«حماس» تتوصل إلى تسويات في قضايا الدم بميزانية خصصتها الإمارات

«حماس» تتوصل إلى تسويات في قضايا الدم بميزانية خصصتها الإمارات
TT

«حماس» تتوصل إلى تسويات في قضايا الدم بميزانية خصصتها الإمارات

«حماس» تتوصل إلى تسويات في قضايا الدم بميزانية خصصتها الإمارات

قالت حركة «حماس» إنها أنهت تسوية 40 ملفاً من ملفات ضحايا الأحداث الداخلية (الانقسام).
وأوضح عبد اللطيف القانوع، الناطق باسم حركة «حماس»، أن تسوية 40 ملفاً تأتي استكمالاً لـ134 ملفاً تم إنجازها منذ عام 2017، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها لجنة المصالحة المجتمعية لإنجاز أحد ملفات اتفاق القاهرة 2011، وتعزيز التكافل المجتمعي وترسيخ الوحدة.
وقال القانوع إن تحقيق المصالحة الاجتماعية خطوة مهمة على درب وطريق تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، داعياً حركة «فتح» للاستجابة لمقتضيات المصالحة، وتعزيز حالة الشراكة.
وعدَّ القانوع أن إنجاز ما يزيد عن 170 ملفاً من ملفات المصالحة المجتمعية يعبر عن حالة التسامح التي يعيشها شعبنا، والأصالة التي يتمتع بها، وعن حاجته الملحة لطي مرحلة الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية الكاملة لمواجهة التحديات الراهنة.
وإنجاز الحالات الجديدة جاء ضمن حملة أطلقتها الحركة قبل 3 أعوام، بالاتفاق مع تيار القيادي المفصول من حركة «فتح» محمد دحلان، بتسوية «قضايا الدم»، التي خلفها الاقتتال الداخلي المسلح في قطاع غزة عام 2007، في محاولة من الحركة لغلق ملفات الثارات السياسية والعائلية، في القطاع المكتظ المحافظ.
ويظهر من أرقام موثقة، حصلت عليها «الشرق الأوسط» من جهات حقوقية، أن عدد القتلى الفلسطينيين من حركتي «حماس» و«فتح»، وكذلك بعض المدنيين الذين سقطوا في فترة الاقتتال المسلح الطويل، أكثر من 300 شخص، بينهم 160 شخصاً في الفترة الواقعة ما بين 10 - 15 يونيو (حزيران) 2007، وهي الفترة التي تسميها «فتح»: «فترة الانقلاب»، وتعدها «حماس»: «فترة الحسم العسكري».
وعلى الرغم من أن الاقتتال الداخلي بين حركتي «فتح» و«حماس» في عامي 2006 و2007، الذي خلف نحو 300 قتيل فلسطيني من الحركتين، ونتج عنه انقسام فلسطيني حاد، مع سيطرة «حماس» على القطاع، بدأ تنظيمياً، وتتحمل مسؤوليته التنظيمات السياسية، فإنه أخذ طابعاً عشائرياً بعدما تعهدت العائلات التي قتل أبناؤها بالثأر من القاتلين. وعلى مدار السنوات الماضية، ظلت نار «الثأر» مشتعلة، وظهرت مجدداً مع كل ذكرى للانقسام، أو بعد أي خلاف حاد.
وطالما نشرت حركة «فتح» صوراً لقتلاها، وبينهم سميح المدهون الذي جرى قتله وسحله في شوارع غزة، ونعت «حماس» قتلاها كذلك، وراحت تحاكم متورطين في قتلهم.
وفي الوقت الذي فشل فيه الطرفان في الوصول إلى اتفاق سياسي أو إداري، خلال 12 سنة هي عمر الانقسام، مضت «حماس» في الوصول إلى اتفاق مجتمعي. وأبرمت الحركة اتفاقات مع عدد من عائلات قتلى حركة «فتح» وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية سابقاً، تقضي بدفع «الدية»، لتعويضهم مالياً، وإنهاء الخلافات معهم، وغلق ملف ابنهم. ووافقت عائلات وأنهت الخلاف، وأخرى لم ترد، وثالثة رفضت تسوية الأمر تماماً.
ويعود الرفض على ما يبدو إلى إصرار بعض العائلات على القصاص، أو بسبب تغييب «حماس» للسلطة الفلسطينية تماماً عن هذا الملف، واختيار القيادي المفصول من حركة «فتح» محمد دحلان، ليكون طرفاً في الاتفاقات. وقالت المصادر إن كثيراً من العائلات وافقت على الدية، وبعضها أخذها بالفعل، مقابل الصفح والتسامح والعفو عن عناصر حركة «حماس» الذين شاركوا في عمليات القتل.
وتعهد دحلان سابقاً بالعمل من أجل جمع الأموال لإنهاء ملف المصالحة المجتمعية، وتعويض عائلات القتلى من الجانبين، تمهيداً لحل الخلافات الرئيسية، وإتمام المصالحة. ويقول قياديون من تيار دحلان إنه لا علاقة لقيادة «فتح» الحالية بملف الاقتتال.
وأكد ماجد أبو شمالة، القيادي في «التيار الإصلاحي الديمقراطي» المحسوب على دحلان، أن تياره «يصر على المضي قدماً في طي صفحة الانقسام، ولملمة شتات شعبنا، وردم صفحة الجراح والندوب التي خلفها الانقلاب في عام 2007، رغم كل الصعوبات والعراقيل»، شاكراً «دولة الإمارات حكومة وشعباً على دعمها لملف المصالحة المجتمعية، وكذلك الشقيقة مصر لمواقفهما المتواصلة في إسناد الشعب الفلسطيني وقضاياه الوطنية».
وأوضح أبو شمالة أن المصالحة المجتمعية كانت وما زالت أعقد الملفات التي تواجه المصالحة الوطنية، وحل ملف الدم يعبد الطريق أمام مصالحة وطنية حقيقية تستند على أرض صلبة، مشيراً إلى أن المضي في هذا الملف سمح للعشرات من المبعدين بالعودة إلى غزة بعد سنوات من الاغتراب، والعيش بين أسرهم وأهاليهم، وكذلك أخرج العشرات من المعتقلات.
ونظمت «حماس» إلى جانب تيار دحلان، أمس مهرجان، مصالحة للضحايا الأربعين. وكان دحلان في 2006 و2007 مسؤولاً عن قطاع غزة لدى السلطة الفلسطينية، وخضع لاحقاً للجنة تحقيق بشأن إخفاقاته في حماية السلطة في القطاع، ثم انتخب لاحقاً عضواً في اللجنة المركزية لحركة «فتح»، قبل أن تفصله الحركة بتهم مختلفة.
ودارت في العامين اللذين تبعا فوز «حماس» في انتخابات المجلس التشريعي مواجهات مسلحة طاحنة بين «حماس» و«فتح».
ويحتاج الطرفان مبلغ 50 مليون دولار لدفع ديات للقتلى الذين يبلغ عددهم 313 قتيلاً، ولتعويض الجرحى الذين يبلغ عددهم نحو 800 مصاب بجروح مختلفة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.