خبراء إسرائيليون: القمة الأمنية نقلة نوعية في سياسات روسيا حيال إسرائيل

TT

خبراء إسرائيليون: القمة الأمنية نقلة نوعية في سياسات روسيا حيال إسرائيل

مع أن أي طرف رسمي لم يذكر شيئاً عن تفاصيل الأبحاث التي سيبحثها مستشارو الأمن القومي من إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا، خلال يومين في القدس، فإن مصادر سياسية وأمنية قالت إن مجرد عقد اللقاء في إسرائيل هو أمر مهم وحيوي وأساسي. وليس صدفة أن نتنياهو ذكر كلمة إسرائيل أربع مرات في جملة واحدة.
وأكدت هذه المصادر أن النية، على الأقل من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، النقاش حول بلورة سياسة مشتركة، أو أقرب ما تكون مشتركة، مع روسيا، بشأن سوريا وإيران. وقال تسفي مجين، وهو جنرال خدم أيضاً في السلك الدبلوماسي سفيراً لإسرائيل في روسيا وأوكرانيا، إنه «فيما يتعلق بسوريا تحديداً، من المقبول الافتراض بأن الدولتين ستعملان على الدفع باتجاه تسوية على أساس مضامين الحوارات التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف، على العكس من الاتصالات الجارية في الآستانة، التي تشارك فيها كل من روسيا، وإيران، وتركيا، فحسب، وذلك بهدف دعم الإصلاحات السياسية في سوريا. أما روسيا فستطالب من جانبها بموافقة أميركية على المكانة الرسمية للرئيس الأسد، وبأن يكون قادراً على التنافس في الانتخابات الرئاسية القريبة المقبلة. وعلى خلفية تصاعد الأزمة بين كل من إيران والولايات المتحدة في منطقة الخليج، فإن هنالك توقعاً أميركياً بالدعم الروسي لسياساتها تجاه إيران، مع التركيز على تفعيل العقوبات بهدف إعادة إيران للمفاوضات التي تهدف إلى تحسين المعاهدة في المجال النووي، إلى جانب تقليص التأثير الإيراني في سوريا على وجه الخصوص، وفي الشرق الأوسط عموماً».
وتقول مصادر سياسية إن العنصر الأهم الذي جعل هناك إمكانية للقاء كهذا في إسرائيل، هو محاولات روسيا في السنوات الأخيرة التقرب من إسرائيل. وحسب وزير سابق في الحكومة الإسرائيلية، فإن «هناك نقلة نوعية في سياسات روسيا في الشرق الأوسط، تتمثل في التقارب مع إسرائيل، وفي التعاون المتزايد معها، بعد فترة برود معينة، إلى جانب التصاعد في التوتر مع كل من إيران ونظام الأسد، وهذا ينبع بشكل أساسي من جهود التقارب مع الولايات المتحدة». وأضاف أن اللقاء في إسرائيل هو تعبير واضح عن هذا الاتجاه. هناك تقارب أيضاً بين واشنطن وموسكو: «وعلى المحك أيضاً لقاء قريب مرتقب بين ترمب وبوتين على هامش قمة الـ(G - 20) التي ستقام في طوكيو. صحيح أنه لا يزال من المبكر تقدير مدى نجاح هذه العملية، وأن هناك ضغوطات داخلية على الرئيسين بهدف الامتناع عن القيام بلفتات حسن النية الهادفة لتحسين العلاقات، إلا أن كليهما لم يعودا يخفيان الرغبة في تقدم وتطوير العلاقات، وإسرائيل تساعد على ذلك بوصفها صديقة للطرفين، وترمب صار أكثر حرية بعد نشر تقرير المحقق الخاص مولر، لتعزيز الحوار مع روسيا. وقد بات الأمر مفهوماً أكثر، في حال تأكيد واشنطن أنها معنية، في المرحلة الحالية، بتعزيز الحضور الروسي في النقاش حول إخراج القوات الإيرانية من سوريا بالتعاون مع إسرائيل، ولربما أيضاً العمل مع إيران بهدف تخفيف التوتر في الخليج، ودفعها إلى الموافقة على تجديد المفاوضات على المعاهدة النووية».
ويؤكد الوزير أن الوضع مع روسيا ليس سهلاً، فهي وإيران شريكتان في إدارة الحرب في سوريا إلى جانب نظام الأسد، «ولكن إسرائيل تلمس صدعاً في المواقف بينهما بات يتسع في مواقف الدولتين فيما يرتبط بتصميم مستقبل سوريا. يمكننا أن نقدر بأن النية الروسية بتغيير هيئة التعاون بينها وبين إيران، إلى جانب تقاربها مع كل من الغرب وإسرائيل، قد تمت بلورتها قبل نحو العام. وكان بالإمكان العثور على شواهد على الأمر في المقترحات الروسية الموجهة إلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن إبعاد إيران من سوريا».
ويرى خبراء في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، أنه «في نهاية المطاف، يبدو أن اللقاء الروسي الأميركي الإسرائيلي سيمثل مرحلة إضافية في تجديد الحوار الأميركي الروسي، الذي لا تزال فحواه الأساسية متمثلة في تعزيز المصالح الحيوية لكلا الطرفين في النظام الدولي. والحوار في هذا اللقاء سيجري بهدف إخراج القوات الأجنبية من أراضي سوريا، وتثبيت استقرار الدولة والتسوية السياسية فيها، رغم أنه من المشكوك فيه إذا ما كانت الولايات المتحدة ستكون مستعدة لأن تدفع، مقابل التعاون الذي ستبديه روسيا، ثمناً متمثلاً في الاعتراف بسلطة الأسد، أو المشاركة في تمويل جهود إعادة الإعمار في سوريا».
ورأى هؤلاء الخبراء أن «لقاء مستشاري الأمن القومي في إسرائيل، بحد ذاته، يمثل إنجازاً دبلوماسياً إسرائيلياً، حتى ولو لم يتوصل المشاركون إلى تفاهمات عملانية بشأن المستقبل السوري وإخراج القوات الإيرانية من سوريا، فمجرد حصول هذه المحادثات، يعد ترقية لمكانة إسرائيل، وتعزيزاً لاحتمالات رفع القدرة الإسرائيلية للتأثير على التسوية المستقبلية في سوريا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».