمليتين الإرهابيتين اللتين نفذتا بالعاصمة، ودعا إلى الاستعداد لحرب أهلية بعد سماع خبر غير سار.
وبالتحري في صفحة «فيسبوك» هذا الشاب، ثبت نشره سابقاً لتدوينات تمجد التنظيمات الإرهابية؛ وهو ما أدى إلى إحالة ملفه على أنظار الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بالعاصمة التونسية.
وبشأن تأثير هذين الهجومين الإرهابيين على الوضع الاقتصادي خاصة القطاع السياحي، أكد خالد فخفاخ، رئيس الجامعة التونسية للنزل (هيكل نقابي مستقل) على عدم وجود إلغاء للحجوزات السياحية في الوقت الحالي، مؤكداً قوله: «لم تصل الجامعة أي بيانات رسمية حول الإلغاء أو إصدار تحذير لرعايا دول من زيارة تونس». واعتبر أن الهجوم لم يستهدف فنادق سياحية على غرار الهجوم الإرهابي في مدينة سوسة سنة 2015، أو مواقع أثرية ذات طابع سياحي مثل متحف باردو الوطني خلال السنة نفسها غير أن استهداف المؤسسة الأمنية، قد يكون مؤثراً بشكل غير مباشر على النشاط السياحي اعتباراً إلى أن وزارة الداخلية التونسية أعلنت عن تجنيد أكثر من 30 ألف عنصر أمني لتأمين المناطق السياحية الكبرى ومراقبة مداخل المدن السياحية. وتوقع أكثر من خبير اقتصادي أن تكون لهذين الهجومين تداعيات مستقبلية على الأنشطة السياحية في تونس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.