«منصب محافظ كركوك» يهدد بتأخير إعلان حكومة إقليم كردستان

«الاتحاد الوطني» يشترط حسمه حتى يشارك في وزارة مسرور بارزاني

TT

«منصب محافظ كركوك» يهدد بتأخير إعلان حكومة إقليم كردستان

في الوقت الذي يتطلع فيه الجميع بإقليم كردستان العراق إلى الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة مسرور بارزاني، مرشح «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، قبل نهاية الشهر الحالي، بحسب المصادر الرسمية في الحزب، ظهرت مجدداً بوادر اعتراضات تضمنتها تصريحات لكبار القياديين في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»؛ الشريك الرئيسي الثاني في الحكومة المرتقبة والتي تأخرت عن موعد انبثاقها بنحو 9 أشهر، وأشاعت من جديد أجواءً من التشاؤم بخصوص إمكانية بلورة وزارة مشتركة وفاعلة، كما يتمناها شعب الإقليم.
وأكد سعدي أحمد بيره، عضو المكتب السياسي في «الاتحاد الوطني»، أن علاقات حزبه مع شريكه وغريمه «الحزب الديمقراطي»، لا تزال على غير ما يرام، وتتخللها مشكلات كثيرة، «لعل أبرزها تنصل (الديمقراطي) من حسم مشكلة تعيين محافظ جديد لكركوك، على أن يكون قيادياً في (الاتحاد)، وهي المشكلة التي تعد بمثابة العقبة الكأداء التي تعترض سبيل انبثاق الوزارة المرتقبة وتطور العلاقات الثنائية بين الحزبين».
وأضاف بيره في حديث مطول للقسم الكردي بإذاعة «صوت أميركا»، أن قيادة حزبه ترى أن الغاية الأساسية الكامنة وراء إبقاء ملف محافظ كركوك عالقاً دون حلول هي «تحجيم وإضعاف دور ومكانة (الاتحاد الوطني) في محافظة كركوك»، مشدداً على أنه «تصرف متعمد وسياسة غايتها ضياع كركوك، لذا من الصعب أن نكون شركاء مع (الديمقراطي) ضمن حكومة تتبنى تلك السياسة». وأضاف أن الموقف السائد حالياً في قيادة «الاتحاد» هو أن الاستمرار في الشراكة مع «الديمقراطي» ضمن الحكومة الجديدة، رهن بحسم قضية محافظ كركوك، وقال: «من دون حل ملف كركوك؛ أستبعد مشاركة (الاتحاد) في الحكومة المرتقبة، كما أستبعد تشكيلها بنهاية الشهر الحالي»، مستدركاً بأن عدم حسم هذا الأمر لا يعني بالضرورة حدوث القطيعة الكلية بين الطرفين، «لأن الإقليم بحاجة إلى إدارة حكومية موحدة ترعى شؤون الشعب».
ويرى متابعون أن بحث ملف كركوك يبدو مؤجلاً من جانب «الحزب الديمقراطي» في الوقت الراهن على الأقل. كما لم يصدر من «الديمقراطي» أي رد رسمي على تصريحات القيادي في «الاتحاد»؛ ربما لحساسية الموقف الراهن، وقرب موعد الإعلان عن الوزارة الجديدة، حسبما أفاد مصدر قيادي في «الديمقراطي» فضل عدم ذكر اسمه.
وتأتي تصريحات بيره هذه بعد أيام من تصريحات نارية أطلقها زميله في المكتب السياسي محمود سنكاوي، ضد «الحزب الديمقراطي» وشخص زعيمه مسعود بارزاني، متهماً إياهما بالتجاهل المتعمد لدور ومكانة «الاتحاد الوطني» وزعيمه الراحل جلال طالباني في مرحلتي الثورة المسلحة وتشكيل الكيان السياسي والإداري الراهن في الإقليم عام 1991، وذلك في الكلمات التي ألقياها في مراسم تنصيب رئيس الإقليم الجديد، في 10 يونيو (حزيران) الحالي، مهدداً بتقسيم الإقليم مجدداً إلى إدارتين بين أربيل والسليمانية التي يسيطر عليها حزبه، في حال استمر «الديمقراطي» في انتهاج سياسته الراهنة؛ على حد تعبير سنكاوي الذي جوبهت تصريحاته بردود عنيفة ونارية من جانب مصادر قيادية رفيعة في «الديمقراطي»؛ الأمر الذي هيج العلاقات المتشنجة أصلاً بين الطرفين.
لكن النائب عن كتلة «الحزب الديمقراطي» (45 مقعداً في برلمان إقليم كردستان)، ريبوار بابكي، أكد أن تلك التصريحات السلبية، لن تؤثر إطلاقاً على جهود ومسار تشكيل الوزارة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الحكومة المكلف سيقدم أسماء تشكيلته الوزارية إلى رئاسة البرلمان خلال هذا الأسبوع، وإن وزارته ستنال ثقة البرلمان في جلسته المقررة في 29 يونيو الحالي؛ سواء قدم «الاتحاد» أسماء مرشحيه للحقائب الوزارية المخصصة له بموجب الاتفاقات السياسية الثنائية التي أبرمها مع «الديمقراطي»، أم لم يقدمها. وأضاف أن قضية تعيين محافظ جديد لكركوك، «ملف منفصل لا يمت بأي صلة إلى مسألة تشكيل حكومة الإقليم»، وأنه «سبق للحزبين أن بحثا هذا الأمر مطولاً».
وكان مصدر قيادي في «الاتحاد الوطني» قد صرح بأن الحوار مستمر مع «الديمقراطي» بشأن كركوك، وبأن حزبه يتطلع إلى منح منصب رئيس مجلس المحافظة إلى المكون التركماني، في ضوء التفاهمات الثنائية الحاصلة مع القوى التركمانية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.