تعتبر روسيا من المزودين الرئيسيين بالأسلحة للهند منذ استقلالها عن بريطانيا، إلا أن استخدام نيودلهي المعدات الروسية يعقّد الجهود الأميركية لتعزيز التعاون الأمني في المنطقة لمواجهة النفوذ الصيني، كما يعرقل جهودها للضغط على الكرملين.
وفي الأمس، أشار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي يحضّر لمحادثات بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان في وقت لاحق هذا الأسبوع، والتي يتوقع أن تهيمن عليها الخلافات التجارية، إلى احتمال إصلاح العلاقات بين البلدين. وأشاد بومبيو بإعادة انتخاب مودي رئيساً للوزراء، ووصف ذلك بأنه أمر «رائع»، واعداً بتغلب الجانبين على مجموعة الخلافات بينهما، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترمب.
وصرح في مؤتمر صحافي لدى وصوله نيودلهي أمس: «هناك رسوم ورسوم مضادة، وقلنا إننا سنبذل أقصى جهدنا لوضع الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة لحل هذه المشكلات، حتى نتخلص منها ونواصل العمل على إنماء اقتصادَي بلدينا». ومع وصف ترمب للصين بأنها «ملك الرسوم»، رفضت واشنطن العام الماضي إعفاء الهند من الرسوم الجمركية العالية على وارداتها من الألمنيوم والصلب، وسحبت من نيودلهي وضع شريك تجاري مفضل، كان يسمح لعملاق جنوب آسيا بتصدير كل عام ما قيمته 6 مليارات دولار إلى الولايات المتحدة من دون دفع رسوم جمركية.
ورداً على ذلك، زادت الهند الرسوم الجمركية على 28 منتجاً مستورداً من الولايات المتحدة، بينها اللوز والتفاح والجوز، وهي منتجات قريبة من قلوب ناخبي ترمب في المناطق الريفية.
وأكد نظيره الهندي سوبراهمانيام جايشانكار ذلك بقوله إني «متفائل بمسار العلاقات الاقتصادية بيننا»، إلا أنه أكد التزام الهند بشراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي «إس 400» بقيمة 5.2 مليار دولار، رغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على الدول التي تشتري معدات عسكرية روسية الصنع. وقال جايشانكار، في تصريحات نقلتها عنه الصحافة الفرنسية: «أعتقد أن الوزير بومبيو يعلم، وقد أوضحت له تفصيلاً، أن لدينا كثيراً من العلاقات مع كثير من الدول... سنفعل ما يخدم مصلحتنا الوطنية». وأكد أن بومبيو «تفهم» المخاوف الهندية من احتمال أن يتسبب النزاع بين الولايات المتحدة وإيران في عرقلة تدفق النفط من الشرق الأوسط، ويعرّض للخطر الأعداد الكبيرة من الهنود العاملين في المنطقة. وأضاف أن بومبيو «يفهم أننا اليوم خامس أكبر اقتصاد في العالم، يستورد 85 في المائة من الطاقة التي يحتاج إليها، ويأتي جزء كبير منها من الخليج... إنه يفهم مصالحنا».
وصرّح بومبيو عقب لقائه مودي: «أنا واثق أننا قادرون على البناء على الأساس القوي للعلاقات بين البلدين الديمقراطيين العظيمين. وقد شاهدنا ذلك في الانتخابات، وشاهدنا هذا النشاط الديمقراطي المذهل يقود إلى هذه النتيجة الرائعة».
وبوصفها قوة ديمقراطية في منطقة تهيمن عليها الصين، تعدّ الهند شريكاً طبيعياً لواشنطن، إلا أن ترمب أثار غضب نيودلهي بسبب الإجراءات التي اتخذها لتقليص الخلل في التوازن التجاري بينهما، في إطار سياسته «أميركا أولاً». كما تشعر واشنطن بالاستياء مما تعتبره حمائية هندية، تتمثل في الإجراءات الروتينية التي تمنع الشركات الأجنبية من المنافسة في السوق الهندية، التي تعد أكثر من مليار مستهلك، بحسب المنتقدين.
وكان قد التقى بومبيو بالرئيس الأفغاني أشرف غني خلال زيارة لم يعلن عنها مسبقاً إلى كابل لمناقشة محادثات السلام الجارية مع «طالبان» والوضع الأمني قبل الانتخابات الرئاسية الأفغانية المقررة في سبتمبر (أيلول). وتوقف بومبيو الثلاثاء في كابل، وهو في طريقه إلى نيودلهي. وتأتي زيارته إلى أفغانستان، التي استمرت نحو 7 ساعات، قبل جولة سابعة من محادثات السلام بين قادة «طالبان» والمسؤولين الأميركيين، تهدف إلى إيجاد تسوية سياسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ 18 عاماً. ومن المقرر أن تبدأ الجولة التالية من محادثات السلام في 29 يونيو (حزيران) في العاصمة القطرية الدوحة.
وقال بومبيو، كما نقلت عنه «رويترز»: «آمل أن يكون لدينا اتفاق سلام قبل الأول من سبتمبر (أيلول). هذه بالتأكيد مهمتنا المحددة». وستركز المحادثات بين واشنطن و«طالبان» على وضع جدول زمني لسحب القوات التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان، وعلى أن تضمن «طالبان» ألا يخطط المتشددون لشن هجمات انطلاقاً من الأراضي الأفغانية. وقال بومبيو: «بينما أوضحنا لحركة (طالبان) أننا مستعدون لسحب قواتنا، أريد أن أوضح أننا لم نتفق بعد على جدول زمني للقيام بذلك». ويوجد في أفغانستان نحو 20 ألف جندي أجنبي، معظمهم أميركيون، في إطار مهمة لحلف شمال الأطلسي تقودها الولايات المتحدة للتدريب والمساعدة وتقديم المشورة للقوات الأفغانية. وتشارك بعض القوات الأميركية في عمليات لمكافحة الإرهاب. وفي مقابل انسحاب القوات الأجنبية، تطالب الولايات المتحدة «طالبان» بضمان عدم استخدام أفغانستان كقاعدة لهجمات المتشددين. وقال بومبيو: «نحن متفقون على أن السلام هو على رأس أولوياتنا، وأن أفغانستان يجب ألا تستخدم مرة أخرى منصة للإرهاب الدولي». وأضاف أن الجانبين جاهزان تقريباً للوصول إلى مسودة توضح التزام «طالبان» بالانضمام إلى باقي الأفغان، في ضمان ألا تصبح الأرض الأفغانية مرة أخرى ملاذاً آمناً «للإرهابيين».
وعرض الرئيس الأفغاني أيضاً مراراً إجراء محادثات مع «طالبان»، لكن الحركة تصرّ على أنها لن تتعامل مباشرة مع حكومة غني. وقال بومبيو: «تتفق جميع الأطراف على أن وضع اللمسات الأخيرة على تفاهم بين الولايات المتحدة وحركة (طالبان) بشأن الإرهاب ووجود القوات الأجنبية سيفتح الباب أمام الحوار والتفاوض بين الأفغان»، مضيفاً أن الخطوة التالية تكمن في صميم الجهود الأميركية. وقال: «لا ولن نتفاوض مع (طالبان) نيابة عن الحكومة أو شعب أفغانستان».
بومبيو يحاول إصلاح العلاقات مع الهند... ونيودلهي تصرّ على صفقة «إس 400»
التقى الرئيس الأفغاني خلال زيارة لم يعلن عنها إلى كابل لمناقشة المحادثات مع «طالبان»
بومبيو يحاول إصلاح العلاقات مع الهند... ونيودلهي تصرّ على صفقة «إس 400»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة