نيجيرفان بارزاني يتوقع انطلاقة جديدة لعلاقات تركيا مع العراق وإقليم كردستان

أيد العمليات العسكرية ضد «العمال الكردستاني»

TT

نيجيرفان بارزاني يتوقع انطلاقة جديدة لعلاقات تركيا مع العراق وإقليم كردستان

قال رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، إن العلاقات بين الإقليم وتركيا ستشهد انطلاق مرحلة جديدة في الفترة المقبلة.
وأكد بارزاني، الذي التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول أول من أمس في أول زيارة خارجية له منذ تنصيبه رئيساً للإقليم في 10 يونيو (حزيران) الجاري، أهمية زيارته لتركيا، مشيراً إلى أنه بحث مع إردوغان بشكل مطول سبل تطوير العلاقات بين تركيا والإقليم، والعراق بشكل عام، وتطرقت المباحثات، بشكل مفصل، إلى قضايا ذات أهمية بالنسبة للجانبين، وأنه يعتقد أن مرحلة جديدة ستنطلق في العلاقات بين الإقليم وتركيا والعراق في الفترة المقبلة.
واعتبر بارزاني، في لقاء مع وكالة «الأناضول» التركية، أمس، أن زيارة إردوغان المرتقبة إلى العراق (لم يحدد موعدها)، ستكون أيضاً خطوة مهمة بالنسبة للعلاقات بين البلدين.
وأشار إلى وجود روابط صداقة بين أنقرة وأربيل، قائلاً: «تركيا ساعدت شعبنا في جميع المراحل الصعبة، وجددنا شكرنا للرئيس وللشعب التركي على مساعداتهم».
وشدد بارزاني على أهمية دور إقليم كردستان في سياق العلاقات التجارية المشتركة بين تركيا والعراق، لأسباب عدة، أهمها وجود الإقليم على الحدود مع تركيا، وأن أربيل وبغداد تتمتعان حالياً بعلاقات أفضل، مقارنة بما سبق. ولفت إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا والعراق، بلغ 13 مليار دولار في الوقت الراهن، وأنه تحدث مع الرئيس التركي خلال اللقاء عن سبل زيادة حجم التبادل التجاري إلى مستويات أعلى بما يرضي الطرفين. وقال: «تمكنا خلال اللقاء مع الرئيس إردوغان من التحدث بشكل مفصّل عن الخطوات اللازمة من أجل زيادة حجم التجارة، ورأينا أنه حريص جداً على هذه المسألة، ويتطلع لأن يقطع العراق شوطاً في هذا الإطار بشكل سريع».
وعن تشكيل لجنة مشتركة بين تركيا والحكومة المركزية العراقية من أجل افتتاح معبر «أوفاكوي» الحدودي الجديد بين البلدين، أشار بارزاني إلى أنه يتعين إجراء مباحثات جادة في هذا الموضوع بين أنقرة وبغداد وأربيل. ولفت إلى أن الطاقة الاستيعابية في المعابر الحدودية الجديدة تمت زيادتها بشكل متبادل، وأن الشركات التركية أنشأت جسوراً جديدة، وأنفاقاً في مدينة زاخو العراقية، مؤكداً أن الهدف المشترك هو تسهيل زيادة حجم التبادل التجاري بين تركيا والعراق وكردستان، و«إذا كانت هناك حاجة إلى أي خطوات لزيادة حجم التجارة، فليست لدينا مشكلة».
وبشأن دور إقليم كردستان في تجارة النفط بين العراق وتركيا، قال بارزاني: «لدينا خط أنابيب لنقل النفط إلى ميناء جيهان (في ولاية أضنة جنوب تركيا)، ونحن مستعدون لمساعدة الحكومة المركزية في بغداد بخصوص تصدير نفط الجنوب ونفط كركوك والمناطق الأخرى من الخط المذكور». وأضاف: «نريد زيادة طاقة خط الأنابيب الحالي من أجل تصدير المزيد من النفط في المستقبل ولدينا نية للقيام بذلك».
وستبدأ تركيا في يوليو (تموز) المقبل استيراد النفط من العراق بدلاً عن النفط الإيراني، الذي أوقفت استيراده مطلع مايو (أيار) الماضي امتثالاً للعقوبات الأميركية على إيران.
ورداً على سؤال بشأن تصريح رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قال فيه: «أرسلنا ميزانية الإقليم بداية هذا الشهر، في المقابل لم تحصل بغداد حتى على برميل واحد من عائدات النفط»، قال بارزاني: «من حيث المبدأ، لا نرى أي صعوبات في تسليم 250 ألف برميل من النفط الخام إلى بغداد، ومع ذلك، لكي يحدث هذا، يجب علينا أن نجتمع أولاً، لقد كنت في بغداد قبل مجيئي إلى تركيا». وأوضح أن الموضوع ليس مسألة 250 ألف برميل نفط فقط، وإنما هناك جانب قانوني، لافتاً إلى أن حكومة الإقليم أخذت قروضاً بعد قطع ميزانيتها في 2014. وأكد أن حل كل تلك الخلافات يجب أن يكون بالتوافق بين بغداد والإقليم، مشدداً على أن الإقليم مستعد لدعم بغداد في التوصل إلى حل مشترك بين الطرفين.
وفيما يتعلق بالتوترات بين الولايات المتحدة وإيران خلال الفترة الأخيرة، أعرب بارزاني عن أمله في عدم اندلاع حرب بين الطرفين، مؤكداً أن موقف إقليم كردستان هو التضامن الكامل مع موقف بغداد. وأن سياسة حكومة الإقليم هي عدم إلحاق أي ضرر بالبلدان المجاورة انطلاقاً من الأراضي العراقية، وفي حال نشوب حرب فإنهم سيعملون على حماية كل مناطق العراق بما فيها إقليم كردستان.
وعن وجود عناصر حزب العمال الكردستاني في مناطق سنجار، ومخمور، والمناطق الحدودية مع تركيا، أشار بارزاني إلى أن العمليات العسكرية التركية في مناطق الإقليم سببها الأساسي وجود العمال الكردستاني. وأكد أنهم يعارضون مبدئياً شن هجمات على البلدان المجاورة وفي مقدمتها تركيا انطلاقاً من الأراضي العراقية. ولفت إلى أن تركيا قدمت المساعدة للإقليم في أصعب الظروف التي مر بها، وتم تحقيق مكاسب كبيرة بين تركيا والإقليم، و«نعارض بشكل قاطع قيام العمال الكردستاني أو أي منظمة أخرى بالتسبب في مشاكل مع جيراننا». وقال إن العمال الكردستاني تسبب في تهجير سكان أكثر من 500 قرية في إقليم كردستان، مؤكداً أن ذلك تسبب في مشاكل كبيرة. وقال إن الإقليم يريد تأسيس علاقات جيدة ووثيقة مع جيران العراق.
وأطلقت تركيا في أواخر مايو (أيار) الماضي عملية عسكرية باسم «المخلب» في هاكورك بشمال العراق تستهدف مواقع العمال الكردستاني، لا تزال مستمرة حتى الآن، فضلاً عن قيامها بغارات جوية من وقت إلى آخر على مواقع مختلفة في شمال العراق للغرض ذاته.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم