شوارع عريقة بحس كرنفالي تنشر البهجة في القاهرة

المعز والكوربة والألفي والشريفين الأبرز

فعاليات فنية وتشكيلية وسط القاهرة التراثية (وزارة الثقافة)
فعاليات فنية وتشكيلية وسط القاهرة التراثية (وزارة الثقافة)
TT

شوارع عريقة بحس كرنفالي تنشر البهجة في القاهرة

فعاليات فنية وتشكيلية وسط القاهرة التراثية (وزارة الثقافة)
فعاليات فنية وتشكيلية وسط القاهرة التراثية (وزارة الثقافة)

تسري البهجة في هواء بعض شوارع مدينة القاهرة التراثية، التي تصلح لقضاء وقت ممتع بعيداً عن ضوضاء المرور وتكدس المباني. ورغم تعدد تلك الشوارع، واتساع الكيلومترات التي تفصل بينها بالعاصمة المصرية الكبيرة، فإن ثمة عوامل مشتركة تربط بين تلك الشوارع، وتجمعها في باقة واحدة، عنوانها البهجة.
وتصف مروة السيد، التي تعمل في مجال الإعلام والأفلام القصيرة، شارع الكوربة، بحي مصر الجديدة (شرق القاهرة)، بأنه شارع «ممتع ومبهج»، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «السير في هذا الشارع العريق يحمل كثيراً من السحر، علاوة على اعتباره مركزاً حيوياً للمطاعم والمقاهي العربية المتنوعة، كالمطاعم اللبنانية والسورية»، وتضيف: «لسنوات طويلة، كان الكوربة يشهد كرنفالاً شديد البهجة مع مطلع الربيع؛ كانت به فرق موسيقية وغناء ورسم على الأسفلت. وحالياً، يشهد تجمعات لتنظيم رياضة الجري في الصباح. وفي نهاية العام الماضي، كانت في الكوربة شجرة عيد ميلاد ضخمة مرصعة بالجمال، مصحوبة بهاشتاغ (مصر الجديدة منطقة تراثية)، وكان الجميع يلتقط بجوارها الصور التذكارية».
وميدان الكوربة هو أحد المناطق الرئيسية بحي مصر الجديدة الراقي العريق في مصر، ويتميز بطرازه المعماري البلجيكي النادر. ويعد الكوربة من أهم سمات الحي، ويتميز بشكله المثلث، ويقع شارع الكوربة على مقربة من قصر الاتحادية الرئاسي.
ورغم إقامتها في حي المعادي الهادئ بالقاهرة، فإن هند الشناوي، أدمن صفحة «منطقتي» على موقع «فيسبوك»، المهتمة بتراث منطقة وسط البلد وأحيائها، تتحدث عن ارتباطها بشوارع وسط البلد الحيوية، وتُعدد في حديثها لـ«الشرق الأوسط» الشوارع التي لم تفقد بهجتها بالنسبة للمارة رغم عراقتها، وتقول: «شارع الألفي، على سبيل المثال، هو أحد أكثر الشوارع جاذبية للمارة في وسط البلد، لكثرة المقاهي والمطاعم به، فبه أشهر المقاهي، كمقهى شهرزاد وأم كلثوم، وكذلك دور السينما... كريم ورينساس، وهو قريب من سينما كايرو بالاس».
ويتوسط شارع الألفي منطقة القاهرة الخديوية، وقد تم تطويره عام 2017، وافتتاحه بشكل رسمي ضمن خطة تطوير وإعادة القاهرة الخديوية، وتم تخصيص حارة خاصة للمشاة به، للاستمتاع بالسير وسط المباني التراثية.
وتشير أدمن صفحة «منطقتي» إلى شارعي «الشريفين» وممر «بهلر» كنماذج للمناطق الجاذبة للأنشطة الترفيهية في وسط البلد كذلك، وتقول: «الفعاليات الثقافية التي تُنظم في ممر (بهلر) جاذبة لمحبي الفن والموسيقى، كما توجد بشارع (الشريفين) مُجسمات وتصميمات تجذب المارة، كان من بينها مجسم مكتوب عليه بحروف إنجليزية (أنا أحب القاهرة) (I Love Cairo)، الذي كان يحرص السائرون به على التقاط الصور التذكارية بجواره».
ويشهد شارع «الشريفين» تنظيم فعاليات تشكيلية وفنية وغنائية بركن الإبداع، بعد انتهاء جهاز التنسيق الحضاري ومشروع تطوير القاهرة الخديوية من تطويره أخيراً، بوسط القاهرة، ليصبح أهم الممرات والشوارع التي تجتذب محبي التراث والفنون، ومتنفساً مهماً لسكان العاصمة المكتظة، فيما يستضيف ممر بهلر بوسط القاهرة كذلك فعاليات غنائية وموسيقية خلال ليالي شهر رمضان الفنية التي تحييها وزارة الثقافة المصرية، عبر فرق «سماع» للموسيقى الروحية و«أوركسترا النور والأمل» وغيرهما.
وعلى بعد كيلومترات من منطقة وسط البلد، يقع شارع المعز في منطقة الأزهر، وهو شارع ذو خصوصية لافتة، حيث يجمع بين الترفيه والسياحة التاريخية، ويكاد لا يخلو من مشاهد المارة الذين يلتقطون الصور التذكارية به، سواء من المصريين أو الأجانب، فهو دُرة القاهرة التاريخية، ويمر بمنطقة النحاسين، وخان الخليلي، والصاغة، ويضم ما يزيد على 200 أثر إسلامي وحده، بين مساجد وبيوت وأسبلة ومدارس، ويستقبل سنوياً احتفالات كرنفالية، مثل مهرجان الطبول الدولي الشهير، وفعاليات غنائية دولية كثيرة على مدار العام.
الباحث الأثري المصري سامح الزهار يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «شارع المعز من الشوارع التي عرفت البهجة منذ القدم، وحيث كان شاهداً حياً على احتفالات الفاطميين، والجامع الأنور، وصلوات العيد في الساحات، وألعاب صبيان الخف (البهلوانات) في المناسبات، لذلك فإنني عندما أسير فيه أشعر فيه بأنفاس الحجر وأنينه، وكلما عبرت به أترحم على كل عامل وفنان عمل على نحت وبناء كل أثر حي به، فهو بمثابة متحف مفتوح، يحمل سمات القاهرة المدينة الحيّة بحاراتها الشعبية، والمحال، والمقاهي، وصناع الأدوات التقليدية».
وأضاف: «أطلق عليه اسم الشارع الأعظم الذي كان مُلهماً للأدباء الكبار، على غرار أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ. وإلى جانب المعز، هناك آثار شارع الغورية الأكثر حكياً ودرامية، وشوارع المهن كالسروجية والمغربلين، وبها تجليات الزمن، وهو ما يجعل السير في أرجائها متعة كبيرة».



التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
TT

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لوكالة «ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة غامرة. وقالت عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، البروفيسورة كاثرين هيمانز، لـ«بي بي سي»: «أحبُّ المجرّة البراقة والمتألِّقة بأضواء عيد الميلاد، كأنّ هذه ما كان عليه الكون وهو يبلغ من العمر 600 مليون عام فقط». تُظهر الصورة 10 كرات من النجوم بألوان مختلفة، تبدو مثل زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون. وهذه المرّة الأولى التي شاهد فيها العلماء كتلاً من النجوم تتجمَّع لتُشكل مجرّة مثل «درب التبانة»، فأطلقوا على المجرّة البعيدة اسم «اليراعة المتألّقة»، لتشابُهها أيضاً مع سرب من اليراعات متعدِّد اللون.

من مداره في الفضاء، من دون عوائق من الغلاف الجوّي للأرض، أظهر لنا أقوى تلسكوب على الإطلاق، مزيداً من المجرّات الأبعد، وبالتالي الأقدم؛ لكنها ليست مثل مجرّتنا في المراحل المُبكرة من التشكيل. ووفق الدكتورة لاميا ماولا، من كلية «ويليسلي» في ماساتشوستس، المُشاركة في قيادة البحث، فإنّ «البيانات الخاصة بما حدث في هذه المرحلة من الكون ضئيلة جداً». وأضافت: «هنا نُشاهد مجرّة وهي تتشكَّل حجراً بحجر. فالمجرّات التي نراها عادة حولنا تشكَّلت بالفعل، لذا فإنها المرّة الأولى التي نشهد فيها هذه العملية».

ووصفت البروفيسورة هيمانز، عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، والمستقلّة عن فريق البحث، الاكتشاف بأنه «رائع، ومهمّ علمياً وبالغ الاحتفاء»؛ وقالت: «مدهش أن يبني البشر منظاراً يتيح التطلُّع إلى الماضي البعيد جداً، فنرى هذه المراحل الوليدة جداً من المجرّة بطريقة احتفالية جميلة كهذه».

لغز الكون وعجائبه (ناسا)

وتختلف ألوان العناقيد النجمية باختلاف مراحل تكوينها، وفقاً للدكتورة ماولا: «إنها جميلة لأنّ الحياة الباكرة للمجرّة نشطة جداً. نجوم جديدة تولد، ونجوم ضخمة تموت، وكثير من الغاز والغبار حولها، وكثير من النيتروجين والأكسجين... بسبب الحالة التي هي فيها، تتراءى هذه الألوان الجميلة». عندما صادفت ماولا المجرّة، لم ترَ قط كتلاً من النجوم بمثل هذه الألوان الزاهية والمتنوّعة. قادها ذلك للاعتقاد بأنّ ثمة شيئاً مختلفاً حول هذا النظام، لذا تحقّقت من مدى بُعد ذلك. لدهشتها تبيَّن أنه يبعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية.

النور الآتي من «اليراعة المتألّقة» استغرق أكثر من 13 مليار سنة ليصل إلينا. صغير جداً وبعيد جداً، حدَّ أنه لم يكن بإمكان تلسكوب «جيمس ويب» رؤيته، لولا حظوظ المصادفة الكونية. وكان هناك تجمّع من المجرّات بين «اليراعة المتألّقة» وتلسكوب «جيمس ويب»، شوَّهت الزمكان لتمدُّد الضوء من المجرّة البعيدة، وتعمل بفعالية مثل عدسة مكبرة عملاقة.

يٌسمّي علماء الفلك هذه العملية «عدسة الجاذبية»، التي، في هذه الحالة، مكَّنت الباحث المُشارك الدكتور كارثيك أيير من جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأعضاء آخرين من الفريق، من أن يروا للمرّة الأولى، تفاصيل مذهلة لكيفية تكوُّن المجرّات الأولى مثل مجرتنا «درب التبانة». وقال: «إنها تأخذ الضوء الآتي من اليراعة وتثنيه وتضخّمه حتى نتمكن من رؤيته بتفاصيل رائعة».