«الجيش الليبي» يؤكد استعداد قواته بعد تجدّد الاشتباكات جنوب طرابلس

السراج يعوّل على دور غينيا في مجلس الأمن «لحقن الدماء»

TT

«الجيش الليبي» يؤكد استعداد قواته بعد تجدّد الاشتباكات جنوب طرابلس

قالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق» الليبية، برئاسة فائز السراج، أمس، إن قواتها اشتبكت مع قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، في منطقة المخاريم، وسط بلدية السبيعة جنوب العاصمة طرابلس، دون أن تعلن عن أي تفاصيل إضافية. لكن مسؤولا في «الجيش الوطني» قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاشتباكات تأتي في إطار صد الجيش لهجوم جديد شنته القوات الموالية لحكومة السراج على مواقعه في تخوم العاصمة، فيما أعلنت غرفة «عمليات طرابلس»، التابعة للجيش الوطني، أن أوضاع وحدات الجيش الوطني في مختلف محاور القتال في طرابلس «ممتازة جداً، دون استثناء».
وأعلنت قوات «الوفاق»، ليلة أول من أمس، اعتراض رتل لقوات «الجيش الوطني» في ضواحي غريان، التي كانت قاعدة الإمداد الرئيسية للجيش في زحفه نحو العاصمة، مشيرة إلى أنها تمكنت من اعتقال 20 عسكرياً، وأن الرتل الذي فر إلى منطقة أم البقر كان في طريقه إلى سبها، قبل أن يتم تدمير آليات، وغنم 7 آليات مسلحة.
ونشرت قوات السراج صوراً على صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك» تظهر آليات مدمرة، وغنمها كمية من الأسلحة الثقيلة.
وفيما بدا أنه بمثابة ترحيب ألماني رسمي بسيطرة قوات السراج على غريان، قال أوليفر أوكازا، السفير ألمانيا لدى ليبيا، في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، إنه «مرتاح لرؤية المجلس البلدي المنتخب في غريان يعود للعمل... ويحدوني الكثير من الأمل في أن تنجو المدينة من أي عنف إضافي».
وتمكنت قوات السراج من استعادة مدينة غريان، التي تقع على بعد 80 كيلومتراً جنوب طرابلس، في أول تقدم عسكري لافت لها، منذ أن فرضت قوات «الجيش الوطني» سيطرتها على المدينة مطلع أبريل (نيسان) الماضي.
في المقابل، تحدث المركز الإعلامي لغرفة عمليات «الكرامة»، التابع لـ«الجيش الوطني»، عن ما وصفه بتوالي عربات الإسعاف على مركز طرابلس الطبي، وأبو سليم الحوادث، من دون توقف، لافتاً إلى وجود أعداد كبيرة من قتلى وجرحى الميليشيات.
بدورها، أعلنت غرفة «عمليات طرابلس»، التابعة للجيش، مدينة غريان «منطقة عمليات عسكرية لسلاح الجو»، وقالت في بيان لها مساء أول من أمس «إنه سيتم استهداف أي آلية للميليشيات وتجمعاتهم»، وحذرت المواطنين من الاقتراب من تجمعات وآليات الحشد «الميليشياوي»، في إشارة إلى قوات حكومة السراج، لافتة إلى أن «أوضاع وحدات الجيش الوطني في مختلف محاور القتال في طرابلس ممتازة جداً، دون استثناء».
وبعد ساعات فقط من سيطرة قوات السراج على مدينة غريان الاستراتيجية، جنوب طرابلس، زارتها مساء أول من أمس لجنة الطوارئ بحكومته، حيث أعلنت عن تخصيص 10 ملايين دينار من ميزانية الطوارئ لبلدية غريان، وذلك بهدف دعم المرافق الحيوية والقطاعات العامة بالمدينة. كما سلمت اللجنة، وفقاً لبيان حكومي، شحنة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وسيارات إسعاف، ومبلغ 150 ألف دينار نقدي للاستخدام العاجل.
وطبقاً للبيان ذاته، فقد قامت لجنة الطوارئ أيضاً بتقييم الأوضاع الأمنية والخدمية بالمدينة، تمهيداً لتقديم الدعم اللازم لإعادة تفعيل الخدمات بها، وقالت لدى زيارتها مستشفى غريان إنها عازمة على توفير الاحتياجات العاجلة لتمكينه من الإيفاء بالخدمات الطبية اللازمة.
وفي سياق ذلك، كرر السراج، خلال زيارته أول من أمس إلى غينيا الاستوائية، وإجرائه محادثات مع رئيسها تيودورو أوبيانغ، إشادته بقواته في معارك طرابلس، وقال إنها استطاعت صد ما وصفه بـ«العدوان»، واستعادة أهم المواقع التي احتلها، مؤكداً أنها «تواصل مهامها بكل عزيمة لدحره تماماً».
وأضاف السراج، بحسب بيان أصدره مكتبه أمس: «إننا دعاة سلام، لكننا اضطررنا لخوض هذه الحرب دفاعاً عن أهلنا وعاصمتنا ومدنية الدولة»، مشيراً إلى أنه طرح في هذا الإطار مبادرة سياسية للخروج من الأزمة، تتلخص في دعوة جميع الليبيين المؤمنين بالحل السلمي وبالدولة المدنية، والرافضين لعسكرة الدولة، إلى ملتقى وطني يمهد لانتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية 2019، يضع لها الملتقى القاعدة الدستورية المناسبة.
وأعرب عن تطلعه إلى غينيا، العضو الحالي في مجلس الأمن الدولي، لكي تعمل على «إيجاد موقف مساند للشعب الليبي داخل المجلس، لا يساوي بين المعتدي والمعتدى عليه، ويرغم القوات المعتدية على العودة إلى الأماكن التي انطلقت منها، ويساهم عملياً في حقن دماء الليبيين من الجانبين، وفقاً للمبادرة التي طرحتها، والتي تتيح لليبيين اختيار من يتولى مسؤولية الحكم».
ونقل السراج، في بيانه، عن الرئيس الغيني إدانة بلاده لما وصفه بالاعتداء على العاصمة طرابلس، داعياً المجتمع الدولي إلى العمل على وقف هذه الهجمات، حتى تستعيد ليبيا استقرارها، مؤكداً أنه «لا حل عسكرياً للأزمة»، مشدداً على «ضرورة العودة إلى مسار السلام والتوافق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».