تراجع فرص إقرار التعيينات دفعة واحدة

في ظل تباينات سياسية واعتراض على «المحاصصة»

TT

تراجع فرص إقرار التعيينات دفعة واحدة

تراجعت فرص إقرار التعيينات الإدارية دفعة واحدة في الحكومة، في ظل خلافات بين الكتل السياسية حول الطريقة المتبعة في التعيينات، وسط دفع من قبل «القوات» و«الاشتراكي» لأن تكون قائمة على الكفاءة وتجنب المحاصصة السياسية قدر الإمكان.
وأوحت تصريحات نواب من كتل نيابية مختلفة بأن التعيينات ستتم على مراحل، وهو ما عبر عنه عضو تكتل «لبنان القوي» النائب شامل روكز بالقول بأنه «من الممكن ألا تكون سلة واحدة». وتمنى روكز «الوصول إلى التعيينات لأنها ضرورية»، لافتاً إلى أن «المراكز الشاغرة مهمة جدا كالمجلس الدستوري ومجلس شورى الدولة وغيرها، ويجب الانطلاق من الكفاءة للمحافظة على مؤسسات الدولة وكسب ثقة المواطن».
واعتبر أن «من الممكن إلا تكون التعيينات سلة واحدة لتظهر عندئذ الطريقة المتبعة إذا تم الاعتماد على الكفاءة أو المحاصصة»، مشيرا إلى أن «رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لديه إحساس بأن هناك صفقة داخلية تبعده من التعيينات».
وتلتقي هذه المعلومات مع ما أكده عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب فيصل الصايغ الذي رأى أن «الخلافات السياسية تؤثر في الموضوع، إلا أن التعيينات ستتم على مراحل وليس سلة واحدة وهذا من شأنه تخفيف الصراعات»، مشيرا إلى أن «الميزانية تتجه إلى وقف التوظيف إلا في الفئات الأولى، وهذا يشكل فرصة للبنان لتفعيل إدارته وإدخال الكفاءات إلى الإدارة بمعزل عن الحسابات السياسية الضيقة».
وتواجه «القوات» منطق التعيينات على أساس المحاصصة السياسية من خلال آلية تعيينات اقترحتها، إذ أعرب وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان عن تفهمه «أن يكون هناك بعض التعيينات السياسية أسوة بكل بلدان العالم كتعيين سفير في عاصمة مهمة أو تعيين المدير العام للأمن العام من قبل رئيس البلاد»، ولكنه شدد على أنه «آن الأوان لاعتماد آلية معينة وترك الكفاءة والجدارة تأخذ حقها، فلا يجوز أن يسود التعيين السياسي»، داعيا إلى «تخطي المحسوبيات والثنائيات والتوجه إلى حكومة منتجة».
وتطرق قيومجيان، في حديث إذاعي، إلى رسالة رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون معتبراً أنها «إيجابية»، متمنيا «أن تترجم على الأرض»، وقال: «نحن نتعاطى مع موقع الرئاسة كموقع مستقل وكرئيس لكل لبنان».
وأشار إلى أن «الرسالة التي نقلها الوزير السابق ملحم الرياشي هي ثلاثية الأبعاد»، أولها «هناك سلوك سياسي وتصعيد سياسي غير مجد، لذا تمنى جعجع على الرئيس لجم البعض لتهدئة الوضع السياسي، فإثارة الخلافات والمزايدات الشعبوية الرخيصة لن تؤدي إلى أي مكسب، إذ يجب على حزب الرئيس أن يضبط خطابه السياسي بشكل غير تصعيدي، على إلا يطال فرقاء سياسيين ممثلين لطوائفهم»، مضيفاً أن «التصعيد ضد الرئيس الحريري أو الحزب التقدمي الاشتراكي أو القوات اللبنانية - وهؤلاء فرقاء أساسيون في تشكيل الحكومة وفي المكونات السياسية للبلد - لا يخدم الهدوء في الداخل».
أما الرسالة الثانية فتتمثل في أنه «يجب النأي بالنفس عن الوضع الإقليمي والمواجهة الكبرى، لا مصلحة للبنان في الدخول في أتون الصراع بين أميركا وإيران، ولا مصلحة أن يدخل حزب الله - وهو أحد أذرع الحرس الثوري الإيراني - لبنان في مواجهة إقليمية. فالوضع الإقليمي خطير ويجب إبعاد لبنان عنه إذ لا يحتمل زجه في صراعات إقليمية، فوضعه السياسي والاقتصادي والمالي دقيق».
أما الرسالة الثالثة فتطرقت إلى التعيينات، وقال: «نحن نطالب كقوات لبنانية إلا تكون مسألة محاصصة بل إن تعتمد آلية واضحة على أساس الكفاءة لإعطاء الشباب اللبناني الأمل في لبنان وإمكان الوصول أكان حزبيا أو غير حزبي بناء على الكفاءة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.