ألمانيا قلقة من المد اليميني المتطرف

13 ألفاً ينتسبون إليه... والاستخبارات تقول إن «من الصعب مراقبتهم جميعاً»

ألمانيا قلقة من المد اليميني المتطرف
TT

ألمانيا قلقة من المد اليميني المتطرف

ألمانيا قلقة من المد اليميني المتطرف

لوبكه رئيس مقاطعة كاسل «جرس الإنذار» لمدى خطورة اليمين المتطرف في ألمانيا. ففي وقت أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن ألمانيا تعاني «من مشكلة إرهاب»، ولكن ليس من المتطرفين المسلمين، بل إرهاب اليمينيين المتطرفين، كشف وزير الداخلية هورست زيهوفر أن هذا النوع من الإرهاب بات خطيرا جدا. وقال إنه يسعى لتمكين المؤسسات الداخلية لكي تتمكن من مواجهته.
وفي مقال كتبه ماس في صحيفة بيلد الشعبية، قال: «لدينا ما يزيد على 13 ألف يميني متطرف لديهم ميول للعنف في بلدنا، 450 منهم تمكنوا من التخفي رغم أن هناك مذكرات توقيف بحقهم».
وكان رئيس المخابرات الداخلية توماس هالدنفانغ قد كشف قبل أيام في مؤتمر صحافي عقده بعد مقتل لوبكه، عن وجود ما يقارب الـ13 ألف منتسب لهذا التيار العنيف في البلاد، واعترف بأنه «من الصعب مراقبتهم جميعا». وأضاف أن «الأشخاص الذين لم يتصرفوا بشكل مشبوه في الأعوام الماضية لا يصنفون على أنهم أولية» لمراقبتهم، في إشارة إلى المشتبه به الذي اعتقل في جريمة قتل رئيس مقاطعة كاسل والذي ارتكب آخر جريمة معروفة للشرطة عام 2009، ومنذ ذلك الحين لم يعد مراقبا.
ودعا ماس في مقاله إلى تسمية الأمور بأسمائها، قائلا: «علينا أن نسمي إرهاب اليمين المتطرف بما هو عليه. تحدثنا كثيرا عن حالات منفردة عندما نواجه جرائم يرتكبها يمينيون متطرفون. ولكن الإرهاب هو الإرهاب.. ليس هناك تبرير للعنف الإرهابي بغض النظر عن منشئه».
وأضاف وزير الخارجية الذي كان أعلن في السابق أنه دخل السياسة بسبب جرائم النازيين والهولوكست: «80 عاما بعد بدء الحرب العالمية الثانية، تحول السياسيون مرة جديدة إلى ضحايا إرهاب اليمين المتطرف. بسبب آرائهم وبسبب التزامهم لبلدنا».
وبعد مقتل لوبكه الذي يبدو أنه استهدف بسبب دفاعه عن اللاجئين، كشفت الشرطة أن عددا من السياسيين المؤيدين للاجئين تلقوا تهديدات بالقتل كذلك، من بينهم عمدة كولون، هانرييت ريكير، وعمدة التينا، أندرياس هولشتاين.
وبعد أسبوعين على اغتيال لوبكه الذي وجد مقتولا برصاصة في رأسه في حديقة منزله في ولاية هسن، ألقت الشرطة القبض على رجل عمره 45 عاما، ينتمي لمحيط اليمين المتطرف. ورغم أن الشرطة لم تحدد دافع الجريمة، فإنها تشتبه بأن الدافع سياسي بسبب آراء لوبكه المؤيدة للاجئين. وكان السياسي الذي ينتمي لحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي قد تلقى تهديدات بالقتل في السابق ويعيش تحت حماية الشرطة.
وبعيد مقتله، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حيث ينشط عناصر اليمين المتطرف رسائل تحتفل بقتل ما وصفه سياسيون في ألمانيا بأنه «مقزز». وبعد أيام، تلقى عمدة كولون وعمدة التينا رسائل عبر البريد الإلكتروني تهددهم بأنهما سيتعرضان للقتل هما أيضا.
وكانت عمدة كولون قد تعرضت هي نفسها لاعتداء بالسكين عام 2015 من قبل شخص من اليمين المتطرف قال لاحقا إنه استهدفها بسبب مواقفها المؤيدة للاجئين. وأصيبت حينها بجروح خطيرة كادت تودي بحياتها. ومثلها عمدة التينا كان تعرض كذلك لاعتداء بالسكين عام 2017 من قبل رجل راح يردد عبارات عنصرية ضد اللاجئين بعد طعنه هولنشتاين في رقبته داخل مطعم كباب تركي.
أما زيهوفر فتوعد في مقابلة أجرتها معه مجموعة «فونكه» الإعلامية، بأنه سيسعى لتقوية المؤسسات الداخلية المسؤولة عن مراقبة وتتبع عناصر اليمين المتطرف. وقال بأنه إذا ثبت الدافع السياسي في جريمة قتل لوبكه فإن هذا التطور «خطير جدا». وأضاف: «المتطرفون اليمينيون باتوا خطرا حقيقيا».
وفي الأشهر الأخيرة ارتفعت نسبة الاعتداءات العنصرية في أنحاء البلاد، ينفذها بشكل كبير عناصر من اليمين المتطرف. وقد اتهمت الشرطة في السابق بغض الطرف عن جرائم اليمين المتطرف وعدم التعاطي معها بجدية كبيرة. واعترف زيهوفر بارتفاع نسبة تلك الجرائم، رغم أنه هو نفسه كان قد تسبب بالكثير من الجدل بسبب انتقاداته للمسلمين في ألمانيا وكلامه على أن دينهم لا «يتلاءم» مع الثقافة الألمانية.
وقالت الما يولبكه، نائبة عن حزب دي لينكا اليساري في البوندتساغ، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الشرطة كانت تتعامل في السابق «مع اليمين المتطرف بالشكل نفسه الذي تتعامل به مع عنف اليسار المتطرف»، وأضافت: «إن هذه المقاربة خاطئة لأن اليسار المتطرف لا يهدد أبدا بالقتل ولم يرتكب جرائم ضد أشخاص عكس اليمين المتطرف». وأعطت حينها مثالا عن ناشطين وسياسيين يساريين أحرقت سياراتهم ومنازلهم في برلين، بسبب آرائهم المؤيدة للاجئين. ويشتكي ضحايا هذه الاعتداءات من أن الشرطة لم تأخذ التحقيق على محمل الجد ولم تلق القبض على أحد.
ويحمل سياسيون مسؤولية زيادة الجرائم العنصرية كذلك إلى حزب البديل لألمانيا الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في الانتخابات العامة الأخيرة عام 2017 وتحول إلى أكبر كتلة معارضة. وقالت أمينة عام حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، أنغريت كرامب كارنباور، التي خلفت أنجيلا ميركل في زعامة الحزب، تعليقا على جريمة قتل لوبكه، إن لغة «التحريض والكراهية» التي يستخدمها «البديل عن ألمانيا» تتسبب بالعنف.

- مظاهرات ضد الإرهاب اليميني في مدينة كاسل
تظاهر نحو 1200 شخص في مدينة كاسل الألمانية أمس السبت احتجاجا على اليمين المتطرف والعنف وذلك بعد ثلاثة أسابيع على مقتل فالتر لوبكه، رئيس المجلس المحلي للمدينة. جاء ذلك في تصريحات أدلت بها متحدثة باسم الشرطة في مستهل المسيرة التي
جاءت تلبية لدعوة من تحالف يضم أكثر من 60 منظمة محلية، بينها الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وحزب اليسار ونقابات ومسرح الدولة وحركة «الجسر البحري» المؤيدة لإيواء اللاجئين القادمين عبر البحر المتوسط. ودعا التحالف، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية، إلى حظر وحل جماعة النازيين الجدد التي ذكرت تقارير إعلامية أن لها علاقة باليميني المتطرف شتيفان إيه الذي يقبع قيد الحبس الاحتياطي للاشتباه في أنه قتل لوبكه. وعُثر على لوبكه، 65 عاما، ليلة الثاني من يونيو (حزيران) الجاري في شرفة منزله ببلدة فولفهاجن - إستا في كاسل مصابا بطلق ناري في رأسه، ولم تفلح عمليات إنعاشه، وتوفي بعد فترة وجيزة. وأثبت تشريح الجثة أن لوبكه أصيب بطلق ناري من مكان قريب، إلا أن الدافع لم يعرف حتى الآن.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.