الائتلاف التونسي الحاكم يحسم تاريخ الانتخابات الرئاسية

نفى دخوله في أي مشاورات لتأجيلها رغم مطالب المعارضة

TT

الائتلاف التونسي الحاكم يحسم تاريخ الانتخابات الرئاسية

نفت الأحزاب السياسية المشاركة في الائتلاف التونسي الحاكم مشاركتها في مشاورات حول تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة بعد نحو ثلاثة أشهر، وأكدت قيادات حركة «النهضة» وحركة «تحيا تونس»، وحركة «نداء تونس»، رفضها للدعوات التي تروج لتأجيل الانتخابات.
ولقيت دعوات سابقة لتأجيل الانتخابات، بحجة أن البلاد غير مهيأة بما يكفي لإجرائها، رفضاً قاطعاً من قبل هيئة الانتخابات، إذ أكد رئيسها نبيل بافون عدم تلقيها أي طلب رسمي في هذا الصدد، مشيراً إلى أن مسألة التأجيل «غير مطروحة في الهيئة التي تواصل الترتيبات الضرورية لاستكمال المسار الانتخابي، واحترام المدة النيابية للبرلمان التونسي، ورئاسة الجمهورية، كما ينص عليها الدستور التونسي».
في السياق ذاته، أكد حافظ قائد السبسي، رئيس اللجنة المركزية لحركة «نداء تونس» (جناح المنستير) في مؤتمر صحافي، أن تأجيل الانتخابات «غير وارد بالمرة»، واستغرب في المقابل دعوات التأجيل قبل شهر واحد من الشروع في تقديم الترشحات المتعلقة بالانتخابات البرلمانية، مؤكداً أن «نداء تونس»: «ملتزم بالروزنامة التي حددتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ولن يقبل بالتأجيل، وسيقدم مرشحين للانتخابات البرلمانية في كل الدوائر الانتخابية، كما كان الأمر خلال الانتخابات البلدية التي جرت في السادس من مايو (أيار) 2018»، على حد تعبيره.
من جانبها، نفت حركة «النهضة» انخراطها في نقاشات ومشاورات تتعلق بتأجيل الانتخابات، وأكدت رفضها لمقترح التأجيل، والتزامها الكامل بالمواعيد الانتخابية التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وفي هذا السياق انتقد عبد الحميد الجلاصي، القيادي في الحركة، دعوات التأجيل، وقال إن وراءها «نزوات بعض الأحزاب التي تتوهم أن إنقاذ أوضاعها المتأزمة قد يكون هو التأخير لبضعة أشهر».
وترى أحزاب الائتلاف الحاكم أن رئيس الجمهورية هو الطرف الوحيد الذي يحق له اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات، باعتباره الشخص الوحيد الذي يملك صلاحية التوقيع على قرار دعوة الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع، علماً بأنه لا يسمح له الدستور باتخاذ قرار التأجيل إلا إذا كان هناك «خطر داهم» على البلاد، وهو ما لا يوجد في الظروف السياسية والأمنية الحالية.
لكن معظم الأحزاب المعارضة تؤكد وجود تفاهمات سرية تجمع راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة»، ويوسف الشاهد رئيس حركة «تحيا تونس»، والباجي قائد السبسي الرئيس الشرفي لحركة «نداء تونس»، وتتهم هذه الأطراف بالسعي إلى تأجيل الانتخابات «لأنها غير قادرة على تأمين مناخ انتخابي يمكنها من العودة إلى السلطة، ويؤمن لها موقعها في الحكم». وفي هذا الصدد، اعتبر سالم الأبيض، النائب عن الكتلة الديمقراطية (كتلة معارضة داخل البرلمان) أن أعضاء الكتلة تخلوا عن موافقتهم على الطعن المقدم إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، بعد اكتشافهم أن تعديل القانون الانتخابي «قد يكون مطية لدعوات لتأجيل الانتخابات» على حد قوله.
على صعيد متصل، نفى عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ«الشرق الأوسط» إصدار الهيئة قراراً جديداً يتعلق بالشروط الجديدة للترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعد موافقة البرلمان على تعديل للقانون الانتخابي.
وأكد أن الهيئة لا يمكنها عملياً وقانونياً إقرار أي تعديلات على شروط الترشح، إلا بعد صدور قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، التي تلقت طعناً في التعديل المذكور، صدر عن 51 نائباً برلمانياً.
وأضاف البرينصي أن الهيئة ستحسم في هذا الطعن، الذي تصدره قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين في أجل أقصاه 20 يوليو (تموز) المقبل، وعندها فقط سيكون لهيئة الانتخابات الحق في إصدار شروط جديدة للترشح، أو الإبقاء على المقاييس نفسها، على حد قوله.
في غضون ذلك، أعلن حزب «قلب تونس»، الذي أسسه نبيل القروي، صاحب قناة «نسمة»، ورئيس جمعية «خليل تونس»، إثر إقصائه من الترشح للانتخابات بسبب ترؤسه مؤسسة إعلامية وجمعية أهلية، عن تعيين القروي رئيساً لهذا الحزب السياسي الجديد، الذي أسس خصيصاً للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وكان هذا الحزب يحمل في البداية اسم حزب «السلم الاجتماعي التونسي» قبل أن يتم تغيير اسمه إلى حزب «قلب تونس».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.