اتفاق عراقي ـ إيراني للبحث عن رفات مفقودي الحرب

TT

اتفاق عراقي ـ إيراني للبحث عن رفات مفقودي الحرب

اتفقت لجان فنية من وزارتي الدفاع في العراق وإيران، على البحث والتنقيب المشترك عن رفات عشرات الآلاف من المفقودين في الحرب التي استمرت 8 سنوات بين البلدين وانتهت في 1988.
وجاء الاتفاق بعد سلسلة مطولة من الاجتماعات بين الجانبين، عقدت على مدى السنوات العشر الماضية، في كل من بغداد وأربيل وطهران.
وأكد رئيس اللجنة الفنية لملفي الأسرى والمفقودين في وزارة الدفاع العراقية اللواء حازم قاسم محمد، لـ«الشرق الأوسط»، أن لجنة فنية مشتركة تضم خبراء ومختصين من الجانبين ستبدأ أعمالها الشهر المقبل تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبالتعاون مع وزارة شؤون الشهداء وضحايا حملات الأنفال في حكومة إقليم كردستان العراق.
وقال إن «تعليمات مباشرة صدرت من القائد العام للقوات المسلحة العراقية ووزير الدفاع، تنص على وجوب إغلاق ملف المفقودين في الحرب العراقية - الإيرانية، من خلال البحث الميداني الدقيق عن رفات ضحايا الحرب من الجنود العراقيين، وإعادتها إلى ذويهم». وأوضح أن بغداد وطهران اتفقتا على «المباشرة بأعمال البحث والتنقيب عن الرفات في بنجوين وجبال ماوت بمحافظة السليمانية ومنطقة حاجي عمران بمحافظة أربيل، وهي 3 مناطق حدودية كانت قد شهدت معارك عنيفة بين الجانبين خلال سنوات الحرب، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الطرفين».
وأشار إلى أن «المعلومات التي تلقيناها من مصادر موثوقة، تؤكد وجود كثير من رفات العسكريين الضحايا، لا تزال مدفونة في تلك المناطق، وقد بحثنا مع الجانب الإيراني في الاجتماع الذي عقد في أربيل خلال اليومين الماضيين، آلية وخطة البحث في تلك المناطق، تحت إشراف فريق مختص من اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي لديها أرقام ومعلومات عن عدد ضحايا الحرب من المفقودين من كلا البلدين».
ولفت إلى أن «الإحصاءات الرسمية لدى الجانب العراقي تشير إلى أن عدد المفقودين العراقيين، يبلغ نحو 50 ألف شخص من مختلف المراتب العسكرية، فيما يبلغ عدد المفقودين من الجانب الإيراني نحو 55 ألفاً». وقال إن عمليات البحث ستشمل مساحات واسعة داخل الأراضي الإيرانية أيضاً، وإن فريق الجانب العراقي يضم ممثلين عن وزارة الدفاع ومختصين عن دائرة الطب العدلي بوزارة الصحة وممثلين عن وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين بحكومة إقليم كردستان، بوصفها عضواً فاعلاً في المسألة. ونفى اللواء حازم قاسم صدور قرارات من السلطات العراقية بصرف تعويضات مادية لأسر الضحايا العسكريين، مشيراً إلى أن القوانين العراقية السارية تعدّ المفقود العسكري ميتاً بعد مرور 4 سنوات على فقدانه وانقطاع أخباره، وتصرف لأسرته المستحقات المالية وفقاً لتلك القوانين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.