البرلمان العراقي يستأنف اليوم مناقشة استكمال الحكومة

وسط مخاوف من اتساع قاعدة الاعتراضات والتشكيك

TT

البرلمان العراقي يستأنف اليوم مناقشة استكمال الحكومة

بينما أربكت الخطوة التي أقدم عليها الأسبوع الماضي زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، بنيته التوجه إلى خيار المعارضة، المشهد السياسي في العراق، فإن مهلة العشرة أيام لإكمال الكابينة الحكومية، وإنهاء ملف إدارة الدولة بالوكالة، بدت خياراً مفيداً للطرفين.
وبينما أعلنت أطراف في تحالف الإصلاح والإعمار الذي ينتمي إليه الحكيم، وفي مقدمتها ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، تأييدها لهذه الخطوة، فإن البيان الصادر عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بمنح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مهلة عشرة أيام لإكمال حكومته، أجهض إلى حد كبير ليس فقط خيار التوجه إلى المعارضة؛ بل ربما إسقاط الحكومة عبر تشكيل كتلة أكبر.
التحرك باتجاه المعارضة، من جهة، والتوجه نحو إكمال الكابينة الحكومية وإنهاء إدارة ملف إدارة الدولة بالوكالة، من جهة أخرى، جاء على أثر الخطاب شديد اللهجة الذي وجهه المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني إلى الكتل السياسية، واصفاً تمسكها بالمناصب بأنه نوع من «التكالب». كما جاءت هذه التحركات بعد الاجتماعات التي عقدتها الزعامات السياسية في البلاد الأسبوع الماضي في قصر السلام، برعاية رئيس الجمهورية برهم صالح، والتي انتهت إلى اتفاق بضرورة إنهاء ملف الحكومة والوكالات في غضون عشرة أيام.
كما أمهل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الكتل السياسية حتى أول من أمس، لتقديم أسماء مرشحيها للحقائب الأربع المتبقية (الدفاع والداخلية والتربية والعدل) وإلا فسيقدم هو أسماء مرشحين إلى البرلمان خارج إرادات الكتل.
الصدر، من جهته، أصدر بياناً جاء مخالفاً لتوقعات جبهة المعارضة، ومسانداً نسبياً لرئيس الوزراء الذي كان يخشى اتساع هذه القاعدة، وبالتالي أن تهدد حكومته في وضع مربك تعيشه البلاد في ظل تصاعد التهديدات بين أميركا وإيران. الصدر أعلن أنه «ليس من المعيب والمخجل أن نرى هذا التكالب على المناصب في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء على حد سواء؛ بل وبقية المناصب الأخرى». ودعا الصدر كتلته (سائرون) إلى أن «تراعي المصلحة العامة وإن وقع عليها بعض الظلم والحيف»، مطالباً في الوقت نفسه الكتل السياسية أجمع بـ«تفويض رئيس مجلس الوزراء في إتمام الكابينة الوزارية خلال عشرة أيام فقط».
وفي هذا السياق، نشر البرلمان العراقي أمس جدول أعمال جلسة اليوم التي تتضمن إكمال التصويت على الكابينة الحكومية وإنهاء ملف الوكالات. وطبقاً للمعلومات التي يجري تداولها، فإن أبرز الأسماء التي سيتم عرضها للتصويت اليوم السبت لشغل الحقائب الشاغرة هم: نجاح الشمري أو صلاح الحريري للدفاع، وعبد الغني الأسدي للداخلية، وسفانة الطائي للتربية، ورزكار محمد علي للعدل.
ويأتي هذا الإعلان وسط استمرار اختبار القوة بين من ينوي التوجه إلى المعارضة وبين من يرى أن الوقت لا يزال غير مناسب لمثل هذه الخطوة. وفي هذا السياق أبدى عضو البرلمان العراقي عن حركة تمدن، فائق الشيخ علي، شكوكه حيال فكرة المعارضة التي تبناها تيار الحكمة ومن بعده «النصر». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أكد الشيخ علي أن «من الغرابة أن تنتقل (الحكمة) إلى المعارضة، لا سيما أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هو (حكيمي) الولاء منذ زمن المعارضة، حيث كان قيادياً بارزاً في المجلس الأعلى الإسلامي في كافة مراحله، وبالتالي فإن السؤال هنا هو: هل المعارضة المقصودة هي معارضة الوزراء دون رئيس الوزراء، أو معارضة كل الحكومة برئاسة رئيس الوزراء؟». وأضاف الشيخ علي: «إنني هنا لا أقصد تيار الحكمة وحده، وإنما كل الكتل التي تنوي الذهاب إلى المعارضة؛ لأن الجميع في الواقع مشارك في الحكومة بصيغة أو بأخرى، وبالتالي فإن مفهوم المعارضة هنا مجرد ذر رماد في العيون». وأوضح أن «بعض الكتل بدأت تشعر بالإحباط من رئيس الوزراء؛ خصوصاً على صعيد مشروع الإصلاح؛ حيث إن عبد المهدي لا يستطيع النهوض بهذا الأمر؛ لأنه بالأساس منظّر وكاتب محترف فقط».
لكن فرات التميمي، عضو البرلمان العراقي عن تيار الحكمة، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «المعارضة خيار تبناه تيار الحكمة منذ الانتخابات الماضية؛ حيث كنا نطمح إلى تشكيل أغلبية وطنية حاكمة مقابل أخرى في المعارضة؛ لكن الذي حصل أن الحكومة تشكلت عبر أغلبية وطنية أساسها تحالفا الإصلاح والبناء على شكل قوائم وطنية عابرة؛ لكن الجزء الآخر وهو المعارضة لم يتحقق، بينما هو الركن الآخر للديمقراطية». وأضاف التميمي أن «تيار الحكمة تبنى هذا الخيار الذي هو الأول من نوعه بعد سقوط النظام». وحول ما إذا كان في نيتهم تشكيل كتلة أكبر، يقول التميمي إن «الحكمة بدأت في هذا المشروع؛ لكن في الوقت الحاضر لا نية لتشكيل كتلة أكبر، ولن يكون الهدف هو سحب الثقة من الحكومة، إنما هو تأسيس لحالة صحية في العملية السياسية؛ بحيث تكتمل أركان العملية السياسية بجناحي الموالاة والمعارضة»، مشيراً إلى أن «كتلاً ونواباً في البرلمان سوف يلتحقون بنا لكي نؤسس لحالة سليمة داخل البرلمان، ويتعاطى معها رئيس الوزراء الذي طالما أكد في كتاباته أن الديمقراطية في العراق عرجاء، ما لم يكتمل ركنها الآخر المتمثل بالمعارضة، المبنية على أسس دستورية هدفها تقويم ومراقبة الأداء الحكومي؛ خصوصاً أننا كنا قد قررنا منح رئيس الحكومة فرصة كاملة حتى لا نتهم بأننا كنا ننوي عرقلة تشكيل الحكومة».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».