أثارت الحالة الصحية للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، جدلاً سياسياً ودستورياً واسعاً حول أحقية من يمكن أن يتولى خلافته في حالة إعلان عجزه المؤقت، أو النهائي، عن مباشرة منصبه الرئاسي. ويتنافس على هذا المنصب كل من يوسف الشاهد رئيس الحكومة الحالية، ومحمد الناصر رئيس البرلمان التونسي، لكن هذا الأمر يظل مرتبطاً بالوضع الصحي لحالة الرئيس. فإن ثبت أنه يعاني من عجز مؤقت عن مباشرة مهامه الرئاسية، فإن الشاهد في هذه الحالة هو الذي سيتولى رئاسة الجمهورية إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية. أما في حالة العجز الدائم بما يعني الشغور الدائم، فإن رئيس البرلمان محمد الناصر هو الذي سيتولى هذا المنصب إلى حين تنظيم انتخابات جديدة.
ومنذ أول من أمس عاد الملف الصحي للرئيس التونسي يطرح بقوة داخل الأوساط السياسية، خصوصاً أن الطارئ الصحي الذي تعرض له الرئيس يأتي قبل أسابيع قليلة من بدء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأيضاً على اعتبار أنه هو الذي سيدعو الناخبين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع.
وحتى لا يرتفع الجدل بين مختلف الأطراف السياسية حول الحالة الصحية للرئيس، والتوجه نحو إعلان عدم قدرته على الاضطلاع بوظيفته، فند رئيس البرلمان كل الإشاعات التي تحدثت عن عجز الرئيس التونسي، وعدم قدرته على مواصلة مهامه الدستورية. ونتيجة لهذا الموقف، لم يتمخض الاجتماع، الذي دعا إليه مساء أول من أمس بمقر المجلس، إلى موقف محدد حول حقيقة الوضع الصحي للباجي قائد السبسي، خصوصاً بعد أن جدد محمد الناصر التأكيد على أن حالة الرئيس الصحية «مستقرة... ولا يرى جدوى من نظر البرلمان في هذا الملف».
لكن أحزاب المعارضة تمسكت بطرح الملف للنقاش، والاستعداد لكل الاحتمالات، حيث أكد سالم الأبيض، رئيس الكتلة الديمقراطية المعارضة، على ضرورة طرح الموضوع للنقاش، وعدم تجنب الحديث عن الملف الصحي للرئيس، مؤكداً أن «الحالة الصحية الحرجة لرئيس الجمهورية لا تخفى على أحد، ويجب اتخاذ كل الاحتياطات القانونية»، على حد تعبيره.
في المقابل، كشفت مصادر مقربة من حزب «حركة تحيا تونس» أن قيادات الحزب أبدت غضبها وانزعاجها من سلوك بعض مناصريها في تأويل حالة شغور منصب الرئاسة، والوضع الصحي للرئيس، وقالت إنها فضلت عدم الخوض في هذا الموضوع في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها تونس، بعد الهجومين الإرهابيين المتزامنين، اللذين استهدفا عناصر الأمن أول من أمس في العاصمة التونسية.
من جهته، أكد نور الدين بن نتيشة، المستشار الأول لدى رئيس الجمهورية المكلف العلاقة مع مجلس نواب الشعب والأحزاب السياسية، أن حالة رئيس الجمهورية مستقرة، وعبر عن استغرابه من حديث أطراف عن حالة شغور في منصب رئيس الجمهورية بقوله «في دول أخرى يغيب الرؤساء والملوك لعدة أسابيع أو أشهر، ولا يتم حتى مجرد التفكير في شغور المنصب».
في السياق ذاته، أكدت سعيدة قراش، المتحدثة باسم رئاسة الجمهورية، أن قائد السبسي أجرى صباح أمس اتصالاً هاتفياً مع عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع، استفسر فيه عن الوضع العام في تونس، وهو ما قطع الطريق أمام تنامي الإشاعات التي روجت لوفاته، وأجل الخوض في خلافته أمام عدد من الطامحين لخلافة الباجي.
على صعيد آخر، أفادت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشروعات القوانين، بأن رئيس الحكومة طلب من الهيئة استعجال النظر في الطعن المقدم من قبل 51 نائباً من الكتل النيابية، الرافضة لتعديل القانون الانتخابي، مؤكدة أنها فتحت المجال لحق الرد على هذا الطعن، إما من قبل رئيس الجمهورية، أو من رئيس الحكومة، أو من أعضاء البرلمان لمدة ثلاثة أيام منذ تلقيها الطعن.
كان البرلمان التونسي قد صادق على تعديل مثير للجدل حول القانون الانتخابي، وهو تعديل يقصي رؤساء المؤسسات الإعلامية ورؤساء الجمعيات الأهلية من الترشح للانتخابات المقررة خلال الثلث الأخير من السنة الحالية، لكنه قوبل بانتقادات كثيرة من قبل أحزاب المعارضة التي وصفته بـ«القانون المعد على المقاس»، وتقدمت بطعن دستوري ضده.
جدل في تونس حول «الأحقية الدستورية» في خلافة رئيس الجمهورية
منافسة غير معلنة بين رئيس الحكومة ورئيس البرلمان
جدل في تونس حول «الأحقية الدستورية» في خلافة رئيس الجمهورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة