سياسيو لبنان يصعّدون «حربهم» على «تويتر»... وبري أبرز الغائبين

جنبلاط يقرر العودة إلى الطرق التقليدية لـ«التواصل»

سعد الحريري (إ.ب.أ)
سعد الحريري (إ.ب.أ)
TT

سياسيو لبنان يصعّدون «حربهم» على «تويتر»... وبري أبرز الغائبين

سعد الحريري (إ.ب.أ)
سعد الحريري (إ.ب.أ)

لم يأتِ قرار رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والعودة إلى الطرق التقليدية، عبثاً؛ فالمعركة التي شهدها موقع «تويتر» يوم الأحد الماضي بين «تيار المستقبل» و«التقدمي الاشتراكي» وشارك فيها رئيس الحكومة سعد الحريري، تركت أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كانت وسائل التواصل تخدم السياسيين اللبنانيين ومصالحهم أم تضرهم، خصوصاً أن أي سجال بين طرفين بات يستدعي تجييش متابعيهما عبر مختلف المنصات الإلكترونية، مما انعكس أكثر من مرة توتراً في الشارع.
وعدّ جنبلاط في «تغريدة» له أمس أن «وسائل التواصل الاجتماعي اليوم قد يكون فيها إيجابيات، لكن سلبياتها أكبر»، وقال: «لذا قررت من الآن وصاعداً استخدام الطرق التقليدية للاتصال، وهي أضمن وأدق، وتسمح بالمراجعة والتفكير بعيداً عن التوتر والتوتر المضاد والسجالات المرهقة من دون جدوى». وختم: «لن أنشر من الآن إلا المواقف العامة أو بعض الصور».
ولم يتدخل جنبلاط شخصياً في المعركة التي شهدها «تويتر» يوم الأحد، وتوجه بعد ساعات من إطلاق النار السياسي بين «المستقبل» و«الاشتراكي» إلى «الرفاق والمناصرين» مطالباً بـ«عدم الوقوع في فخ السجالات والردود العلنية». وبعكس جنبلاط؛ آثر الحريري المشاركة شخصياً في «المعركة الافتراضية» وكتب 3 تغريدات تضمنت «وجوهاً معبرة». وقد أثارت إعادة أمين عام «المستقبل» أحمد الحريري نشر تغريدة لرئيس حزب «التوحيد» وئام وهاب مع رموز تؤكد تأييده ما ورد فيها، استغراب كثيرين، خصوصاً أن وهاب أحد أبرز الشخصيات في فريق «8 آذار» المعارض لـ«المستقبل».
وعدّ مفوض الإعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» رامي الريس، أن دخول السياسيين إلى العالم الافتراضي ضمن الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم، أمر طبيعي في إطار مواكبة العصر والواقع الجديد على المستوى الإعلامي، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ثمة تقدماً كبيراً يحصل في وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات العمل الإعلامي تجب مواكبته، وإن كانت هناك علامات استفهام حول سرعة الرد التي تجعله ممكناً في لحظات الانفعال». وأضاف: «بنهاية المطاف لا يجوز أن نحمّل وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولية المواقف التي تطلقها القوى السياسية التي يتوجب أن تحدد هذه المواقف بالطريقة التي تراها مناسبة».
وترى الدكتورة منى فياض، الأستاذة في علم النفس بالجامعة اللبنانية، أن وسائل التواصل الاجتماعي «لا تخدم السياسيين في لبنان ومصالحهم، خصوصاً أنهم يلجأون إليها في وقت الانفعال، مما يدفعهم في كثير من الأحيان لقول الشيء ومن ثم نقيضه، وفي كثير من الأحيان إلى حذف موقف أو تغريدة، علماً بأن الناشطين على هذه الوسائل يكونون قد سجلوا ما ورد فيها». وتعدّ فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كان السياسيون في لبنان يسعون إلى تقليد الرئيس دونالد ترمب الذي يعدّ أنه يحكم أميركا والعالم عبر (تويتر)، فعليهم أن يعوا أولاً أن وسائل التواصل لا تخدم الرئيس الأميركي أيضاً وإن كانت تصب في مصلحة بعض السياسيين الغربيين».
وتنبّه فياض إلى أن «الاتجاه الشعبوي المسيطر في العالم لا ينفع في بلد كلبنان؛ حيث الخصوصيات كثيرة، فلا تصريحات وخطابات وزير الخارجية جبران باسيل التي تثير الغرائز وتؤلب الرأي العام تصب في المصلحة العليا للدولة، ولا توتير جنبلاط والحريري للوضع نهاية الأسبوع الماضي ترك انطباعاً جيداً في المشهد العام». وتضيف: «الأخطر في الموضوع أن هناك مئات الآلاف الذين يتابعون حسابات السياسيين على مواقع التواصل، وبالتالي أي موقف منفعل يطلقه هؤلاء السياسيون الذين يُظهرون لا مسؤولية في التعاطي، سيكون له أثر سلبي على البلد الذي يشهد أصلاً انقساماً في إطار محاولة كل فريق جذبه إلى معسكره، مما يهدد بتمزيقه بنهاية المطاف».
ويختلف استخدام وسائل التواصل بين سياسي أو زعيم وغيره، ففيما يعتمد البعض منصاتهم حصراً لنشر أخبارهم الرسمية، يلجأ كثيرون للتعبير عن آرائهم في كل محطة، أو لتوجيه رسائل سياسية بطرق غير مباشرة. ويتابع الحريري مثلاً على «تويتر» 1.53 مليون شخص، فيما يتابع جنبلاط 798 ألفاً، وجعجع 476 ألفاً، وباسيل 368 ألفاً. علما بأن رئاستي الجمهورية والحكومة فتحتا حسابات تحولت ناشطة في الفترة الأخيرة.
ويعدّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أبرز الغائبين عن مواقع التواصل، خصوصاً موقع «تويتر». ولا تحمل أي صفحة اسمه على الموقع المذكور، فيما يدير المكتب الإعلامي المركزي في «حركة أمل» صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك». ويتولى المكتب الإعلامي بمقر إقامة بري في عين التينة إعداد تقارير يومية عن أبرز ما يرد في الإعلام والأمور الأساسية والمؤثرة في مواقع التواصل ليطلع عليها بري.



غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
TT

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)

في الوقت الذي جدد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة المدعومة من إيران مستهدفة محافظتي الحديدة والبيضاء.

جاءت هذه التطورات في وقت أفادت فيه هيئة بريطانية مختصة بالأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن تعرُّضها لهجمات لم تصبها أثناء وجودها في جنوب البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن منذ نحو عام تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

في هذا السياق، أفاد مكتب غروندبرغ في بيان، الثلاثاء، بأنه التقى في مسقط بكبار المسؤولين العُمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام.

وبحسب البيان، ناقش المبعوث الأممي التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية، والاستجابة للتطورات الإقليمية. كما استكشفت المناقشات سبل تعزيز الالتزامات نحو عملية سياسية يمنية شاملة.

وفي اجتماع غروندبرغ مع المتحدث باسم الحوثيين، ذكر البيان أنه طالب أيضاً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المعتقلين تعسفياً.

ويأمل المبعوث الأممي أن تقود جهوده إلى تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي ازدادت تعقيداً مع هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن وتصعيدهم إقليمياً، وهو ما أدى إلى تجمد التوصل إلى اتفاق للسلام.

غارات غربية

ضمن العمليات التي تقودها واشنطن في اليمن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها، الثلاثاء، غارات لليوم الرابع على التوالي، وصفتها بـ«الأميركية البريطانية».

ونقل إعلام الحوثيين أن 3 غارات استهدفت منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

وإذ لم تشر الجماعة إلى الأضرار الناجمة عن هذه الغارات، قالت إن غارة استهدفت سيارة في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، كما استهدفت غارتان نفذتهما طائرة أميركية من دون طيار أهدافاً في مديرية ذي ناعم والصومعة في المحافظة نفسها الواقعة إلى الجنوب الشرقي من صنعاء.

وكانت الجماعة اعترفت أنها تلقت، الاثنين، 7 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وفي حين بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي؛ لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجَّهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

هجوم دون أضرار

في سياق التصعيد الحوثي ضد السفن، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على مسافة 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت، الثلاثاء، عن انفجارات عدة في محيطها.

وبينما أضافت الهيئة أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار بالسفينة، وأن الطاقم بخير، لم تتبنَّ الجماعة الحوثية من جهتها المسؤولية عن هذه الهجمات على الفور.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا، أواخر العام الماضي، على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن، وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.