موريتانيا... استقالة وزير والتحقيق مع 30 مسؤولاً في تهم فساد

أغلبها ملفات كانت عالقة منذ سنوات وبدأت السلطات تصفيتها

TT

موريتانيا... استقالة وزير والتحقيق مع 30 مسؤولاً في تهم فساد

استدعت شرطة الجرائم الاقتصادية في موريتانيا، أمس (الجمعة)، أكثر من ثلاثين مسؤولاً للتحقيق معهم في تهم فساد تتعلق بملفات كانت بحوزة المفتشية العامة للدولة، من ضمنهم مسؤولون سابقون في مؤسسات حكومية وبعض الشركات التابعة للدولة.
وأدت هذه التحقيقات إلى استقالة وزير الثقافة والصناعة التقليدية الناطق باسم الحكومة سيدي محمد ولد محم، وذلك على خلفية التحقيق مع زوجته التي كانت تشغل منصب المدير العام للتلفزة الموريتاني خلال خمس سنوات (2013 - 2018)، وقبِل الوزير الأول الموريتاني محمد سالم ولد البشير استقالة ولد محم، فيما أصدرت رئاسة الجمهورية مرسوماً يكلف وزير الوظيفة العمومية والعمل والتشغيل وعصرنة الإدارة، سيدنا عالي ولد محمد خونا، بمهام الوزير المستقيل.
وقالت مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن التحقيقات التي أجرتها الشرطة الاقتصادية شملت سابقين وحاليين، وذلك ضمن ملفات فساد يعود أغلبها إلى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، ولكنها لم تشمل أي مسؤولين رفيعي المستوى، إذ كان أغلب المستجوبين رؤساء مصالح وإدارات فرعية في شركتي المياه والكهرباء وبعض المؤسسات شبه الحكومية.
وجاءت هذه التطورات بعد قرابة أسبوع على تصويت الموريتانيين في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية الذي أسفر عن فوز المرشح محمد ولد الغزواني بنسبة 52 في المائة، وهو المرشح المدعوم من طرف ولد عبد العزيز وائتلاف أحزاب الأغلبية الحاكمة، فيما ينتظر أن ينصب الرئيس الموريتاني الجديد مطلع شهر أغسطس (آب) المقبل، وفق ما ينص على ذلك الدستور الموريتاني.
وكان أربعة من المرشحين للانتخابات الرئاسية، وهم مرشحو المعارضة، قد أعلنوا رفضهم لفوز ولد الغزواني مؤكدين أن عمليات تزوير شابت الانتخابات، وتقدم ثلاثة منهم بطعون إلى المجلس الدستوري، اعتبروا أنها تؤكد أن النتائج الحقيقية للانتخابات تفرض اللجوء لشوط ثانٍ، ومن المنتظر أن يبت المجلس الدستوري في هذه الطعون خلال أيام قليلة ليعلن النتائج النهائية.
في غضون ذلك لا تزال الإجراءات الأمنية مشددة في البلاد، وخاصة في بعض أحياء العاصمة نواكشوط، وذلك بعد أحداث شغب أعقبت إعلان النتائج المؤقتة من طرف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهي أحداث شغب قالت الحكومة الموريتانية على لسان وزير الداخلية أحمدو ولد عبد الله إن «أيادي خفية أجنبية» تقف خلفها، مشيراً إلى اعتقال أكثر من مائة أجنبي متورطين فيها، أغلبهم يتحدرون من دول الجوار (السنغال، مالي وغامبيا).
واستدعت وزارة الخارجية الموريتانية سفراء هذه الدول الثلاث وأبلغتهم بالأمر، وطلبت منهم دعوة مواطنيهم إلى الابتعاد عن التدخل في الشأن الموريتاني، فيما جرى التحقيق معهم وإحالتهم إلى القضاء، وقال وزير الداخلية الموريتاني إنهم سيخضعون لأقصى العقوبات، وقد يتم ترحيل من كانت مخالفاتهم عادية.
وفي ظل أجواء التوتر التي شهدتها البلاد، قطعت السلطات الموريتانية بشكل تام خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول، فيما قطعت جزئياً خدمة الإنترنت الثابت، لتبقى مقتصرة على الشركات والإدارات والبنوك.
ولكن الحكومة الموريتانية أعلنت مساء الخميس أن «الوضع تحت السيطرة» وأن أجهزة الأمن نجحت في إفشال «المخطط الأجنبي» الذي حاول منفذوه استغلال فترة الانتخابات وأجواء الصراع السياسي في البلاد من أجل «زعزعة الأمن والاستقرار».
وأكد الناطق باسم الحكومة الموريتانية أن خدمة الإنترنت ستعود بشكل كامل إلى كافة مناطق البلاد عندما تختفي أسباب قطعها، مشيراً إلى أن أسباب قطعها «أمنية» وللسلطات والأجهزة الأمنية «سلطة التقدير» في هذا الموضوع.
وكانت المعارضة الموريتانية قد دعت أنصارها إلى الابتعاد عن «الشغب والعنف»، مؤكدة تمسكها بأمن واستقرار البلاد، وألغت مظاهرة كانت ستنظمها مساء الخميس للاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية، وقالت إن الأجواء في البلاد غير مواتية للتظاهر.
وقالت المعارضة إن موريتانيا دخلت في «أزمة انتخابية» وإن هذه الأزمة لا يمكن أن تحل إلا بحوار سياسي حقيقي بين مختلف الأطراف، ينهي حالة التوتر في البلاد، وهو الطلب الذي لم تعلق عليه الحكومة الموريتانية التي تعد حكومة «تصريف أعمال» في انتظار تنصيب الرئيس الجديد للبلاد واختياره لحكومة جديدة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.