روحانيات بيوت الجبال السعودية والمصرية في معرض فني

ريهام الشربيني عكست في لوحاتها قوة الترابط بين البلدين وصلابته

وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم مع الفنانة ريهام الشربيني في المعرض (الشرق الأوسط)
وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم مع الفنانة ريهام الشربيني في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

روحانيات بيوت الجبال السعودية والمصرية في معرض فني

وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم مع الفنانة ريهام الشربيني في المعرض (الشرق الأوسط)
وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم مع الفنانة ريهام الشربيني في المعرض (الشرق الأوسط)

لطالما اجتذبت جبال المملكة العربية السعودية، المبدعين، بفضل مكانتها الدينية ومعالمها الأثرية وهويتها التاريخية المتوارثة عبر العصور، إضافة إلى طبيعتها الخلابة، حيث تزهو بنباتات ووديان وينابيع جميلة، ولكن لم يكن ذلك وحده ما جذب التشكيلية المصرية د. ريهام الشربيني إلى المرتفعات الجبلية أثناء إقامتها في المملكة للتدريس بكلية الفنون والتصاميم بجامعة «الأميرة نورة بنت عبد الرحمن» بالرياض، إذ أسرتها البيوت التي تحتضنها الجبال، وتزدان بوجودها حولها، لتجسدها في معرض فني يقدم أيضاً رؤية فنية لسلسلة جبال البحر الأحمر المشتركة بين مصر والسعودية، التي تتميز بانسيابية الأحجار وتدرجها اللوني، وتناغمها مع عناصر الطبيعة المحيطة لتشكل تكوينات بصرية خلابة.
المعرض الذي افتتحته أخيراً الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، والسفير الفرنسي بالقاهرة ستيفان روماتيه، في قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية وسط القاهرة، تحت عنوان «طبيعة جبلية بين مصر والسعودية».
في حديثها إلى «الشرق الأوسط» تقول د. ريهام: «جذبتني الطبيعة الجبلية في المملكة أثناء إقامتي بها للتدريس الجامعي لمدة 3 سنوات، انبهرت خلالها بجمال الجبال السعودية، بما يرتبط بها من أبعاد تاريخية وسياحية وإنسانية ودينية، لكن أكثر ما توقفت عنده، ولمس وجداني كفنانة، هو ارتباطها الوثيق بالبيوت».
في السعودية تختلف الطبيعة الجغرافية من مكان إلى آخر، لكنها كفنانة أبهرتها البيوت القابعة في سكون وطمأنينة في حضن الجبال، لتنقل لنا إحساساً عميقاً بالدفء إلى جانب روعة المناظر الطبيعية التي تشكلها، مثل الجبال ذات اللون الرمادي مع البيوت البيضاء، أو الجبال بلونها البني مع أشعة الشمس القوية، في انسجام لوني بديع.
وعبرت الفنانة عن هذا التناغم في التكوينات والألوان بلغة بصرية عذبة تخلو من الشخوص، وتشرح ذلك بقولها: «لم أرسم الشخوص، لكن أرواحهم وأنفاسهم وتأثيراتهم حاضرة بقوة في المكان، فالبشر يمرون ويعيشون ويغادرون على مر السنين، لكن تبقى الأمكنة باقية شاهدة على الأصالة والحضارة».
وتتابع: «أسرني منظر البيوت فوق الجبال، أو بجوارها، في حالة من الاحتواء والاحتماء بكل هذا الإرث العريق، وفي أجواء متفردة، شكلتها الطبيعة من أودية تتسم بالطقس اللطيف، والأغطية الخضراء التي تشاهدها من فوق قمم الجبال وبين الأزهار».
عزمت الشربيني على إقامة معرض فني يعبر عن هذا الجمال السعودي، لكن بعد ذلك تطورت فكرة المعرض، لتضم إلى جانب ذلك بعضاً من الجمال المصري، توضح: «عند زيارتي لمكة وجدة شاهدت روعة جبال البحر الأحمر، وشعرت بأنني في مصر، فالسعودية تعد وطني الثاني، وفي هذه اللحظة قررت أن تمتد فكرة المعرض لتشمل جبال البحر الأحمر المشتركة بين مصر والسعودية، كإحدى الروابط الجغرافية والمكانية بين البلدين».
وفي لوحات المعرض، وعددها 25 لوحة، تستوقفك محدودية الألوان مقابل تعدد الخامات! إلى جانب براعة الفنانة في توظيف الجانبين لصالح العمل الفني، ذلك أنها لم تتوسع في استخدام الألوان، إذ كانت البطولة للونين البني والبرتقالي بدرجاتهما للتعبير عن جغرافية المكان، ودفء وحميمية الأجواء، وحتى حين لجأت إلى استخدام الأزرق أو الأخضر أو الرمادي فقد جاء ذلك بشكل انتقائي محدود، ذلك في الوقت الذي اعتمدت فيه الفنانة على خامات متعددة ما بين الزيت والإكريلك والألوان المائية والقماش والباستل، بسبب تنوع الأحاسيس والأفكار المتدفقة داخلها ورغبتها في نقلها إلى المتلقي.
ساعد هذا التكنيك الفنانة المصرية التي تعمل أستاذاً مساعداً في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، على الخروج من دائرة «النقل الفوتوغرافي» للجبال، رغم صعوبة الموضوع وجغرافيته، إلى التعبير الفني بجمالياته، حيث استقت من الطبيعة الجبلية مفهومها وسحرها، وأظهرتها بأسلوبها الخاص المعتمد على الخطوط التلقائية غير المنتظمة كعشوائية حجارة الجبال، وتكويناته، إلى جانب اعتمادها على التناغم بين التركيبات اللونية، والتراكم والتتابع والتسلسل، ما يعزز داخل المشاهد عمق الحضارة وامتدادها وتطورها في مصر والسعودية.
ورغم أن الشربيني لا تقدم فناً رمزياً، فإن المعرض في مجمله يرسخ معنى رمزياً بامتياز، وهو قوة وصلابة والترابط بين البلدين بقدر رسوخ الجبال وثباتها، ولعل الحضور المصري السعودي اللافت بالمعرض، وتفاعله الواضح مع الأعمال الفنية إنما ينقل جانباً من هذا الترابط، تقول الفنانة: «فوجئت بهذا الاحتفاء الشديد من جانب الجمهور من البلدين، وكثيرون من مصر استعادوا ذكرياتهم في المملكة عبر اللوحات، وتحاوروا معي حول ما جسدته من أمكنة، لا سيما ذات الطابع الديني، التي لم تسقط من الذاكرة حتى بعد رجوعهم إلى مصر، كما عبر لي الزائرون السعوديون عن سعادتهم بتجسيدي لأمكنة من الوطن، والتشابه في الجغرافيا مع مصر».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».