روحاني لماكرون: لا نسعى للحرب مع أي دولة

إيران أكدت أنها ستسرع عملية تخصيب اليورانيوم غداً

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستمع إلى شرح خلال الاحتفال بـ«اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية» في طهران (أ.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستمع إلى شرح خلال الاحتفال بـ«اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية» في طهران (أ.ب)
TT

روحاني لماكرون: لا نسعى للحرب مع أي دولة

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستمع إلى شرح خلال الاحتفال بـ«اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية» في طهران (أ.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستمع إلى شرح خلال الاحتفال بـ«اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية» في طهران (أ.ب)

أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده لا تسعى «للحرب مع أي دولة» ولا حتى مع الولايات المتحدة، فيما أعلنت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أن طهران ستسرع عملية تخصيب اليورانيوم بعد انتهاء مهلة للدول الأوروبية غداً.
وقال روحاني لماكرون في اتصال هاتفي إن «ايران ليس لديها أي مصلحة في تصعيد التوتر في المنطقة ولا تسعى الى الحرب مع أي دولة بما يشمل الولايات المتحدة»، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).
وجرى الاتصال في جو من التوتر الشديد بين واشنطن وطهران بعد أقل من أسبوع على إسقاط إيران طائرة مسيرة أميركية وعلى خلفية مخاوف على مستقبل الاتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني الذي بات مهددا منذ أن انسحبت منه الولايات المتحدة من جانب واحد عام 2018.
وكان ماكرون أعلن يوم (الاثنين) الماضي انه سيلتقي نظيره الأميركي دونالد ترمب لبحث الملف الإيراني على هامش قمة مجموعة العشرين التي تعقد في نهاية الأسبوع في اليابان.
وبحسب الوكالة فإن روحاني قال أيضا للرئيس الفرنسي إن الإيرانيين «كانوا على الدوام ملتزمين بالسلام والاستقرار الإقليمي وسيواصلون بذل جهود في هذا الصدد».
وشدّد روحاني على أن انضمام إيران إلى الاتفاق النووي الذي أبرم في فيينا عام 2015 «كان مشروطا بالوعود الأوروبية الهادفة لضمان المصالح الاقتصادية لإيران والتي لم يتحقق أي شي منها».
وقال روحاني أيضا لماكرون «إذا لم تتمكن إيران من الاستفادة» من الاتفاق فإنها «ستحد من الالتزامات» الواردة فيه، مذكّراً بأن إيران «لن تدخل مهما كانت الظروف في مفاوضات جديدة حول الاتفاق».
وبحسب الوكالة، فإن الرئيس الإيراني أخذ على الولايات المتحدة أنها «مسؤولة عن كل التوترات في المنطقة».
وأشار روحاني، كما ذكرت الوكالة، إلى أن «الطائرة المسيرة الأميركية استُهدفت بعدما تلقت تحذيرات بأنها انتهكت المجال الجوي الإيراني». وحذّر من أنه "إذا أرادت الولايات المتحدة الدخول بشكل غير شرعي إلى المياه الإيرانية، فإن القوات المسلحة ستتصدى بحزم» لذلك.
وفي سياق متصل، قالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية إن متحدثا باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية صرح اليوم (الأربعاء) بأن إيران ستسرع عملية تخصيب اليورانيوم بعد أن تنتهي غداً مهلة ممنوحة للدول الأوروبية كي تتحرك لمنع هذا.
وقال بهروز كمالوندي المتحدث باسم المنظمة «مهلة منظمة الطاقة الذرية لتخطي حد الثلاثمائة كيلوغرام في إنتاج اليورانيوم المخصب ستنتهي غدا... وبانتهاء هذه المهلة سيتسارع التخصيب».
وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد قال أمس (الثلاثاء)، إن بلاده ستتخذ خطوات جديدة في السابع من يوليو (تموز) لتقليص التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
من جهته، قال قائد القوة الجوفضائية بـ«الحرس الثوري» الإيراني البريجادير جنرال أمير علي حاجي زادة إن الولايات المتحدة لن تجرؤ على انتهاك أراضي إيران.
ونقلت وكالة مهر للأنباء عن حاجي زادة قوله «لا أميركا ولا أي دولة أخرى تجرؤ على انتهاك الأراضي الإيرانية»، حسب قوله.
وقال علاء الدين بروجردي عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني «تدمير الطائرة الأميركية المسيرة كان رسالة جيدة جداً للدول الأخرى في المنطقة كي تعرف كيف تستمد قوتها الذاتية من قدراتها الوطنية».
وتؤكد واشنطن من جانبها أن الطائرة المسيرة أسقطت في المجال الجوي الدولي.



«هدنة غزة» أشعلت حرباً إعلامية حول الطرف المنتصر

فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
TT

«هدنة غزة» أشعلت حرباً إعلامية حول الطرف المنتصر

فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)

لم يكد اتفاق «هدنة غزة» يُعلَن، وتسود الآمال في وقف القتال بالقطاع، حتى اندلعت معركة أخرى في الفضاء الإعلامي العربي حول اسم المنتصر في الحرب، التي اندلعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ذلك الصراع على «هوية المنتصر» ارتبط بخلاف حول معايير النصر والهزيمة، بين من يربطها بحجم الدمار وأعداد القتلى، ومن يحيلها إلى فضاء أوسع رابطاً إياها بإحياء القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني، لتشتعل حرب إعلامية في وسائل الإعلام التقليدية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تبارى كل طرف فيها من أجل ترجيح كفة المنتصر في الحرب التي استمرت أكثر من عام، وخلّفت نحو 50 ألف قتيل، إضافة إلى آلاف الجرحى، ناهيك عن الدمار الذي لحق بقطاع غزة وتبعاته الاقتصادية داخلياً وإقليمياً.

تزامنت هذه الحرب الافتراضية مع احتفالات وتهانٍ باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الوسطاء «مصر، وقطر، والولايات المتحدة الأميركية»، الأربعاء الماضي، ومن المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ، صباح الأحد، آملين أن ينهي معاناة سكان قطاع غزة.

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وكانت حركة «حماس»، قد اعتبرت أن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل «إنجازاً وانتصاراً» جاء نتيجة «الصمود الأسطوري» للشعب الفلسطيني.

«الحرس الثوري» الإيراني، أيضاً عدّ الاتفاق «هزيمة كبرى لإسرائيل»، حسب إفادة رسمية، الخميس الماضي. فيما كتب حساب المرشد، علي خامنئي، عبر منصة «إكس» أن «المقاومة الفلسطينية»، و«محور المقاومة» المدعوم من إيران، نجحا في إجبار إسرائيل على «التراجع». وأشادت وزارة الخارجية الإيرانية باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، عادّةً إياه «انتصاراً تاريخياً للشعب الفلسطيني». كما هنأ أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، الفلسطينيين بوقف إطلاق النار في غزة.

«صمود الشعب الفلسطيني» كان أحد المعايير الرئيسية فيمن يرون في اتفاق وقف إطلاق النار «انتصاراً». وفي هذا السياق كتب عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، الإعلامي مصطفى بكري، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، يقول: إن «فرحة الفلسطينيين، رغم الموت والدمار، رغم الجوع والمرض، تؤكد أنه شعب جبّار لا يعرف اليأس أو الإحباط. عاد المحتل الصهيوني يجر أذيال الخيبة والعار... الشعب يشعر بالانتصار رغم الدمار والخراب».

وبالمثل حيّت الإعلامية المصرية لميس الحديدي «صمود ومقاومة» الشعب الفلسطيني، عبر منشور بحسابها على «إكس» اختتمته بهاشتاغ «غزة تنتصر».

على الجانب الآخر كان هناك من لا يرى في اتفاق وقف إطلاق النار انتصاراً، مبرراً ذلك بحجم الدمار الذي ألمّ بقطاع غزة، وعدد الضحايا والمصابين، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية محلياً وإقليماً وعالمياً، لا سيما مع هجمات جماعة «الحوثي» في اليمن على السفن المارة في البحر الأحمر، التي أدت إلى تغيير مسار الملاحة العالمية، ما كبّد شركات الشحن الكبرى تكاليف إضافية، فضلاً عن تراجع عائدات «قناة السويس المصرية» بنسبة وصلت إلى 60 في المائة، حسب تقديرات رسمية.

وهو ما عبّر عنه مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة، في تصريحات متلفزة، الأسبوع الماضي، بقوله: «إن حصاد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ثقيل للغاية من حيث عدد الشهداء والجرحى والمفقودين». وأضاف: «ليس من الواضح من هو المنتصر ومن المهزوم بالحرب الدامية في غزة».

وبينما عدّ حساب على «إكس»، الحديث عن انتصار بعد هذا العدد من الضحايا بمثابة «عبث بدماء الأبرياء». قال حساب آخر على «إكس» إن «النصر لا يُقاس بالقتلى المدنيين ولا التدمير في البنية التحتية... النصر هو انتصار قوة على قوة في الميدان وفرض الشروط».

لكن الصحافية المصرية سارة علام شلتوت كتبت عبر حسابها على «فيسبوك»، تقول إن «الحديث عن الانتصار في غزة لا يراعي حجم الخسائر والتضحيات»، مشيرة إلى أن «الانتصار الوحيد الذي تم، هو إفشال مخطط التهجير»، وإن عدت ذلك «تراجعاً معنوياً ضخماً كونه مجرد إفشال مخطط».

ومن مواقع التواصل، انتقل الجدل إلى وسائل الإعلام الرسمية، عبر تقارير ومقالات عدة تحاول الإجابة عن سؤال «من المنتصر في حرب غزة».

وشارك حساب قناة «العربية» على «إكس» رابطاً من حلقة ناقشت هوية المنتصر مع تعليق، قال فيه الباحث في العلاقات الدولية، عباس خامه يار، يصف اتفاق وقف النار في غزة بـ«انتصار لـ(حماس)»... وقالت مذيعة «العربية»، ميسون نويهض: «بعد مقتل 50 ألف فلسطيني وتسوية القطاع بالأرض؟».

وتناولته قناة «فرنسا 24» في تقرير، وكتبت عبر «إكس»: «هل اتفاق تبادل الرهائن هو انتصار لـ(حماس)؟».

وكتب أستاذ الاجتماع السياسي في جامعة الكويت، محمد الرميحي، في مقاله بـ«الشرق الأوسط» يقول: «سوف يحصل الغزيون على غزة منقوصة الجغرافيا، ومن دون سيطرة (حماس)، والكثير من المقابر الجديدة، ومع ذلك سنجد من يتحدث عن (الانتصار)!».

الجدل بشأن هوية المنتصر بدأ قبل إعلان الاتفاق بوقت طويل، فمع طول أمد الحرب حاول كثيرون وضع سيناريوهات لنهايتها بناء على تعريف «الانتصار والهزيمة» بالنسبة لأطرافها. وقال الدكتور محمد عباس ناجي، في مقال نشره «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في فبراير (شباط) من العام الماضي، إن «هناك غموضاً بشأن معنى (الانتصار) و(الهزيمة) لدى كلٍّ من طرفَي الحرب والقوى الداعمة لهما».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحديد هوية المنتصر والمهزوم في أي حرب مرتبط بمدى تحقيق كل طرف لأهدافه في تلك المعركة»، مشيراً إلى أنه «بتطبيق ذلك على غزة، فإن تل أبيب أعلنت أن هدفها من الحرب هو القضاء على حركة (حماس)، واستعادة الرهائن وهو ما لم تحققه».

وأضاف: «بينما لا يمكن على وجه الدقة معرفة أهداف حركة (حماس) من هذه الحرب، لكن يمكن ربط نتائجها بسياق القضية الفلسطينية وإعادة إحيائها سواء عبر حركة التضامن العالمي مع غزة، أو تحريك قضايا في محكمة العدل الدولية، وبالقياس على ذلك يمكن أن يعد اتفاق وقف إطلاق النار انتصاراً لفلسطين».

وعشية دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قالت حركة «حماس»، في إفادة رسمية السبت، إن «إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها العدوانية في غزة».