تدهور العلاقة بين جنبلاط والحريري يلامس «القطيعة»

مصدر في «اللقاء الديمقراطي» يتحدث عن صفقات لإقصائه عن التعيينات

أرشيفية للحريري و جنبلاط
أرشيفية للحريري و جنبلاط
TT

تدهور العلاقة بين جنبلاط والحريري يلامس «القطيعة»

أرشيفية للحريري و جنبلاط
أرشيفية للحريري و جنبلاط

عكست تغريدات رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط التي تتضمن انتقادات «ناعمة» لرئيس الحكومة سعد الحريري والتسوية مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، تدهوراً للعلاقات بين جنبلاط والحريري، وصلت إلى حد تشبيهها بـ«القطيعة»، في ظل توتر سياسي، ليس الأول، لكنه الأكثر تصعيداً.
ويقول مطّلعون على خلاف الطرفين لـ«الشرق الأوسط» إنّ محاولات جرت لإصلاح العلاقة بين الحليفين السابقين، أي جنبلاط والحريري، ومن بين القائمين على المبادرة، مرجعيتان حكوميتان سابقتان، لكن تلك المحاولات لم تفلح نظراً «لاستحالة التلاقي بينهما في هذه المرحلة».
ويؤكد مصدر نيابي بارز في اللقاء الديمقراطي مطلع على تدهور العلاقة، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «مدرستين مختلفتين بين الحزب الاشتراكي وتيار المستقبل في مقاربة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمدرسة المتبعة حاليّاً هي التي أوصلت البلد إلى هذا التدهور في ظل السياسات المعتمدة وعدم الأخذ بنصائح رئيس الحزب التقدمي ولا بالورقة الاقتصادية الشاملة التي عرضها الحزب واللقاء الديمقراطي على كل المرجعيات السياسية وسائر الكتل النيابية»، لافتاً إلى أن «هذه الورقة نوقشت مع اختصاصيين ورجال قانون وأصحاب خبرات».
ويضيف: «طرحنا على مجلس الوزراء لدى مناقشة الموازنة موضوع الأملاك البحرية وفرض ضرائب على شركات ومؤسسات، وبرمتها لا تصيب ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى بأي تأثيرات، وكان الهدف عدم المس بتلك الطبقات وتحسين واردات الدولة والإضاءة على مكامن الهدر والفساد، وبحّ صوتنا ونحن نتكلم عن الكهرباء والهدر وعدم تشكيل الهيئة الناظمة، إنما لم يُؤخذ برأينا وبقي التخبط العشوائي سيد الموقف وصولاً إلى هذه المرحلة التي ما زالت فيها الموازنة تناقَش في مجلس النواب».
وعن الخلاف مع الرئيس الحريري وتيار المستقبل، رفض المصدر الاستفاضة «لأن توجهات رئيس الحزب تقضي بوقف الحملات الإعلامية وعدم الانزلاق إلى المهاترات»، لكنه استطرد مضيئاً على بعض المحطات التي يجب التوقف عندها لأن الوفاء من شيم الرجال، قائلاً: «نحن في الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي وكل أبناء الجبل لم نقصّر مع الحريري في أصعب المحطات والظروف الاستثنائية التي اجتازها لبنان بعد استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي لا نفيه حقه لما قدمه للبنان، لأننا وكما قال رئيس الحزب ندرك أن السوري الذي غزا لبنان دخل على دم المعلم الشهيد كمال جنبلاط وخرج على دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
وتساءل المصدر: «هل يعقل أن يقوم الرئيس سعد الحريري بتسوية من تحت الطاولة أو ما سمي بالتسوية الباريسية على حساب حلفائه وتضحيات جمهور 14 آذار، وأن يبرم اتفاقاً مصلحياً مع التيار الوطني الحر، وصولاً إلى السير بقانون انتخابي كان يهدف إلى إسقاط وليد جنبلاط وتحجيمه، لكن ذلك لم يحصل لأن أهلنا وجمهورنا من الأوفياء»؟
ويخلص المصدر قائلاً: «هذا غيض من فيض، فبالأمس القريب قام خصوم جنبلاط في الجبل والمحسوبون على النظام السوري باستهدافنا، وما زالوا حتى اليوم يمعنون في ذلك عبر محاولات تهدف إلى خلق فتنة في الجبل، ولم نسمع أو نلمس موقفاً من قبل الحريري وتيار المستقبل، لا بل قبل رئيس الحكومة بالوزير صالح الغريب الذي سبق وزار سوريا قبل أن تنال الحكومة الحالية الثقة»، لافتاً إلى «ما يجري اليوم من صفقات حول التعيينات في إدارات ومؤسسات الدولة وسعي النظام السوري وأعوانه في لبنان إلى محاولة إقصاء وليد جنبلاط عن مواقع إدارية، في حين يعلم الجميع أن الميثاقية الدرزية هي لدى جنبلاط والمختارة والحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي، وبمعنى أوضح إن سائر النواب الدروز الذين فازوا في الانتخابات النيابية الأخيرة ينتمون إلى الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي، باستثناء النائب طلال أرسلان الذي تُرك له مقعد شاغر في عاليه».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.