حكومة تركيا ترفع أسعار سلع أساسية بعد خسارة إسطنبول

خبراء: الإدارة تحمل المواطنين نفقاتها... وتوقعات بالمزيد قريباً

سجلت الليرة ارتفاعا أمام الدولار بأكثر من 1% ويجري تداولها حاليا عند مستوى 5.76 ليرة للدولار (رويترز)
سجلت الليرة ارتفاعا أمام الدولار بأكثر من 1% ويجري تداولها حاليا عند مستوى 5.76 ليرة للدولار (رويترز)
TT

حكومة تركيا ترفع أسعار سلع أساسية بعد خسارة إسطنبول

سجلت الليرة ارتفاعا أمام الدولار بأكثر من 1% ويجري تداولها حاليا عند مستوى 5.76 ليرة للدولار (رويترز)
سجلت الليرة ارتفاعا أمام الدولار بأكثر من 1% ويجري تداولها حاليا عند مستوى 5.76 ليرة للدولار (رويترز)

في الوقت الذي تحسن فيه مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي على أساس شهري في يونيو (حزيران) الجاري، مع تحسن مؤشرات بعض القطاعات، أقرت الحكومة التركية زيادات في أسعار عدد من السلع الأساسية، وهي الزيادة التي كان الخبراء يتوقعونها منذ أسابيع، ويعتقدون أن تأجيلها كان يعود لخوف الحزب الحاكم من خسارة أصوات الناخبين في إسطنبول، وهو المبرر الذي فقد صلاحيته، بعد خسارة المدينة الأكبر في تركيا بالفعل.
وتم إعلان زيادة على أسعار الديزل بمقدار 23 قرشا، والشاي بنسبة 15 في المائة، والسكر بنسبة 16 في المائة. ويتوقع أن تقر الحكومة زيادات أخرى جديدة قريبا.
وأعلنت شركة الشاي الوطنية (تشايكور) تطبيق زيادة بنسبة 15 في المائة على الشاي الجاف اعتبارا من الثلاثاء الماضي، وأرجعت القرار إلى زيادة تكاليف العمالة وتكاليف إنتاج الشاي الطازج المتزايدة.
وقال رئيس غرفة زراعة ريزا، نوزات باليتش، إن «الزيادة لن تكون الأخيرة»، مؤكدا أن «الزيادة تعتبر متأخرة، و15 في المائة ليست كافية. ستطبق زيادات باستمرار بالتأكيد. زادت نفقات التكلفة».
وتوقع خبراء أن تكون هناك زيادات في الأسعار من القطاع الخاص والحكومة أيضاً. وأرجع الخبير أرهان أوزار السبب إلى النفقات غير الطبيعية التي تمت قبل الانتخابات، وقال إن عجز الميزانية زاد كثيرا، وإنه يجب سداد هذا العجز، وإن هذا يعني زيادة في الضرائب.
وأعرب أوزار عن اعتقاده بأن الشركات ستطبق زيادات في الأسعار، لأنهم ينتجون اليوم باستخدام المنتجات التي اشتروها بأسعار الصرف المرتفعة.
وشهدت تركيا عقب الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي زيادات كبيرة في أسعار السلع والأغذية، حاولت حكومة العدالة والتنمية تأجيل ظهورها منذ مطلع العام خوفا على تأثر نسبة التصويت. وكذلك الأمر عقب انتخابات البرلمان والرئاسة التركية في 24 يونيو 2018.
وتحسن أداء الليرة التركية وبورصة إسطنبول غداة انتخابات الإعادة على رئاسة بلدية إسطنبول التي أجريت الأحد الماضي، وتمكن مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو من حسمها مجدداً لصالحه بفارق 9 نقاط مئوية عن منافسه مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم بن علي يلدريم.
وطمأن هذا الفوز المريح المستثمرين، الذين كانوا أبدوا قلقاً من احتمال وقوع توتر واضطرابات سياسية حال عدم فوز إمام أوغلو وبدء احتجاجات من المعارضة التي كانت ستلجأ لذلك بعد أن سلبت اللجنة العليا للانتخابات الفوز من مرشحها في الجولة الأولى التي أجريت في 31 مارس الماضي، بعد 18 يوماً فقط من تسلمه منصبه بسبب طعون من جانب حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وسجلت الليرة ارتفاعا أمام الدولار بأكثر من 1 في المائة، ويجري تداولها حاليا عند مستوى 5.76 ليرة للدولار، كما ارتفع مؤشر بورصة إسطنبول بنسبة 1.8 في المائة. وكانت الليرة فقدت نحو 15 في المائة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية العام الحالي، في حين يرجع أحدث تراجع لها إلى قرار إلغاء نتيجة رئاسة بلدية إسطنبول في 31 مارس الماضي، الذي اتخذته اللجنة العليا للانتخابات في 6 مايو (أيار) الماضي.
وتراجع معدل نمو الاقتصاد التركي شهد تدهورا ملحوظا نهاية العام الماضي، ليبلغ 2.6 في المائة، مقابل 7.4 في المائة في 2018، فيما فقدت الليرة 30 في المائة من قيمتها منذ العام الماضي، ودخل الاقتصاد مرحلة الركود للمرة الأولى منذ 10 سنوات مع انكماش بنسبة 3 في المائة وبلغ معدل التضخم السنوي 18.7 في المائة.
وخفضت وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الائتماني التصنيف السيادي لتركيا مؤخرا، إلى درجة عالية المخاطر، وقررت تخفيضه من درجة «بي إيه 3» إلى «بي 1»، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية سلبية.
وأرجعت «موديز» قرارها إلى ارتفاع مخاطر استمرار أزمة ميزان المدفوعات، وارتفاع مخاطر عجز الحكومة عن السداد. وقالت إن «تركيا لم تعانِ خلال الفترة الماضية من أزمة انخفاض الليرة فحسب، لكن مصيراً مؤلماً ينتظر اقتصادها في الفصول المقبلة».
لكن من جهة أخرى، ارتفع مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي على أساس شهري في يونيو الجاري بنسبة 7.6 في المائة، ليسجل 83.4 نقطة. وأرجعت هيئة الإحصاء التركية، في بيان لها أمس، هذا الارتفاع إلى التحسن في مؤشرات ثقة المستهلك وقطاعات الخدمات وتجارة التجزئة والبناء والقطاع الصناعي، إلى مستويات 57.6 و99.6 و85.4 و93.2 و50.4 نقطة على التوالي.
وسجل مؤشر ثقة الخدمات أعلى ارتفاع بين المؤشرات الفرعية الأخرى، حيث ارتفع بنسبة 7.5 في المائة في يونيو الجاري، مقارنة مع مايو الماضي، تلته مؤشرات ثقة القطاع الحقيقي والمستهلك بنسبة 5.2 و4.3 في المائة على التوالي. وارتفع مؤشر الثقة في قطاع تجارة التجزئة بنسبة 3.7 في المائة، وفي قطاع البناء بنسبة 1.3 في المائة.
في سياق متصل، ارتفعت صادرات قطاع الموبيليا في تركيا خلال السنوات الـ19 الماضية بمقدار 18 ضعفا، وارتفعت عائدات القطاع منذ عام 2000 وحتى العام الحالي من 180 مليون دولار إلى 3.2 مليار دولار.
وقال أحمد غولتشه، رئيس اتحاد جمعيات الموبيليا والأثاث في تركيا، إن بلاده حققت نجاحا كبيرا في صناعة الأثاث خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا رغبة القطاع بتحقيق نسبة 1.5 في المائة من حجم التجارة العالمية في العام 2023. ولفت إلى أن واردات القطاع ارتفعت خلال الفترة المذكورة من 260 إلى 800 مليون دولار، لافتا إلى أن الصادرات تمثل 4 أضعاف الواردات، مشيرا إلى أن للحكومة التركية دورا في تحقيق هذه النجاح من خلال الاستقرار السائد في البلاد من 17 عاما، إضافة إلى منح تخفيضات على ضريبة القيمة المضافة لقطاع الموبيليا منذ العام 2010، وأضاف غولتشه أن بلاده تصدر الأثاث إلى 179 دولة حول العالم، مؤكدا أن حصتهم في السوق العالمية تزداد تدريجيا.
إلى ذلك، طالبت غرفة تجارة إسطنبول الحكومة التركية بتمديد فترة التخفيضات المتواصلة في بعض القطاعات مثل الأثاث، والآلات المنزلية والسيارات. ودعا بيان صادر عن رئيس الغرفة، شكيب أوداغيتش، أمس، إلى تمديد فترة التخفيضات 6 أشهر أخرى، بعد أن شارفت على الانتهاء في 30 يونيو الجاري.
وأوضح البيان أن تمديد فترة التخفيضات ستعزز من النشاط الذي شهدته قطاعات الإنتاج منذ بداية سريان التخفيضات قبل أشهر. وأشار إلى أن التخفيضات تشمل ضرائب القيمة المضافة في قطاعات الأثاث والآلات المنزلية والسيارات، وتصل إلى 8 في المائة، وفي حال تم تمديد فترة التخفيضات لـ6 أشهر أخرى، ستكون التخفيضات في القطاعات المذكورة، سارية حتى نهاية العام.



«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

من المؤكد تقريباً أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة مجدداً يوم الخميس، مع الإشارة إلى مزيد من التيسير في عام 2025؛ حيث يقترب التضخم في منطقة اليورو من الهدف المعلن بينما يواجه الاقتصاد تعثراً ملحوظاً.

وكان البنك قد خفض الفائدة في ثلاثة من اجتماعاته الأربعة الأخيرة، لكن النقاش أصبح يدور حول مدى سرعة تطبيق التيسير لدعم اقتصاد يعاني من خطر الركود، ويواجه أيضاً تحديات من عدم الاستقرار السياسي الداخلي واحتمالية نشوب حرب تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

ومن المتوقع أن يهيمن هذا السؤال على اجتماع الخميس، لكن صقور السياسة النقدية، الذين لا يزالون يشكلون الأغلبية في مجلس الإدارة المكون من 26 عضواً، سيدعمون على الأرجح خفضاً طفيفاً بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة القياسي إلى 3 في المائة، حسبما أفاد معظم الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وفي إطار حل وسط مع صناع السياسات الأكثر حمائية، قد يترافق الخفض مع تعديلات على إرشادات البنك المركزي الأوروبي، توضح أنه سيكون هناك المزيد من التيسير بشرط عدم حدوث صدمات جديدة للتضخم، الذي من المتوقع أن يعود إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة في النصف الأول من عام 2025.

وقال بيت هاينز كريستيانسن، الخبير الاقتصادي في بنك «دانسكه»، إن «الموقف التقييدي الحالي، وتدهور توقعات النمو، والتضخم الذي بلغ الهدف، يجب أن تدفع جميعها إلى خفض بمقدار 50 نقطة أساس». لكنه أضاف: «من منظور الاتصال، أعتقد أنه سيكون من الأسهل تقديم خفض بمقدار 25 نقطة أساس مع الاحتفاظ بالخيارات مفتوحة لتقديم خفض أكبر إذا لزم الأمر».

ومن المتوقع أن تظهر التوقعات الجديدة أن التضخم، الذي تجاوز الهدف لمدة ثلاث سنوات، سيعود إلى 2 في المائة في غضون أشهر قليلة، جزئياً بسبب النمو المحدود للاقتصادات في الدول العشرين التي تشترك في اليورو. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات محفوفة بالمخاطر؛ حيث يعتقد بعض صناع السياسات أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه خطر الفشل في تحقيق هدفه للتضخم، كما حدث تقريباً طوال عقد من الزمان قبل الوباء، مما يتطلب تحركاً أسرع.

من جهة أخرى، يرى صقور السياسة أن التضخم لا يزال يشكل تهديداً بسبب النمو السريع للأجور وارتفاع تكاليف الخدمات، ما يجعل السياسة التدريجية أكثر مناسبة في الوقت الحالي. كما أن الحمائية الأميركية وعدم الاستقرار السياسي في فرنسا وألمانيا يسهمان في هذا الحذر.

وهناك أيضاً قلق بشأن السياسة الأميركية التي قد ينتهجها الرئيس المنتخب دونالد ترمب؛ حيث يجهل أعضاء مجلس الإدارة كيفية استجابة أوروبا لها أو تأثيراتها الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات السياسية في فرنسا والانتخابات المقبلة في ألمانيا تزيد من حالة عدم اليقين، مما قد يتطلب تدخلاً من البنك المركزي الأوروبي.

وفيما يتعلق بالأسواق المالية، فإن الأسواق قد قامت بتسعير كامل لخفض بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس، مع اقتراب احتمالات اتخاذ خطوة أكبر من الصفر، وهو تغيير كبير عن الأسابيع الماضية عندما كان يُنظر إلى خفض نصف نقطة مئوية بوصفه احتمالاً حقيقياً. ويتوقع المستثمرون خفضاً آخر في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران)، تليها خطوة أخرى على الأقل في النصف الثاني من عام 2025، مما سيرفع سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة على الأقل بحلول نهاية العام.

ومن المتوقع أن تكون أي تغييرات مستقبلية في توجيهات البنك المركزي الأوروبي هامشية، مع إمكانية إزالة إشارته إلى الحاجة إلى سياسة «تقييدية» لترويض التضخم، وهو ما يعني ضمناً ضرورة خفض الأسعار إلى مستوى محايد لا يحفز الاقتصاد ولا يبطئه.