الليرة التركية تنتعش مدفوعة بنتيجة انتخابات إسطنبول

استعادت خسائر نهاية الأسبوع

تحسن أداء الليرة التركية استجابة سريعة لأول تغيير في إدارة مدينة إسطنبول منذ 25 عاماً (غيتي)
تحسن أداء الليرة التركية استجابة سريعة لأول تغيير في إدارة مدينة إسطنبول منذ 25 عاماً (غيتي)
TT

الليرة التركية تنتعش مدفوعة بنتيجة انتخابات إسطنبول

تحسن أداء الليرة التركية استجابة سريعة لأول تغيير في إدارة مدينة إسطنبول منذ 25 عاماً (غيتي)
تحسن أداء الليرة التركية استجابة سريعة لأول تغيير في إدارة مدينة إسطنبول منذ 25 عاماً (غيتي)

تحسن أداء الليرة التركية في تعاملات أمس (الاثنين)، غداة انتخابات الإعادة على رئاسة بلدية إسطنبول التي أجريت أول من أمس، وتمكن مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو من حسمها مجدداً لصالحه بفارق 9 نقاط مئوية عن منافسه مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم بن علي يلدريم، بحسب النتائج شبه الرسمية.
وطمأن هذا الفوز المريح المستثمرين الذين أبدوا قلقاً من احتمال وقوع توتر واضطرابات سياسية حال عدم فوز إمام أوغلو وبدء احتجاجات من المعارضة التي كانت ستلجأ لذلك بعد أن سلبت اللجنة العليا للانتخابات الفوز من مرشحها في الجولة الأولى التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، بعد 18 يوماً فقط من تسلمه منصبه بسبب طعون من جانب حزب العدالة والتنمية الحاكم. وارتفعت الليرة التركية أمام الدولار، أمس، بعد ظهور نتيجة انتخابات إعادة الانتخابات التي أنهت نحو الشهرين من عدم اليقين، بفوز ساحق للمعارضة في أكبر مدن البلاد. وجرى تداول الليرة مع افتتاح تعاملات الأسبوع، عند 5.717 ليرة للدولار، بارتفاع نحو 2 في المائة عن إغلاق الجمعة (نهاية تعاملات الأسبوع الماضي)، في استجابة سريعة لأول تغيير في إدارة مدينة إسطنبول منذ 25 عاماً. وانضم عشرات الآلاف إلى احتفالات الفوز في تجمعات تلقائية وأخرى منظمة في أنحاء إسطنبول بعد ظهور النتائج.
كانت الليرة فقدت نحو 15 في المائة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية العام الحالي، في حين يرجع أحدث تراجع لها إلى قرار إلغاء التصويت يوم 31 مارس.
وانخفضت الليرة، بأكثر من 1 في المائة يوم الجمعة عن إغلاق يوم الخميس، بعد أن قال إردوغان في تصريحات مساء اليوم ذاته، إنه لا يزال يعارض سياسة بلاده النقدية لتشديد الائتمان، متعهداً بحل حاسم قريباً لخفض أسعار الفائدة الرئيسية عن مستواها الحالي البالغ 24 في المائة.
ورفع البنك المركزي التركي، في العام الماضي، من أسعار الفائدة إلى أعلى المستويات الموجودة في الأسواق الناشئة بعد أزمة للعملة دفعت معدل التضخم إلى الصعود فوق 25 في المائة، وقرر مرات عدة، آخرها الأسبوع الماضي، تثبيت السعر عند هذا المستوى مع الاستمرار في تشديد سياسته النقدية ومراقبة الأسواق والتضخم.
وتباطأ التضخم منذ وصوله إلى أعلى معدلاته في 15 عاما، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى 18.71 في المائة بدلاً من 25.24 في المائة في أكتوبر، لكن أسعار الفائدة بقيت بلا تغيير مع انزلاق الاقتصاد إلى مرحلة الركود في نهاية العام الماضي وانكماشه بنسبة 3 في المائة مع استمرار الانكماش في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 2.6 في المائة. ويعيش الاقتصاد التركي أزمة كبيرة بسبب تهاوي العملة المحلية، وسط عجز الحكومة والمؤسسات المعنية عن وقف تدهورها؛ ما دفع إلى هبوط مؤشرات اقتصادية، مثل العقارات والسياحة وانخفاض القوة الشرائية وثقة المستثمرين والمستهلكين بالاقتصاد المحلي مع استمرار التضخم عند مستوى عال.
وفقدت الليرة التركية العام الماضي 30 في المائة من قيمتها وواصلت خلال العام الحالي كأسوأ العملات في الأسواق الناشئة أداء بعد عملة الأرجنتين (البيزو).
والثلاثاء الماضي، خفضت وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الائتماني التصنيف السيادي لتركيا إلى درجة عالية المخاطر، وقررت تخفيضه من درجة «بي إيه 3» إلى «بي 1»، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية سلبية.
وأرجعت «موديز» قرارها إلى ارتفاع مخاطر استمرار أزمة ميزان المدفوعات، وارتفاع مخاطر عجز الحكومة عن السداد. وقالت: إن تركيا لم تعانِ خلال الفترة الماضية من أزمة انخفاض الليرة فحسب، لكن مصيراً مؤلماً ينتظر اقتصادها في الفصول المقبلة.

- الوضع الاقتصادي يزداد سوءاً
أكد خبراء اقتصاديون أتراك، أن الوضع الاقتصادي في البلاد يزداد سوءاً، في ظل سياسة إردوغان وطالبوا بالكثير من الإصلاحات الهيكلية لخروج تركيا من كبوتها، وفي مقدمتها إقالة صهر إردوغان، برات البيراق، من منصبه وزيراً للخزانة والمالية، بعد أن قالت وكالة «موديز» الأسبوع الماضي، إن الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة التركية في سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي هي في الأساس إصلاحات قديمة طرحت منذ سنين، لم تنفذ بفاعلية. ويعتقد الخبراء، أن تركيا مرت بسلسلة أزمات صغيرة، كل واحدة منها أسوأ من سابقتها، محذرين من بلوغ البلاد نقطة اللاعودة، ما لم توقف الحكومة مشاريعها الضخمة وتركز على حل مشكلة ديون النظام المصرفي. وشددوا على أن إصرار الحكومة على اتباع النموذج القائم والمعتاد في الاستهلاك والبناء اعتماداً على مصادر التمويل عن طريق الاستدانة هو السبب الرئيسي في الأزمة.

- زخم في قطاع الأعمال
على صعيد آخر، قال البنك المركزي التركي، في بيان أمس، إن مؤشر الثقة في قطاع الأعمال في تركيا اكتسب زخماً في شهر يونيو (حزيران) الحالي مقارنة بالشهر الماضي. وبحسب مسح دوري للبنك، ارتفع مؤشر ثقة الأعمال بنسبة 3.6 في المائة على أساس شهري ليصل إلى 102.5 في يونيو الحالي، بعد انخفاض بنسبة 6.3 في المائة على أساس شهري في مايو (أيار).
وأوضح البنك في بيان تضمن نتائج المسح، أن 5 من 8 مؤشرات فرعية لمعنويات العمل ارتفعت في شهر يونيو على أساس شهري، وكانت أكبر زيادة في المؤشر الفرعي لإجمالي الطلبات المستلمة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مسجلاً زيادة بنحو 17 في المائة عن الأشهر السابقة ليصل إلى 114.1 نقطة.
كما سجل المؤشر الفرعي لحالة الأعمال العامة زيادة قوية بنسبة 15 في المائة ليصل إلى 90.2 نقطة، وارتفع المؤشر الفرعي للطلبيات الحالية ونفقات رأس المال الثابت بنسبة 3 و7 في المائة على أساس شهري، على التوالي.
في سياق متصل، أفادت هيئة الإحصاء التركية بارتفاع مؤشر الثقة في تجارة التجزئة والصناعات الإنشائية والخدمات في يونيو الحالي مقارنة بشهر مايو الماضي. وقفز مؤشر ثقة قطاع تجارة التجزئة إلى 93.2 نقطة، مرتفعاً بنسبة 3.7 في المائة عن شهر مايو.
وارتفع مؤشر ثقة البناء، الذي بلغ 49.8 نقطة في مايو، إلى 50.4 نقطة في يونيو بزيادة 1.3 في المائة على أساس شهري. وقفز مؤشر ثقة قطاع الخدمات بنسبة 7.5 في المائة على أساس شهري إلى 85.4 نقطة في يونيو بسبب التحسن في وضع الأعمال، وتوقعات دوران الطلب، بحسب البيان.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».