تركيا تستبعد... وواشنطن تؤكد عقوبات بسبب «إس 400»

بروكسل تهدد بفرض عقوبات على أنقرة إذا لم توقف عمليات التنقيب قبالة قبرص

السفينة التركية «ياووز» أبحرت رفقة سفينة حربية بعد حفل أقيم في ميناء ديلوفاسي شارك فيه وزير الطاقة فاتح دونماز (إ.ب.أ)
السفينة التركية «ياووز» أبحرت رفقة سفينة حربية بعد حفل أقيم في ميناء ديلوفاسي شارك فيه وزير الطاقة فاتح دونماز (إ.ب.أ)
TT

تركيا تستبعد... وواشنطن تؤكد عقوبات بسبب «إس 400»

السفينة التركية «ياووز» أبحرت رفقة سفينة حربية بعد حفل أقيم في ميناء ديلوفاسي شارك فيه وزير الطاقة فاتح دونماز (إ.ب.أ)
السفينة التركية «ياووز» أبحرت رفقة سفينة حربية بعد حفل أقيم في ميناء ديلوفاسي شارك فيه وزير الطاقة فاتح دونماز (إ.ب.أ)

أكدت واشنطن أن فرض عقوبات اقتصادية على تركيا لاعتزامها شراء المنظومة الروسية ما زال خياراً «وارداً جداً». بينما استبعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على بلاده بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الصاروخية الروسية «إس 400»، وتوعد بالرد حال حدوث ذلك. وفي الوقت ذاته، شكك مستشار الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير في إمكانية استبعاد بلاده من مشروع تصنيع وتطوير المقاتلة الأميركية «إف 35». وأكد كلارك كوبر، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية والعسكرية، أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى حليفة بحلف شمال الأطلسي (ناتو) ما زالت في مباحثات مع تركيا لحل هذا الخلاف. ولفت كوبر، خلال زيارته إلى بروكسل حيث يوجد مقر الحلف، إلى أن «البحث عن حل ما زال ممكناً اليوم، لكن فرض عقوبات يظل أمراً وارداً جداً في هذه المرحلة».
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إنه «لا يتوقع أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا بسبب عزمها شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية، لكن بلاده سترد إذا قامت بذلك».
وكرر إردوغان، في لقاء نادراً ما يتكرر مع ممثلي بعض وسائل الإعلام الأجنبية في إسطنبول ليل الخميس - الجمعة، أن شراء منظومة صواريخ «إس - 400» الروسية بات أمراً محسوماً، مضيفاً: «على الولايات المتحدة التفكير ملياً قبل فرض عقوبات على عضو في حلف الناتو». ومستبعداً إمكانية اللجوء إلى مثل هذه العقوبات، قال إردوغان: «أنا لا أرى أي إمكانية لمثل هذه العقوبات»، ثم استدرك: «في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات فستكون لدينا عقوباتنا الخاصة بنا».
وهددت واشنطن مراراً بفرض عقوبات ما لم تتراجع أنقرة عن صفقة شراء منظومة «إس 400». وقال إردوغان إن تسليم المنظومة سيبدأ في النصف الأول من يوليو (تموز) المقبل. ويعلق إردوغان أهمية كبيرة على لقاء محتمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مدينة لوساكا اليابانية على هامش قمة مجموعة العشرين التي تعقد في 28 و29 يونيو (حزيران) الحالي. وعبر: «أقول هذا بكل صراحة وصدق، علاقاتنا مع ترمب في وضع يمكنني وصفه بأنه جيد للغاية... ففي حالة وقوع أي مشكلات، نجري اتصالات هاتفية على الفور».
وأضاف أنه سيناقش مسألة «إس 400» مع ترمب في قمة مجموعة العشرين، معتبراً أن المشكلة تتعلق إلى حد كبير بـ«المسؤولين الأميركيين الآخرين». في السياق ذاته، قال مستشار الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير إن الولايات المتحدة لا يمكنها استبعاد تركيا من برنامج مقاتلات «إف 35» بشكل أحادي، لأن اتفاق الشراكة لا يسمح بذلك.
وأضاف دمير، في تصريح أمس: «لا يمكن لبلد بمفرده أن يقول إنه لا يريدك ثم يستبعدك من البرنامج... هذا ليس جزءاً من الاتفاق... هذا ليس أمراً يمكنك أن تقول أنا أستبعدك منه. مشروع (إف 35) هو شراكة ولا يوجد في الاتفاق ما يشير إلى أنه يسمح بالاستبعاد أحادي الجانب لأي بلد».
وتسود خلافات بين واشنطن وأنقرة بسبب إصرار تركيا على شراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية «إس 400» بموجب صفقة موقعة مع موسكو في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتقول الولايات المتحدة إن تلك الأنظمة لا تتلاءم مع المنظومة الدفاعية لحلف الناتو وقد تعرض مقاتلات «إف 35» للخطر، ولذلك لا يمكن لتركيا اقتناء المنظومة الروسية والمقاتلات الأميركية في وقت معاً.
وتهدد الولايات المتحدة بفرض عقوبات على أنقرة؛ منها حرمانها من اقتناء مقاتلات «إف 35» وإبعادها من مشروع تصنيعها وتطويرها ووقف تدريب طياريها عليها بحلول نهاية يوليو (تموز) المقبل، إذا لم تتراجع أنقرة عن الصفقة مع روسيا، وحرمانها مستقبلاً من الحصول على منظومة «باتريوت» الصاروخية الأميركية. واعترف دمير بأنه حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا، فإن ذلك قد يكون له أثر قصير الأمد على الصناعات الدفاعية التركية.
في شأن آخر، هدد الاتحاد الأوروبي تركيا بفرض عقوبات عليها إذا لم توقف عملياتها «غير القانونية» للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص. وبعد ساعات من إرسال أنقرة سفينة ثانية للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، أول من أمس، عبر قادة الاتحاد الأوروبي عن أسفهم «لأنّ تركيا لم تستجب بعد للنداءات المتكرّرة» بشأن وقف أنشطة التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط. وجدّد قادة الاتّحاد، خلال قمّتهم في بروكسل، تأكيد «إدانتهم لأنشطة الحفر غير القانونية التي تقوم بها تركيا».
وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد طلبت، الثلاثاء الماضي، من كلّ من المفوضية الأوروبية ودائرة العمل الخارجي الأوروبي، أن «تقدّما من دون تأخير خيارات بشأن تدابير مناسبة» ضدّ تركيا. وأيد رؤساء الدول والحكومات في دول الاتحاد الـ28 هذا الطلب. وقال القادة الأوروبيون إنّ «المجلس الأوروبي يدعم الدعوة الموجّهة إلى كلّ من المفوضية ودائرة العمل الخارجي الأوروبي لكي تقدّما من دون تأخير خيارات للتدابير المناسبة، بما في ذلك تدابير محدّدة الأهداف»، بحسب ما نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية». وأضافوا أنّ «الاتّحاد الأوروبي سيواصل مراقبة التطوّرات عن كثب، وهو مصمم على الردّ بشكل مناسب وبكلّ تضامن مع قبرص».
وعقب انتهاء القمة الأوروبية في بروكسل أول من أمس، قال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، إن «تركيا قد تواجه عواقب من أوروبا إذا استمرت في تحدي حق قبرص بالتنقيب عن الغاز... هناك تصاعد في العدوان التركي، وهو شيء لا نلاحظه فقط في علاقات تركيا باليونان وقبرص، ولكن أيضاً مع بلدان مهمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».