بيدرسن يحقق «اختراقاً جزئياً» في تشكيلة اللجنة الدستورية السورية

غير بيدرسن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في الآستانة في أبريل الماضي (رويترز)
غير بيدرسن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في الآستانة في أبريل الماضي (رويترز)
TT

بيدرسن يحقق «اختراقاً جزئياً» في تشكيلة اللجنة الدستورية السورية

غير بيدرسن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في الآستانة في أبريل الماضي (رويترز)
غير بيدرسن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في الآستانة في أبريل الماضي (رويترز)

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر موثوق في نيويورك، أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا غير بيدرسن، تمكن بمساعدة روسية، أخيراً، من الحصول على موافقة الحكومة السورية على اقتراح يقضي بتشكيل اللجنة الدستورية التي طال انتظارها، معتبراً أنها ستكون بمثابة «مفتاح الباب» للشروع في إيجاد تسوية للحرب المتواصلة منذ أكثر من 8 سنوات.
وبعد طول انتظار، وافقت الحكومة السورية على اقتراح روسيا في شأن اللجنة الدستورية.
وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة ستتألف من 3 مجموعات، في كل منها 50 عضواً، الأولى اختارتها الحكومة السورية، والثانية اختارتها المعارضة السورية. وأضاف: «أما الثالثة فكان من المقرر أن يختار أعضاءها المبعوث الخاص، بهدف الأخذ بعين الاعتبار آراء خبراء وممثلين عن المجتمع المدني. لكن الحكومة السورية عارضت التشكيلة المقترحة من الأمم المتحدة.
وبعد جهود مضنية بقي الخلاف مستحكماً على 6 أسماء كانت السلطات السورية تريد تسميتهم جميعاً. وعقب تدخل موسكو، وافقت السلطات السورية على الاكتفاء بتسمية اثنين فقط، على أن يختار المبعوث الخاص 4 أسماء بالتشاور مع ضامني عملية آستانة»، معتبراً أن «هذا يشكل اختراقاً جزئياً». وسيجري تحديد هذه الأسماء قريباً.
وكان بيدرسن يقدم إحاطة عبر دائرة تلفزيونية من جنيف إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، بشأن جهوده واتصالاته مع الأطراف المعنية. وعبّر عن اعتقاده أن «الطريق إلى إنجاز تشكيل اللجنة الدستورية وقواعدها الإجرائية صار الآن مفتوحاً»، مضيفاً أنه سيجري اتصالات قريباً، لتكون الصيغة «مقبولة بالكامل ومن الجميع».
وأشار إلى أنه سيجري مشاورات مع الحكومة السورية ولجنة المفاوضات السورية، من أجل «وضع اللمسات الأخيرة» على التفاصيل المتعلقة «لتمكين الأمم المتحدة من تسهيل عمل اللجنة الدستورية» في اجتماعها الأول المرتقب في جنيف. واعتبر أن هذه اللجنة «يمكن أن تكون مفتاحاً لباب»، معترفاً بأنها لن تحل وحدها النزاع أو التحديات التي تواجه سوريا. وعبّر عن اعتقاده أيضاً أن «إحراز تقدم في شأن المحتجزين والمختطفين والمفقودين - إذا حصل بطريقة ذات مغزى وعلى نطاق واسع - يمكن أن يكون مؤثراً»، مشدداً على إعطاء الأولوية للإطلاق الأحادي للنساء والأطفال والمرضى والمسنين. وأكد أنه سيواصل مع نائبة المبعوث الخاص، خولة مطر، «الإلحاح على روسيا وتركيا وإيران (...) بغية ممارسة الجهود اللازمة لتحقيق مزيد من النتائج الملموسة في هذا الملف».
وقال إنه «في الوقت الحالي، لا يوجد تجمع دولي ناشط لكل اللاعبين الدوليين الرئيسيين الذين يمكنهم دعم خطوات ملموسة ومتبادلة»، مطالباً بـ«مساعدة من خلال الجمع بين الإرادة التي تشكلها مجموعة آستانة والمجموعة المصغرة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن» للانخراط في «منتدى مشترك لدعم عملية مملوكة للسوريين في جنيف».
ولاحظ أنه بعد 6 أشهر من بدء عمله، رأى «إمكانات رسم طريق للخروج من هذا النزاع»، مضيفاً أن «الوقت حان الآن لاستقرار وضع إدلب ومواصلة وقف النار على مستوى كل البلاد (...) وإطلاق لجنة دستورية (...) وتطوير مناخ من تدابير بناء الثقة»، بهدف التحرك لتطبيق القرار 2254، ما «يمهد الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة»، وفقاً لما يتوخاه القرار.
وقال القائم بأعمال البعثة الأميركية جوناثان كوهين، إن بلاده «لن تقبل أي محاولة من نظام الأسد وحلفائه لاستخدام الوسائل العسكرية في إدلب، أو في أي مكان آخر، لتقويض جهود المبعوث الخاص بيدرسن، أو التحايل عليها، أو تأخيرها أكثر»، مضيفاً أنه «لا يمكننا، نحن أعضاء مجلس الأمن، تحمل أي تأخير إضافي من جانب النظام لتنفيذ القرار 2254».
في المقابل، رأى نائب المندوب الروسي فلاديمير سافرونكوف، أن «ضمان الاستقرار في سوريا، يستلزم من الجميع الالتزام بسيادتها ووحدة أراضيها»، مضيفاً أن «الإجراءات الاقتصادية الأحادية المفروضة على سوريا تسببت بمعاناة كبيرة لمواطنيها ويجب رفعها».
وطالب بـ«وقف دعم التنظيمات الإرهابية في سوريا والعمل على تحقيق حل سياسي للأزمة فيها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.