كوشنر لـ«الشرق الأوسط»: الخطة الاقتصادية «ليست رشوة»

قال إن الحل السياسي يقع بين المبادرة العربية والموقف الإسرائيلي

كوشنر مع بلير خلال إحدى جلسات ورشة المنامة... وفي الاطار خلال مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)
كوشنر مع بلير خلال إحدى جلسات ورشة المنامة... وفي الاطار خلال مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)
TT

كوشنر لـ«الشرق الأوسط»: الخطة الاقتصادية «ليست رشوة»

كوشنر مع بلير خلال إحدى جلسات ورشة المنامة... وفي الاطار خلال مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)
كوشنر مع بلير خلال إحدى جلسات ورشة المنامة... وفي الاطار خلال مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)

قال مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر، إن خطته الاقتصادية لدعم الفلسطينيين تقترح مقاربة جديدة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وإن تنفيذها ينبغي أن يتزامن مع الشق السياسي لما يصفه بـ«فرصة القرن» خلافاً للتسمية الإعلامية للخطة الأميركية للسلام المعروفة بـ«صفقة القرن». وقال كوشنر، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن ورشة المنامة حققت «نجاحاً هائلاً»، وإن جميع الحاضرين يجمعون على أن التحول الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة ممكن ومرهون بالاستقرار السياسي وإحلال الأمن. وحرص كوشنر على تفادي التطرق للشق السياسي الخاص بخطة السلام، لكنّه اعتبر أن أي تسوية سياسية مقبلة ستكون «بين مبادرة السلام العربية والموقف الإسرائيلي»، وينبغي أن تشمل تنازلات من الجانبين. كما دافع كوشنر عن خطته الاقتصادية، وقال إنها «ليست رشوة»، أمام الانتقادات بشأن غياب أي إشارة إلى المستوطنات ونقاط التفتيش والاحتلال. وفيما يلي نص اللقاء:

> اعتبرتم الورشة ناجحة قبل انطلاقها، كيف تقيّمونها اليوم؟
- أعتقد أن الورشة حققت نجاحاً هائلاً، من جهة المشاركة أولاً؛ إذ حضر أشخاص من كل العالم؛ ما يعكس اهتماماً كبيراً بمساعدة الفلسطينيين. كما أعتقد أن جمع مجتمع الأعمال يعدّ مقاربة جديدة لـ«حل» هذا الصراع، ففي السابق فشل المجتمع الدبلوماسي في تحقيق نجاح، وهو يكرر اليوم الأشياء نفسها. إنها مضيعة لوقت الجميع.
أما المجتمع الاقتصادي الموجود هنا، فينظر إلى ما هو ممكن بوجود الأمن والسلام وحكامة جيدة. وما يقوله الجميع هو أن التحول «في الاقتصاد الفلسطيني» ممكن. الخطة التي أنتجناها هي خطة مُفصّلة ومعقولة للغاية. وبعد مراجعة مكثفة لها، كان الناس إيجابيين للغاية بشأنها واعتبروها قابلة للتحقيق. وما سنقوم به بعد اليوم هو وضع اللمسات الأخيرة، والاستفادة من كل ردود الفعل التي نحصل عليها لجعلها ملموسة أكثر، حتى يدرك الناس عندما ندخل في المفاوضات السياسية أن هناك مستقبلاً «اقتصادياً» كبيراً ومثيراً يتطلعون إليه.
> أشارت الخطة إلى استلهامكم من «خطة مارشال»، لكن الأخيرة جاءت بعد التسوية السياسية والأمنية في أوروبا، وهو أمر لا ينطبق اليوم على الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
- لم نستلهم من خطة مارشال، لكننا استلهمنا من ضرورة التركيز على الأشخاص. نظرت إلى كل هذه القضايا، وسألت: ما الذي يريده الناس (الفلسطينيون)؟ فالسياسيون ينظرون إلى القضايا السياسية، في حين يُبقون الأشخاص مقيّدين. وما نريد التركيز عليه هو ما يريده الأشخاص من فرص وأمن وكرامة. ونريد التركيز على كيفية حصول الفلسطينيين على ذلك. وعبر ذلك، نستطيع التعامل مع الحدود والقضايا الدينية. هذه قضايا مهمة لكنها تكنوقراطية، ونود التركيز على القضايا التي تؤثر على حياة الأشخاص أولاً.
وعندما أنهينا صياغة الخطة، لاحظ كثيرون أنها شبيهة بخطة مارشال، لكن ذلك لم يكن هدفنا.
> لا إشارة في الخطة إلى المستوطنات والاحتلال ونقاط التفتيش؛ ما يجعل الخطة الاقتصادية تبدو منفصلة عن إطارها السياسي والأمني...
- نشير في خطتنا إلى نقاط العبور، وإلى ضرورة الاستثمار فيها لتسهيل العبور. لكن ينبغي الإشارة إلى أن سبب وجود حدود «صلبة» حالياً هو محاولة إسرائيل حماية نفسها من الإرهاب. ورغم أن نسبة الأشخاص المستعدين لارتكاب أعمال إرهابية صغيرة جداً، إلا أن باقي الشعب يدفعون الثمن للأسف.
أما فيما يتعلق بالقضايا الأخرى، فإن هذه الخطة غير سياسية. وبالتالي أعتقد أن أولئك الذين ينتقدون الخطة لهذا السبب لا يدركون الهدف من هذا الجهد «الاقتصادي».
> ما ردة الفعل الإسرائيلية تجاه الخطة؟
- أعتقد أن الجميع سعيدون أننا بذلنا كل هذه الجهود في الخطة، ومعجبون بتفاصيلها وشموليتها. كما أعتقد أن الإسرائيليين سعيدون جداً بالتواجد في البحرين، وشارك وفد من رجال الأعمال الإسرائيليين وصحافيين إسرائيليين. وأعتقد أن ما شهدناه في المنطقة خلال السنوات الماضية هو أن الدول العربية والإسرائيليين يقتربون من بعضهم بعضاً. وأعتقد أن من المحتم أن تتحد هذه المنطقة. وعندما يحصل ذلك، سيطلق العنان لإمكانات اقتصادية هائلة، ويوسع الأمن إلى حد كبير.
> يعتبر البعض أنكم تحاولون «رشوة» دول الجوار عبر هذه الخطة الاقتصادية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين. هل هذا ما تحاولون القيام به؟
- لا أعتقد أن الخطة الاقتصادية رشوة، أعتقد أنها فرصة لتمكين الأشخاص من تجاوز مشاكل ابتلوا بها منذ فترة طويلة. الخطة لن تُنفّذ إلا بوجود حل سياسي، لكن في الوقت نفسه لا نستطيع الاكتفاء بالحل السياسي دون أن تتحسن حياة الناس؛ لأن ذلك سيعرقل الحل السياسي.
أعتقد أنه من الضروري أن نُري الناس ما سيحصل بعد الحل السياسي؛ بهدف مناقشته. فقد حاول آخرون في السابق التركيز على الجانب السياسي فقط، لكن ذلك لم ينجح.
ألاحظ أن الناس سريعون في الانتقاد، لكنني لا أجد أنهم يقدّمون الكثير من الأفكار البنّاءة. وبالتالي، أقول للمنتقدين ما هي الأفكار التي تقترحونها والتي ستنجح؟
> أيّهما يحظى بالأولوية، تنفيذ الشق السياسي أم الاقتصادي؟
- يجب أن يتم تنفيذهما بالتزامن.
> استبعدتم في تصريحات سابقة أن يتماشى الحل السياسي مع مبادرة السلام العربية. ماذا قصدتم بذلك؟
- جميع من أتحدث إليهم في المنطقة يقولون إنه إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق وفق مبادرة السلام العربية، لتحقق ذلك قبل 17 عاماً. مبادرة السلام العربية كانت جهداً جيداً، لكنها رُفضت. وبهدف التوصل إلى اتفاق، ينبغي تقديم تنازلات من الجانبين، وسيقع الحل السياسي المحتمل بين مبادرة السلام العربية والموقف الإسرائيلي. وأعتقد أن ذلك منطقي. وجميع من أتحدث إليهم يؤيدون ذلك.
> ما ردود فعل المشاركين العرب والخليجيين في ورشة المنامة؟
- كل من حضر واطّلع على الوثيقة المكونة من 140 صفحة يقول إن هذه الخطة قابلة للتنفيذ إلى حد كبير، وإنها جاءت بأفكار جديدة لحل هذه القضية.
لطالما كرّر الناس أنه لا يمكن حل هذه الأزمة، وقد يكون ذلك صحيحاً. لكن المهمة التي أوكلت إليّ هي محاولة البحث عن حل. وردود الفعل التي حصلت عليها من جهات غير متعمّقة في الأزمة وفي قضايا المنطقة هي أن هذه الخطة إطار معقول جداً «للحل».
هناك رغبة كبيرة بين دول الخليج في مساعدة الشعب الفلسطيني، وأعتقد أنهم يرون «في هذه الخطة» إطاراً لمساعدتهم في القيام بذلك. مجتمع الأعمال يرغب بشدة في الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنهم لا يستطيعون القيام بذلك في غياب الأمن والحكامة الجيدة.
يحاول الجميع الإلقاء باللوم على الإسرائيليين، لكن الكثير من مشاكل الفلسطينيين تقع على كاهل الحكومة الفلسطينية كذلك. تاريخياً، تدفقت مبالغ مالية كبيرة إلى هذه المنطقة وليس هناك الكثير من النتائج التي تعكس تأثير هذه المساعدات.
> علّقت الإدارة الأميركية المساعدات وجمدت تمويل «أنروا» التي كانت تدعم الكثير من البرامج الشبيهة بتلك التي اقترحتموها في خطتكم الاقتصادية الجديدة. اشرحوا لنا ذلك؟
- نظرنا إلى جميع البرامج التي أطلقت خلال السنوات الـ25 الماضية، ووجدنا الكثير من الأمثلة لبرامج سيئة للغاية التي كانت مسرفة وغير فعالة، وفاسدة. كما أن هناك أمثلة لبرامج جيدة جداً حققت نتائج. ما حاولنا أن نقوم به هو ضم جميع البرامج الناجحة إلى الخطة الاقتصادية، والبحث عن برامج جديدة التي نتوقّع أن تنجح، ثم إطلاقها بالتزامن لتشكيل أرضية مناسبة لبناء اقتصاد مستدام.
أما بالنسبة لتجميد المساعدات، فإننا اتخذنا هذا القرار لأن الفلسطينيين علقوا المحادثات مع الولايات المتحدة وأهانوا بلدنا. ومساعدات الولايات المتحدة ليست حقاً، والقيادة الفلسطينية تعتقد أنه يحق لها الحصول على كل هذه المساعدات، رغم أنها حصلت على مستويات تاريخية من الدعم المالي. هناك الكثير من دول العالم التي ستكون سعيدة بالحصول على «هذا النوع من» المساعدات، والتصرف بشكل أنسب.
في الحقيقة، من الأشياء التي أنجحت هذه الورشة هو أن جميع الدول المانحة الكبيرة متواجدة هنا، وتتابع متسائلة عن سبب استمرارها في إرسال مبالغ مالية دون الحصول على الشفافية وتحقيق النتائج المرجوة ودون وصولها إلى الأشخاص الذين نريد دعمهم. وما نحاول القيام به من خلال هذه الورشة هو تشجيع الناس على التفكير «في دعم الفلسطينيين» بطريقة جديدة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).