البرلمان العراقي يحسم الجدل حول الحقيبتين الأمنيتين والعدل

فشل مرشحة «التربية»... ونواب يدعون إلى الشروع في تطبيق البرنامج الحكومي

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي يقف إلى جانب وزراء الدفاع نجاح الشمري  والداخلية ياسين الياسري والعدل فاروق أمين شواني بعد أدائهم اليمين في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)
رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي يقف إلى جانب وزراء الدفاع نجاح الشمري والداخلية ياسين الياسري والعدل فاروق أمين شواني بعد أدائهم اليمين في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)
TT

البرلمان العراقي يحسم الجدل حول الحقيبتين الأمنيتين والعدل

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي يقف إلى جانب وزراء الدفاع نجاح الشمري  والداخلية ياسين الياسري والعدل فاروق أمين شواني بعد أدائهم اليمين في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)
رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي يقف إلى جانب وزراء الدفاع نجاح الشمري والداخلية ياسين الياسري والعدل فاروق أمين شواني بعد أدائهم اليمين في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)

حسم البرلمان العراقي جدلاً استمر نحو 8 أشهر بشأن الحقائب الوزارية الشاغرة في حكومة عادل عبد المهدي. فقد جرى التصويت أمس، وفي أقل من ربع ساعة، على 3 وزراء من أصل 4 استمرت الخلافات السياسية بشأنهم منذ نيل الحكومة الثقة في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2018.
الوزراء الذين جرى التصويت عليهم هم: نجاح حسن الشمري وزيراً للدفاع، وهو مرشح زعيم «ائتلاف الوطنية» إياد علاوي الذي غرد مرحباً به، وياسين الياسري وزيراً للداخلية وهو مرشح توافقي للكتل الشيعية، وفاروق أمين شواني وزيراً للعدل وهو مرشح كردي حصل على توافق صعب بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، فيما لم تتمكن سفانة الحمداني، مرشحة زعيم «المشروع العربي» خميس الخنجر، من نيل ثقة البرلمان لعدم حصول توافق عليها. وتعد الحمداني السيدة الثالثة المرشحة للتربية التي لم تنل ثقة البرلمان؛ الأولى كانت الدكتورة شيماء الحيالى التي نالت الثقة أول الأمر قبل ظهور فيديو لأحد أشقائها يظهره على أنه أحد قادة «داعش» الأمر الذي اضطرها إلى الاستقالة، والثانية الدكتورة صبا الطائي التي فشلت في نيل الثقة في وقت سابق.
وأعلنت كتلة «ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي عن رفضها منهج المحاصصة الطائفية في توزيع الحقائب، وحسم ملف الدرجات الخاصة، لأنها تعكس نهج المحاصصة الذي أدى من وجهة نظره إلى تدمير الدولة. أما كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فقد أعلنت تصويتاً مشروطاً على الدرجات الخاصة والوكالات بالتزامن مع التصويت على ما تبقى من الحقائب الوزارية الشاغرة.
وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة «وطن» هشام السهيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استكمال الكابينة الوزارية أمر في غاية الأهمية خصوصاً بعد فترة طويلة من التأخير؛ حيث إن من شأن ذلك أن يصب في مصلحة استقرار البلد والعملية السياسية، وسوف ينعكس على الأداء الحكومي». وأضاف السهيل أن «ما تبقى من الكابينة فقط وزارة التربية، وسوف يتم حسم هذا الأمر خلال الأيام الثلاثة المقبلة لكي ننهي هذا الملف حسب الوعد الذي قدمه لنا رئيس الوزراء».
في السياق ذاته، شدد النائب عن محافظة بغداد وزعيم «المؤتمر الوطني العراقي» آراس حبيب كريم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «أهمية البدء في تنفيذ مفردات البرنامج الحكومي، لا سيما أننا تأخرنا كثيراً في استكمال الكابينة». وأضاف حبيب أنه «بصرف النظر عن المبررات، فإن ما حصل قد أكل من جرف الدولة كمؤسسات ومن جرف الحكومة كبرنامج واجب التنفيذ طبقاً لتوقيتاته الزمنية؛ حيث لم يعد ثمة مبرر لأي قصور في أي ميدان من ميادين العمل، لا سيما على الصعيد الأمني؛ حيث ما زلنا نواجه كثيراً من التحديات». وأوضح أنه «مع استكمال التصويت على مرشح التربية في غضون أيام، فإن التكامل بين المؤسستين التشريعية والحكومية سيكون مهماً على صعيد تنفيذ الوعود والتعهدات التي قطعناها للشعب».
بدوره، أكد القيادي في «تحالف القوى العراقية» حيدر الملا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إكمال الكابينة الوزارية خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح، لكن الأهم هو تنفيذ البرنامج الحكومي الذي تعرض لتصدعات كبيرة خلال الفترة الماضية؛ حيث إن حجم المنجز لا يتناسب مع حجم التحديات». وأضاف الملا، وهو نائب سابق لأكثر من دورة، أن «الأهم الآن هو تحقيق منجز على الأرض طبقاً لما ألزم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي نفسه به بالشكل الذي يتمناه أبناء الشعب العراقي»، مبيناً أن «استكمال الكابينة الوزارية كان كاشفاً لتصدع الوضع السياسي في البلاد طيلة الشهور الماضية؛ حيث إنه ليست أغلب الكتل السياسية تجد نفسها حاضرة في حكومة عبد المهدي، وليست كل الكتل السياسية داعمة لهذه الحكومة، ولذلك فإن التحدي أمام الحكومة خلال المرحلة المقبلة سيكون أكبر بسبب أن الحاضنة السياسية تعرضت إلى تصدع، وبالتالي تحتاج إلى تحقيق منجز من أجل تدعيم القوى السياسية الداعمة لها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».