«قمة الضفتين» في مرسيليا تطمح إلى إطلاق دينامية لتخطي الأزمات

10 دول أوروبية وعربية مشاركة وحضور قوي للمؤسسات المالية والمجتمع المدني

«قمة الضفتين» في مرسيليا تطمح  إلى إطلاق دينامية لتخطي الأزمات
TT

«قمة الضفتين» في مرسيليا تطمح إلى إطلاق دينامية لتخطي الأزمات

«قمة الضفتين» في مرسيليا تطمح  إلى إطلاق دينامية لتخطي الأزمات

«قمة الضفتين» عنوان المنتدى الذي ستستضيفه مدينة مرسيليا الفرنسية المتوسطية، غداً وبعد غدٍ، (الأحد) و(الاثنين)، بدعوة من باريس، وبحضور الدول المنخرطة في إطار ما يُسمى «حوار 5 زائد 5» الذي يضم خمس دول أوروبية (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ومالطا والبرتغال)، وخمس دول مغاربية (الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا)، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وألمانيا والاتحاد من أجل المتوسط، ومنظمات مالية دولية مثل البنك الدولي وصندوق الاستثمار الأوروبي والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ولا يتعين تناسي مشاركة «المجتمع المدني» في الفضاء المذكور، التي يريد منظمو المؤتمر أن تكون بارزة وفاعلة، بحيث لا يكون الاجتماع حكومي الطابع، رغم أن الحكومة الفرنسية هي الجهة الداعية. حقيقة الأمر، لا ينطبق وصف «قمة الضفتين» لغرب المتوسط على اجتماع مرسيليا. فالفكرة أطلقها الرئيس ماكرون من تونس في فبراير (شباط) من العام الماضي، وأعاد التأكيد عليها بمناسبة مؤتمر سفراء فرنسا لدى العالم نهاية صيف العام نفسه. لكن النتيجة أن تسع دول ستُمثّل على المستوى الوزاري (وزراء الخارجية)، والرئيس الوحيد الحاضر هو ماكرون الذي قالت عنه مصادر الإليزيه أمس إنه «طامح لإطلاق سياسة متوسطية قوية»، وإن هدف «القمة» النظر في «التحديات» التي يواجهها الفضاء المتوسطي وإطلاق «المشاريع» التي يحتاج إليها. بيد أن المصادر الرئاسية تسارع للقول إن الطروحات المنتظرة «تختلف تماماً عما اعتدنا عليه» عند النظر بقضايا المتوسط، أي عبر منظار الإرهاب والهجرات غير الشرعية والأمن والاستقرار التي يمكن التطرق إليها على الهامش. وبالعكس، فإن الرؤية «الجديدة» تريد التركيز، من جانب، على دور «المجتمع المدني» بمفهومه الواسع، وامتداداً، القطاع الخاص. ومن جهة أخرى، العمل على إطلاق مشاريع جديدة ملموسة تستجيب للتحديات الراهنة. ولهذا، تم العمل خلال الأشهر الماضية على تنظيم ورشات عمل في الجزائر والمغرب ومالطا وإيطاليا وفرنسا حول مواضيع الطاقة والشباب والتعليم والتنقل والثقافة والسياحة والبيئة والتنمية المستدامة والتلوث والتنمية المستدامة... ونتج عن هذه الورش أوراق ومشاريع عمدت لجنة مختصة لاختيار بعضها ليكون التركيز عليه في «قمة الضفتين» التي يُفترض أن يصدر عنها «إعلان مرسيليا».
عملياً، سيبدأ المنتدى بعشاء عمل في «قصر فارو» المطلّ على المتوسط في مدينة مرسيليا لوزراء الخارجية الحاضرين والمشاركين الرئيسيين وتستكمل المناقشات والمنتديات في جلسات اليوم التالي للتوصل إلى إقرار المشاريع المعروضة. ويشارك الرئيس ماكرون في جلسة استماع ثم يلقي كلمته التي سيركز فيها على عزم باريس، من خلال سياستها الخارجية، توفير الدعم للسير بهذه المشاريع على أن تشكل «لجنة متابعة» لمواكبتها تمويلاً وتنفيذاً. ويُشترط بهذه المشاريع أن تكون «شاملة»، بمعنى ألا تقتصر على بلد واحد أو ينحصر تمويلها في جهة واحدة. في عرضها لمجريات «القمة» حرصت مصادر الإليزيه على التركيز على مبدأ «المشاركة والمساواة» بين الرجال والنساء، الأمر الذي يظهر من خلال تشكيل اللجان التي ستتابع الأعمال والتنفيذ.
ثمة تساؤلان رئيسيان بشأن هذه القمة: الأول، يتناول استبعاد الجوانب السياسية عن أعمالها، رغم أن المتوسط الغربي المغاربي الذي يعيش مشاكل سياسية مصيرية، أكان في ليبيا التي تعاني من حرب أهلية، أو الجزائر التي تمر بمرحلة تحول استثنائية. وكان رد الإليزيه أن الصعوبات السياسية «لا يتعين أن توقف دينامية القمة»، وأن الهدف «إطلاق أجندة إيجابية». والتساؤل الثاني يتناول الازدواجية بين ما تهدف إليه هذه «القمة»، ومهمات «الاتحاد من أجل المتوسط»، الذي مرّ على وجوده 11 عاماً. وبهذا الخصوص، تؤكد مصادر الإليزيه ردّاً على تساؤلات «الشرق الأوسط» أن الغرض «ليس إضعاف» الاتحاد من أجل المتوسط بل «التكامل» مع ما يقوم به. لكن هذا الجواب الديبلوماسي لا يخفي حقيقة أن الأوروبيين يودون العودة إلى «صيغة 5 زائد 5»، ما يتيح لهم تجنب الخوض في صراعات إضافية، مثل ملف النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي كان وراء فشل «مسار برشلونة»، ولكن أيضاً الخروج من صيغة «الاتحاد من أجل المتوسط» الذي يضم 43 دولة وكأنه أمم متحدة مصغرة.
تبقى العبرة في النتائج، وفي قدرة القائمين على هذه المبادرة أن ينتقلوا من مربع المؤتمرات، أكان اسمها قمماً أو ندوات إلى الحيز العملي، أي تنفيذ مشاريع حقيقية يكون لها مردودها الاقتصادي والاجتماعي في فضاء متوسطي آفته الأولى هي البطالة والفقر، وكلاهما يفتح الباب للتطرف، مع ما يحمله من انغلاق أو عنف.


مقالات ذات صلة

رفع حالة الاستنفار الأمني في تونس

شمال افريقيا الرئيس التونسي يشرف على تظاهرة امنية  في قصر قرطاج في عيد قوات الأمن (موقع رئاسة الجمهورية )

رفع حالة الاستنفار الأمني في تونس

رفعت السلطات التونسية حالة الاستنفار الأمني في البلاد، في وقت تعاقبت فيه التحركات والضغوط الأوروبية على الدول الأفريقية عموماً والدول المغاربية خاصة.

كمال بن يونس (تونس)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري ونظيره الإيطالي (الخارجية المصرية)

مصر وإيطاليا تبحثان التحديات المشتركة في «المتوسط»

بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره الإيطالي أنطونيو تاياني، (الأحد)، «التحديات المشتركة» في منطقة البحر المتوسط، وعلى رأسها ظاهرة «الهجرة غير الشرعية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع ميتسوتاكيس مصافحا أردوغان في قمة ناتو الاربعاء الماضي (أ.ب)

هل تهزم «براغماتية» ميتسوتاكيس «تعقيدات» التاريخ والجغرافيا؟

يبدو رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس شخصية هادئة، لم تُعرف عنه الحدة قولاً أو فعلاً، ولم يُضبَط يوماً وهو يمارس سياسة القرارات الصادمة،

أسامة السعيد (القاهرة)
العالم واشنطن تطالب أنقرة بإلغاء خططها للتنقيب شرق المتوسط

واشنطن تطالب أنقرة بإلغاء خططها للتنقيب شرق المتوسط

طالبت الولايات المتحدة الحكومة التركية، اليوم الأربعاء، بإلغاء جميع إجراءاتها للتنقيب بالقرب من جزيرة كاستيليريزو اليونانية، بحسب متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن المتحدث قوله: «تدرك الولايات المتحدة أن تركيا أصدرت تنبيهاً للتنقيب في المياه المتنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط...

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.