عون يجدد مساعيه لإقفال ملف مقتل أحد مناصري جنبلاط

رغم فشل مبادرة تقضي بتسليم المتهم الموجود في سوريا

طلال ارسلان - وليد جنبلاط
طلال ارسلان - وليد جنبلاط
TT

عون يجدد مساعيه لإقفال ملف مقتل أحد مناصري جنبلاط

طلال ارسلان - وليد جنبلاط
طلال ارسلان - وليد جنبلاط

قالت مصادر وزارية لبنانية أن رئيس الجمهورية ميشال عون سيجدّد مساعيه لإقفال ملف الاشتباك الدامي الذي وقع في بلدة الشويفات وذهب ضحيته الناشط في الدفاع المدني وعضو الحزب «التقدمي الاشتراكي» علاء بو فراج. واتهم في جريمة قتله، أمين السوقي، العضو في الحزب «الديمقراطي اللبناني» الذي يرأسه النائب طلال أرسلان. ولا يزال السوقي متوارياً عن الأنظار، ويتردد - بحسب مصادر أمنية - أنه لجأ إلى سوريا عن طريق بعلبك - الهرمل.
وأكدت المصادر الوزارية لـ«الشرق الأوسط» أن إقفال ملف الشويفات أُثير أخيراً في لقاء رئيس الجمهورية بوزيري «اللقاء الديمقراطي» أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور على خلفية أن عون كان تمنى على رئيس «التقدّمي» وليد جنبلاط التجاوب مع مسعاه لإقفال هذا الملف بغية إعادة الأمور إلى نصابها في الشويفات وتبديد أجواء الاحتقان المسيطرة عليها.
وكشفت المصادر نفسها أن جنبلاط لم يتردّد في تجاوبه مع رئيس الجمهورية الذي أخذ على عاتقه معالجة ذيول جريمة مقتل بو فراج وتطويق المضاعفات السياسية والأمنية المترتبة عليها، وقالت إنه طرح صيغة لإقفال الملف تقضي بأن يبادر أرسلان إلى تسليم المتهم بمقتل أبو فراج في مقابل إسقاط حق الادعاء الشخصي عليه.
ولفتت إلى أن جنبلاط بادر إلى التحرك لهذه الغاية في اتجاه عائلة أبو فراج بالتعاون مع عدد من مشايخ الطائفة الدرزية، وقالت إن تفاهم جنبلاط مع الرئيس عون لا يُسقط حق الادعاء العام عن المتهم السوقي على أن يُترك الأمر للقضاء اللبناني من دون أن تُمارس عليه أي ضغوط.
ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أن أكثر من صيغة كانت طُرحت للإفراج عن السوقي ومنها أن يُترك طليقاً فور إسقاط حق الادعاء الشخصي أو أن يمضي الحكم الذي سيصدر باسم الحق العام في أحد المستشفيات بحراسة أمنية رسمية. وقالت إن هذين الاقتراحين لم يلقيا أي تجاوب لأنهما سيؤدّيان حقاً إلى إعادة توتير الأجواء في الشويفات.
وأكدت أن الرئيس عون وعد بتجديد مساعيه لإقفال هذا الملف، وقالت إنه قد يكلف جهة رسمية غير الجهة التي كانت كُلّفت في السابق بالعمل لإقفاله، مع أن أرسلان لم يبدِ حتى الساعة أي تجاوب لاسترداد السوقي من دمشق وتسليمه إلى القضاء اللبناني.
وسألت المصادر إذا كان تسليم السوقي لم يعد بيد أرسلان، وإلا لماذا أخلّ بتعهده، خصوصاً أن رئيس الجمهورية لم يقرر التدخّل لإقفال الملف ما لم يحصل على تعهد منه؟ واعتبرت أن قرار تسليم السوقي هو الآن بيد النظام السوري الذي كان أمّن انتقاله من المنطقة الحدودية في البقاع التي لجأ إليها بمساعدة لوجيستية من قبل جهة لبنانية نافذة إلى الداخل السوري ومنه مباشرة إلى دمشق. ورأت أن لتدخّل النظام السوري في هذا الملف علاقة مباشرة برعايته الشخصية للحصار الذي يحاول أن يفرضه على جنبلاط. وقالت إن الحوادث المتنقلة والمفتعلة في أكثر من بلدة درزية تأتي في سياق القرار الرامي إلى تطويقه واستنزافه وصولاً إلى عدم إراحته في داخل البيت الدرزي.
ولفتت المصادر إلى أنه سبق لهذا النظام أن قام بتطويق جنبلاط، لكنه عجز عن إضعافه، وقالت إن سوء الأحوال السياسية الراهنة بين جنبلاط ورئيس الحكومة سعد الحريري لا يمكن لهذا الطرف أو ذاك توظيفها في فرض حصار على رئيس «التقدمي». وعزت السبب إلى أن الخلاف بين الحريري وجنبلاط لا يمكن أن يستمر رغم التغريدات القاسية التي كانت صدرت عن الأخير - كما تقول مصادر في تيار «المستقبل»- والتي تعود - بحسب أوساط في «التقدمي» - إلى قلقه حيال التسوية القائمة بين الحريري ورئيس الجمهورية ومن خلاله رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي يسهم في الحملات ضد جنبلاط وإن جاءت بلسان نواب ووزراء من تياره السياسي.
لكن المصادر كشفت أن علاقة جنبلاط بالحريري أُثيرت في لقاء الأخير برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وقالت إنها طُرحت من زاوية ضرورة الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن داخل الحكومة، خصوصاً أن إضعاف أي طرف سيؤدي لاحقاً إلى إضعاف الآخر.
وبكلام آخر رأى جعجع - بحسب المصادر - أن هناك ضرورة لتحصين العلاقة بين الأطراف ذات التوجّه السياسي الموحّد والتنبّه لأي محاولة يقوم بها هذا الطرف أو ذاك من المتضرّرين للتفرّد بنا بالمفرّق. لذلك، فإن علاقة جنبلاط بالحريري التي تجاوزت بعض الخطوط الحمر، تبقى قابلة للعلاج لأن ما قيل فتح الباب أمام تبادل العتاب بالواسطة وأحياناً بنبرة عالية، وبالتالي لا بد من التريّث إفساحاً في المجال أمام قيام وساطات غير مرئية لإصلاح ذات البين بينهما.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.