«هواوي» متهمة بتعاون موظفيها مع الجيش الصيني في مشروعات بحثية

اقتراح بسن قانون أميركي يمنع مقاضاة الشركات بسبب براءات الاختراع

جاسون دينج مدير إدارة الملكية الفكرية في «هواوي» قال إن القانون الأميركي سيكون له انعكاسات كارثية على صناعة التكنولوجيا (أ.ب)
جاسون دينج مدير إدارة الملكية الفكرية في «هواوي» قال إن القانون الأميركي سيكون له انعكاسات كارثية على صناعة التكنولوجيا (أ.ب)
TT

«هواوي» متهمة بتعاون موظفيها مع الجيش الصيني في مشروعات بحثية

جاسون دينج مدير إدارة الملكية الفكرية في «هواوي» قال إن القانون الأميركي سيكون له انعكاسات كارثية على صناعة التكنولوجيا (أ.ب)
جاسون دينج مدير إدارة الملكية الفكرية في «هواوي» قال إن القانون الأميركي سيكون له انعكاسات كارثية على صناعة التكنولوجيا (أ.ب)

تواجه شركة «هواوي» الصينية تدقيقا متزايدا منذ أكثر من عام تقوده مزاعم أميركية بأن «أبوابا خلفية» في أجهزة التوجيه للشركة قد تتيح للصين التجسس على اتصالات أميركية، إضافة إلى أنها تتعاون مع أجهزة الدولة الصينية الأمنية والعسكرية. وذكرت وكالة بلومبرغ أمس الخميس أن عدة موظفين من الشركة تعاونوا مع أفراد من القوات المسلحة الصينية في عشرة مشروعات أبحاث على الأقل خلال العشر سنوات الأخيرة. وقالت الوكالة إنهم تعاونوا مع ‬‬‬‬مختلف أجهزة جيش التحرير الشعبي الصيني في مشروعات تمتد من الذكاء الاصطناعي إلى الاتصالات اللاسلكية. وكانت قد اتهمت المخابرات الأميركية الشركة (عملاق تكنولوجيا الاتصالات) بتلقي تمويل من أمن الدولة الصيني لتزيد بذلك قائمة الاتهامات التي تواجهها الشركة الصينية في الغرب. وقالت التايمز البريطانية قبل شهر تقريبا نقلا عن مصادر في «سي آي إيه» إن «هواوي» حصلت على تمويل من لجنة الأمن الوطني الصينية وجيش التحرير الشعبي الصيني وفرع ثالث من شبكة المخابرات الحكومية الصينية.
وقال جلين سلوش المتحدث باسم «هواوي» لبلومبرغ: «هواوي ليست على علم بنشر موظفيها وثائق بحثية بصفتهم الشخصية». وأضاف: «هواوي ليس لها أي تعاون أو شراكة للأبحاث والتطوير مع مؤسسات تابعة لجيش التحرير الشعبي. هواوي تطور وتنتج فحسب وسائل اتصالات‭‭‭‭‬‬‬‬ تتفق مع المعايير المدنية في جميع أنحاء العالم ولا تعدل منتجات تتعلق بالأبحاث والتطوير من أجل الجيش». ونفت الشركة أن تكون منتجاتها تمثل تهديدا أمنيا.
وحظرت الحكومة الأميركية على وكالاتها الشهر الماضي شراء معدات اتصالات «هواوي» وفرضت قيودا صارمة على الشركات الأميركية التي لها أعمال مع الشركة الصينية. وقالت وكالة بلومبرغ إن مشروعات الأبحاث جزء من عدد قليل من الدراسات التي تم الكشف عنها، مضيفة أنها جمعت المعلومات من دوريات قواعد بيانات إلكترونية يستخدمها أكاديميون صينيون ومتخصصون في الصناعة. وتأتي الاتهامات في وقت تسود فيه توترات تجارية بين واشنطن وبكين وسط مخاوف في الولايات المتحدة من إمكان استخدام أجهزة «هواوي» في التجسس. وقالت الشركة إن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة. وتحقق السلطات في الولايات المتحدة مع «هواوي» بشأن انتهاكات أخرى للعقوبات.
وكانت منغ وان تشو المديرة المالية للشركة وابنة مؤسسها قد اعتقلت في كندا في ديسمبر (كانون الأول) بناء على طلب الولايات المتحدة بسبب اتهامات بالتحايل البنكي والإلكتروني في خرق لعقوبات الولايات المتحدة على إيران. وتنفي منغ ارتكاب أي مخالفة وقال والدها من قبل إنها اعتقلت بدوافع سياسية. وفي ظل هذه الاتهامات بدأت مؤسسات تعليمية كبيرة في الغرب قطع علاقاتها مع «هواوي» في الآونة الأخيرة لتجنب خسارة التمويل. كما تواجه شركة زد تي إي كورب الصينية للتكنولوجيا أيضا مشكلات مماثلة في الولايات المتحدة.
وأمس وصفت شركة «هواوي» مشروع القانون الذي اقترحه عضو بمجلس الشيوخ الأميركي لحرمانها من حق مقاضاة الشركات الأميركية بسبب براءات الاختراع بأنه سيكون «كارثة» لصناعة التكنولوجيا والابتكار في العالم. وقال سونج ليو بنج، مدير الشؤون القانونية بالشركة: «أعتقد أن هذا تحرك خطير للغاية.. إذا تم تمرير مثل هذا الاقتراح التشريعي سيكون كارثة للابتكار العالمي وستكون له عواقب وخيمة».
كان السيناتور الأميركي ماركو روبيو قدم الاقتراح في وقت سابق الشهر الجاري، والذي يقضي بحرمان الشركة الصينية من المطالبة بأي تعويضات نتيجة انتهاك أي شركة أميركية حقوق ملكيتها الفكرية. وجاء الاقتراح في أعقاب تقارير عن طلب «هواوي» الحصول على مليار دولار من شركة الاتصالات الأميركية «فيرزون» تعويضا عن استخدام تقنيات مملوكة للشركة الصينية من دون ترخيص. وقال جاسون دينج، مدير إدارة الملكية الفكرية في «هواوي»، إن الشركة ستحصل على المزيد من أموال حقوق استغلال براءات الاختراع من الكثير من الشركات في مختلف أنحاء العالم في المستقبل. وقال سونج إن استراتيجية «هواوي» فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية «دفاعية» وإنها لن تحاول استخدام هذه الحقوق كسلاح ضد الشركات الأخرى. وأضاف: «يجب عدم تسييس ملف حقوق الملكية الفكرية، كما لا يجب بشكل خاص إصدار أي قانون يستهدف كيانات محددة»، مشيرا إلى أن «هواوي» ستلجأ إلى القضاء لإلغاء قانون السيناتور «روبيو» في حال تمريره. وتتهم الولايات المتحدة «هواوي» بسرقة حقوق الملكية الفكرية للشركات الأميركية. وقد أدرجتها الإدارة الأميركية على القائمة السوداء للشركات التي لا تستطيع إجراء أي تعاملات مع الشركات الأميركية. وبحسب رين شينجفي مؤسس «هواوي»، من المتوقع أن يؤدي الحظر الأميركي الأخير إلى تراجع مبيعات «هواوي» من الهواتف الذكية بنسبة 40 في المائة خلال العام الحالي.
وطالبت الصين أمس الخميس الولايات المتحدة بأن ترفع فورا العقوبات التي فرضتها على «هواوي» الصينية وذلك قبل اجتماع منتظر بين زعيمي البلدين لبحث مسائل التجارة. وقال المتحدث قاو فنغ إن الصين تعارض ما وصفه بسوء استخدام الولايات المتحدة لقيود الصادرات، وتحث واشنطن على العودة إلى مسار لتعاون.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال الأربعاء إن إبرام صفقة تجارية مع نظيره الصيني شي جين بينغ أمر ممكن مطلع الأسبوع القادم، عندما يجتمعان خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في اليابان، لكنه أبدى استعداده لفرض رسوم على جميع واردات بلاده من الصين إذا استمرت الخلافات. ولمح ترمب إلى إمكانية أن تكون «هواوي» جزءا من الصفقة. وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن شي يخطط لعرض شروط على ترمب لإنهاء النزاع التجاري، تشمل رفع الحظر المفروض على مبيعات التكنولوجيا الأميركية إلى «هواوي»، وذلك نقلا عن مسؤولين أميركيين مطلعين على الخطة.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد شعار أكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم فوق شريحة إلكترونية (رويترز)

أزمة لأكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم بسبب هاتف «هواوي» الجديد

علّقت شركة تصنيع أشباه الموصّلات التايوانية «تي إس إم سي»، شحناتها إلى شركة تصميم الرقائق الصينية «سوفغو» بعد العثور على شريحة خاصة بها في معالج «هواوي» الحديث.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا بدا إطلاق «هواوي» لهاتفها ثلاثي الطيات بمثابة تحدٍّ مباشر لـ«أبل» قبيل حدثها السنوي الكبير (الشرق الأوسط)

من سرق الأضواء أكثر... «أبل آيفون 16» أم «هواوي Mate XT»؟

«آيفون 16» من «أبل» يقف في تحدٍّ واضح أمام الهاتف الأول في العالم ثلاثي الطيات من «هواوي».

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد عملاء يتسوقون في متجر «هواوي» الرئيسي في بكين (رويترز)

«هواوي» تسجل أرباحاً قياسية في النصف الأول من العام

أعلنت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة «هواوي» عن قفزات كبيرة في إيراداتها وصافي أرباحها في النصف الأول من العام يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا سلمى بشير الرشيدي أول فائزة بكأس «AppGallery Gamer Cup (AGC)»

أول فتاة سعودية تفوز ببطولة كأس «AGC» في متجر هواوي بالرياض

بطولة كأس «AppGallery Gamers Cup (AGC)» هي إحدى المبادرات الرائدة في مجال الرياضات الإلكترونية بدعم من متجر تطبيقات هواوي.

نسيم رمضان (لندن)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.