غريفيث إلى الرياض في مهمة استعادة ثقة الشرعية اليمنية

إثر غضب رئاسي من أدائه وقطيعة دامت أكثر من شهرين

TT

غريفيث إلى الرياض في مهمة استعادة ثقة الشرعية اليمنية

أفادت مصادر أممية لـ«الشرق الأوسط» بأن المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث، سيتوجه إلى العاصمة السعودية الرياض، اليوم (الأربعاء)، للقاء قيادات الشرعية اليمنية، في مسعى لاستعادة ثقة الشرعية اليمنية بالأداء الأممي وإعادة ترميم علاقته بالرئاسة اليمنية عقب نحو شهرين من القطيعة.
وتأتي عودة غريفيث إلى الرياض بعد أيام من تسريبات في أروقة الشرعية عن احتمال الانسحاب الحكومي من اتفاق السويد بخاصة بعد التصعيد الحوثي بالصواريخ والطائرات المسيّرة على مطار أبها جنوب السعودية وعلى خلفية استمرار الجماعة الموالية لإيران في خرق الهدنة الأممية في مختلف جبهات الحديدة وتحويل المحافظة الساحلية إلى مستودع كبير لإعادة تجميع الأسلحة الإيرانية المهربة.
وذكرت المصادر أن غريفيث سيصل إلى الرياض للقاء نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، لجهة وجود الرئيس عبد ربه منصور هادي في الولايات المتحدة في زيارة علاجية، كما سيلقى نائب وزير الخارجية اليمني محمد عبدالله الحضرمي، الذي يتولى حالياً إدارة ملف الخارجية عقب استقالة وزير الخارجية خالد اليماني، وعدم تعيين خلفه حتى اللحظة.
ومن المتوقع أن يسعى غريفيث إلى طمأنة الحكومة الشرعية وتأكيد النزاهة الأممية في مساعيها لتنفيذ اتفاق السويد المتضمن اتفاق الحديدة وإعادة الانتشار من المدينة وموانئها الثلاثة إضافة إلى مناقشة جوانب الاتفاق الأخرى المتعلقة بالأسرى والمعتقلين وفك الحصار عن مدينة تعز.
ورفضت الحكومة الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي أداء غريفيث في رسالة كان الرئيس اليمني قد بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريتش، أشار فيها إلى عدم حياد المبعوث الأممي ومحاولة شرعنة الوجود الحوثي بخاصة بعد مباركته الانسحاب الأحادي من ميناءي الصليف ورأس عيسى الثانويين شمال الحديدة.
وتوقعت مصادر حكومية يمنية أن تمنح الشرعية المبعوث الأممي فرصة أخرى لاستكمال مساعيه بعد الحصول على تأكيد من الأمين العام للأمم المتحدة على التزام المنظمة الدولية القيام بدورها في الأزمة اليمنية بموجب المرجعيات الثلاث وقرارات مجلس الأمن الدولي لا سيما القرار 2216.
كان الرئيس اليمني قد تلقى، السبت الماضي، رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد فيها الأخير أن « الشواغل كافة التي أُثيرت في رسالة هادي بتاريخ 22 مايو (أيار) 2019 والتي أُعيد تأكيدها وتسليمها كوثيقة في لقاء هادي مع وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روزماري ديكارلو قد تم أخذها بنظر الاعتبار».
وحسبما أوردته المصادر الحكومية الرسمية، أكد الأمين العام في رسالته أن العلاقة بين الأمم المتحدة وحكومة الرئيس هادي هي مفتاح الحل باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب اليمني، مثمناً المرونة والتعاون الذي أظهرته الحكومة اليمنية.
وجاء في الرسالة تأكيد الأمم المتحدة للشراكة مع الحكومة اليمنية في التوصل إلى الحل السلمي المنشود على أساس المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والقرارات الأممية ذات الصلة.
وجاءت رسالة الأمين العام للأمم المتحدة عقب لقاء هادي، في الرياض، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، بشأن ملاحظات الحكومة اليمنية فيما يخص تنفيذ اتفاق استوكهولم ومطالب الحكومة الواضحة بالعودة إلى التنفيذ الصحيح لنصوص الاتفاق وبخاصة فيما يتعلق بعملية إعادة الانتشار في الحديدة وفقاً لمفهوم العمليات المتفَق عليه.
ومنذ توتر العلاقة بين الشرعية والمبعوث الأممي كان الفريق الحكومي في لجنة إعادة تنسيق الانتشار برئاسة الجنرال مايكل لوليسغارد، قد علق لقاءاته مع الأخير احتجاجاً على عدم إشراك الجانب الحكومي في التحقق من عملية انسحاب الحوثيين من ميناءي الصليف ورأس عيسى التي قامت بها الميليشيات من جانب أحادي فيما يخص الآليات الثقيلة، والإبقاء على عناصرها بالأسلحة الخفيفة تحت مسمى قوات أمن خفر السواحل، وهو الأمر الذي ترفضه الشرعية.
وفي آخر إحاطة لرئيس البعثة الأممية في الحديدة الجنرال لوليسغارد، كان قد أوضح أن المظاهر المسلحة للميليشيات الحوثية في ميناء الحديدة لا تزال موجودة على نطاق واسع، رغم مزاعم الحوثيين تنفيذ الانسحاب من الميناء للمرة الثانية منذ توقيع اتفاق السويد في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويرى مراقبون يمنيون أن المساعي الأممية لغريفيث لن تجبر الميليشيات الحوثية على تنفيذ اتفاق السويد، بخاصة مع وجود اتهامات بالتراخي الأممي تجاه سلوك الميليشيات في الحديدة وغيرها من المناطق، وآخرُ ذلك التصعيدُ الصاروخي واستخدام الطائرات الإيرانية المسيّرة في تنفيذ هجمات على المناطق السعودية.
وفي تقدير المبعوث الأممي غريفيث أن أخطر نقطة تتعلق بإعادة الانتشار في محافظة الحديدة هي مسألة تولي الأمن والإدارة، كما جاء في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن في 17 من الشهر الجاري، إضافة إلى مسألة إيرادات الموانئ.
وترفض الحكومة الشرعية أي وجود لقوات الحوثيين، وتتهم الجماعة بأنها ألبست عناصرها زي قوات خفر السواحل تحت مزاعم أنهم قوات الأمن المحلية، كما أنها تتمسك بضرورة عودة خضوع الحديدة وموانئها للحكومة لأن ذلك من وجهة نظرها هو جوهر اتفاق السويد.
من جهته يرفض زعيم الجماعة الحوثية التفسير الحكومي للاتفاق ويقول إن الحديدة وموانئها ستكون تابعة لجماعته في صنعاء فيما يخص الأمن والإدارة تحت إشراف أممي محدود.
كانت القوات الحكومية في الحديدة قد أكدت قيام الجماعة الحوثية الموالية لإيران بتصعيد هجماتها في مناطق متفرقة من المحافظة الساحلية بخاصة في مناطق الجبلية وحيس والدريهمي والتحيتا، في ظل سعي حوثي لقطع طرق إمداد القوات الشرعية من جهة الخط الساحلي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.