المهدي يرفض التصعيد ويطالب بـ{توافق يحافظ على الثورة}

المبعوثان البريطاني والنرويجي يستبعدان تشكيل المجلس العسكري السوداني حكومة من طرف واحد

الصادق المهدي خلال مؤتمره الصحافي في الخرطوم أمس (أ.ب)
الصادق المهدي خلال مؤتمره الصحافي في الخرطوم أمس (أ.ب)
TT

المهدي يرفض التصعيد ويطالب بـ{توافق يحافظ على الثورة}

الصادق المهدي خلال مؤتمره الصحافي في الخرطوم أمس (أ.ب)
الصادق المهدي خلال مؤتمره الصحافي في الخرطوم أمس (أ.ب)

طلب الزعيم السياسي والديني السوداني الصادق المهدي من أطراف النزاع في السودان وقف التصعيد والتصعيد المضاد، قبل وصول المبادرة الأفريقية لطريق مسدود، ودعا لإعمال الحكمة للوصول لتوافق وكلمة سواء، في وقت يجري فيه المبعوثان النرويجي والبريطاني جهوداً مكثفة لإعادة الطرفين إلى مائدة التفاوض.
وقال المهدي، في مؤتمر صحافي، عقده أمس، إن تكوين حكومة من طرف المجلس العسكري الانتقالي يُعدّ تصعيداً من قبله، والدعوة لمواكب مليونية في 30 يونيو الحالي، تصعيد في غير وقته، ودعا لانتظار نتائج المبادرة الأفريقية الإثيوبية الموحدة.
ورحب المهدي بالمبادرتين الإثيوبية الأفريقية و«المبادرة الوطنية»، ودعا أصحاب المبادرة الوطنية للاتصال والتنسيق مع المبادرة الأفريقية، وإعداد أوراق عمل مشتركة، لكنه استنكر سيل الجرائم التي رافقت فض الاعتصام من أمام القيادة العامة، وتابع: «يجب أن يُعترف بارتكاب المأساة، وتكوين لجنة مستقلة».
ودعا المهدي الأطراف لوضع المصلحة الوطنية نصب أعينهم وانتهاج موقف وطني «يحافظ على الثورة، ويدرأ الفتنة، منتقداً العملية السياسية الحالية، بقوله: «هناك من دعموا المجلس العسكري ليفعل ما يشاء، وهناك من يصفونه بأنه (إنقاذ) ثانية، وهذان موقفان يدفعان الوطن للهاوية»، وتابع: «المصلحة الوطنية تتطلب موقفاً توافقياً يحافظ على الثورة، ويدرأ الفتنة». واشترط المهدي على المجلس العسكري الاعتراف بما سماه «ارتكاب المأساة»، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تحقق في أحداث الثالث من يونيو (حزيران)، بيد أنه قطع بـ«دور تاريخي» للمجلس العسكري لعبه في «عزل الطاغية».
وأرجع المهدي التأخير في التوصل لاتفاق مع المجلس العسكري إلى تباين الآراء والمواقف داخل مكونات قوى «إعلان الحرية والتغيير»، لكونها تضم أحزاباً يمينية ويسارية ووسطية، وقال: «نعترف بأن هناك تقصيراً من جانبنا في الاستجابة للمطالب، لكن التقصير بسبب أننا مكونون من قوى سياسية مختلفة».
وكشف المهدي عن تلقيه لكثير من المبادرات، بمعدل مبادرة كل يومين، بيد أنه وصف «المبادرة الوطنية» التي يشارك فيها الأستاذ محجوب محمد صالح وآخرين، بأنها «مؤهلة لأن تكون عمدة ما بين المبادرات الوطنية، وتجتهد وتنسق مع المبادرة الإثيوبية الأفريقية»، وتابع: «نحن نقبل مبدأ التوسط للوصول لمخرج من الأزمة، ولا نعتقد أن التصعيد والتصعيد المضاد سيكون في مصلحة الوطن».
وحذر المهدي مما سمّاه تدخلات كثيرة في السودان، بقوله: «السودان سيكون قِبلة لتدخلات كثيرة إقليمية ودولية، وأضاف: «كان السودان موضوع أربعة مؤتمرات دولية»، وأضاف: «السودان رغم انفصال جنوب السودان ما زال أفريقيا مصغرة»، وتابع: «إذا أصبح السودان مضطرباً فيصير (أمية) لك لحركات العنف والغلو في المنطقة».
وأشار المهدي لما سماه «دور السودان في استقرار العالم، لذلك يتدخل العالم»، بقوله: «هناك تدخلات في الشأن السوداني، بينها التدخل الحميد الذي يأتي إلينا بدعم مادي ومعنوي نرحب به»، وتابع: «عندما يلتقط السودان أنفاسه، فعليه التدخل لإزالة أسباب النزاعات في الإقليم».
وترك المهدي الباب موارباً أمام تراجع المجلس العسكري الانتقالي عن نسب المشاركة التي سبق أن اتفق عليها مع «قوى إعلان الحرية والتغيير»، بقوله: «لا شكل، ستكون مسألة النسب محل خلاف... هناك مقترحات كثيرة ستكون محل نظر»، وتابع: «نسبة 67 في المائة التي منحت للحرية والتغيير، يرى البعض أنها إقصائية، لكن هناك مقترحات كثيرة ستكون محل نظر في الوساطة الأفريقية والوساطة الوطنية»، وأضاف: «نأمل أن يستطيع الجميع تجاوز الخلافات حول هذه النسب، وأرى أن الخلاف أقرب إلى أن يكون درجات وليس فجوة يستحيل تجسيرها». ورفض المهدي الدعوات للموكب المليوني الذي تسعى قوى التغيير لتنظيمه في 30 يونيو (حزيران) الحالي، واعتبره تصعيداً في غير وقته، ويوافق تاريخ انقلاب البشر في 1989. وقال: «هذا التاريخ يجب أن يُقابَل بالرفض... سنقيم ندوة بدار للتعبير عن هذا الشعور».
بيد أن المهدي رأى أن يقتصر التعبير عن ذلك اليوم برفض ما حدث فيه، دون أن يستخدم «سبيلاً إلى مزيد من التصعيد»، وتابع: «التصعيد ينبغي عندما يكون هناك مشروع اتفاق يرفضه المجلس العسكري»، وأضاف: «أما التصعيد قبل الرفض بالشكل القاطع، فسيكون تصعيداً في غير أوانه».
كما وصف المهدي إقدام المجلس العسكري الانتقالي على تكوين حكومة منفرداً بأنه تصعيد آخر، وقال: «نحن رأينا تجنب التصعيدين»، فحكومة من جهة واحد كمن يمشي برجل واحدة، فإن رفض الوفاق يكون التصعيد، أما تصعيد في غير ذلك، ففي رأينا غير صحيح».
من جهة أخرى، استبعد المبعوثان البريطاني والنرويجي، أن يتجه المجلس العسكري الانتقالي لتشكيل حكومة تسيير أعمال من جانب واحد، بتجاوز «قوى إعلان الحرية والتغيير».
وفي هذه الأثناء يجري الوسيطان الإثيوبي والأفريقي مشاورات للخروج بمبادرة بمسودة اتفاق جديد يُقدّم للمجلس العسكري و«قوى الحرية والتغيير»، وتقول التسريبات إن الوسطاء بصدد إجراء تعديلات على إعلان المبادئ السابق، يأخذ في الحسبان تحفظات المجلس العسكري على نسبة تمثيل «قوى الحرية والتغيير» في المجلس التشريعي الذي أعلن عنه في وقت سابق.
وحسب مصادر، فإن المبعوثين التقيا قادة المجتمع المدني السوداني، وأبلغاهم أن الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا لن تقبل بحكم عسكري في السودان، وينتظر أن يجري الرجلان مباحثات مع المجلس العسكري الانتقالي والأطراف الأخرى، كل على حدة.
وأبلغ المصدر «الشرق الأوسط» أن المبعوثين قالا إنهما يعملان بالتنسيق الكامل مع المبعوث الأميركي الخاص للسودان دونالد بوث، لإكمال نقل السلطة لحكومة مدنية، وبحسب المصدر، فإن المبعوثين لَمّحا إلى عقوب محتملة يمكن أن تُفرض على السودان حال رفض المجلس العسكري التوصل لاتفاق مع قوى الحراك الشعبي.
وغادر مبعوث الرئيس ترمب دونالد بوث الخرطوم بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام أجرى خلالها لقاءات مع الطرفين، وسط تكتم شديد حول ما تم تداوله في تلك الاجتماعات، بيد أن المصادر قالت إن زيارة بوث عبارة عن جولة استكشافية لمعرفة رؤية أطراف الأزمة، ولكنه أكد في لقاءاته على موقف واشنطن المساند لنقل السلطة لحكومة مدنية عبر التفاوض المباشر بين الطرفين.
وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأميركي سيواصل زياراته للخرطوم في فترات متقاربة، يُتوقع أن يحمل خلالها رؤى الإدارة الأميركية المتكاملة لحل الأزمة السودانية.
وعلى صعيد آخر، لمح مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن لبات، إلى أن إعلان المبادئ الذي دفع به رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد سيأخذ في الاعتبار ملاحظات الطرفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».