مصر لتعزيز التعاون العسكري والأمني مع رومانيا

السيسي: الإرهاب بات يهدد استقرار جميع دول العالم

مصر لتعزيز التعاون العسكري والأمني مع رومانيا
TT

مصر لتعزيز التعاون العسكري والأمني مع رومانيا

مصر لتعزيز التعاون العسكري والأمني مع رومانيا

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «الإرهاب بات يهدد أمن واستقرار جميع دول العالم». وأعرب السيسي خلال مباحثات له بالعاصمة الرومانية بوخارست أمس، عن تطلعه لتنمية التعاون الثنائي مع رومانيا في مختلف المجالات، وتعزيز التنسيق والتشاور معها إزاء القضايا والملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة.
والتقى السيسي، كالين بوبيسكو تيريتشانو، رئيس مجلس الشيوخ الروماني، بمقر البرلمان في بوخارست أمس. وقال بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «رئيس مجلس الشيوخ الروماني نوّه إلى عمق الروابط التي تجمع الشعبين المصري والروماني، مشيداً بما شهدته العلاقات الثنائية من طفرة خلال الفترة الأخيرة، من خلال الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، معرباً عن تطلعه لبحث سبل تعزيز العلاقات البرلمانية بين البلدين».
وأوضح رئيس مجلس الشيوخ الروماني حرص بلاده على دعم مصر في جهودها لتحقيق التنمية الشاملة، مشيداً في هذا الصدد بالإنجاز الكبير الذي تحقق في مصر على مستوى تطوير البنية الأساسية في مدة زمنية قياسية، معرباً عن تطلع بلاده للاستفادة من التجربة المصرية في هذا الصدد.
وذكر المتحدث الرئاسي أن «الرئيس السيسي أكد على الاهتمام الذي توليه مصر بتعزيز التعاون البرلماني بين البلدين للمساهمة في تعظيم التواصل وإثراء البعد الشعبي في العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر ورومانيا»، مشيداً في هذا الصدد بحرص البرلمان الروماني على المداومة على إنشاء جمعية للصداقة المصرية الرومانية عند تجديد ولايته الدستورية.
واستعرض اللقاء آخر التطورات على صعيد جهود تحقيق التنمية الشاملة في مصر، فضلاً عن مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وكذا الرؤية المصرية الشاملة بشأن مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وأوضح السيسي الجهود التي تبذلها بلاده على مختلف الأصعدة للتعامل مع ظاهرة الإرهاب التي باتت تهدد أمن واستقرار جميع دول العالم. فيما أعرب رئيس مجلس الشيوخ الروماني عن دعم بلاده للجهود المصرية في هذا الصدد، مؤكداً أهمية وقوف المجتمع الدولي صفاً واحداً للقضاء على الإرهاب.
كما استقبل السيسي بمقر إقامته في بوخارست أمس، الفريق أول نيكولاي لونيل، رئيس أركان القوات المسلحة الرومانية. وقال السفير راضي، إن «الرئيس أعرب عن التطلع لتنمية التعاون الثنائي مع رومانيا في مختلف المجالات، والحرص على تعزيز التنسيق والتشاور معها إزاء القضايا والملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة».
من جانبه؛ أكد رئيس أركان القوات المسلحة الرومانية عمق العلاقات التي تجمع البلدين والشعبين الصديقين، مشيداً بالنجاحات التي تتحقق على صعيد مكافحة الإرهاب، من خلال العملية الشاملة «سيناء 2018»، مشيراً إلى أن استقرار مصر يعد أمراً لا غنى عنه لاستقرار الشرق الأوسط ومنطقة المتوسط، وهو الأمر الذي تهتم به رومانيا لما له من أثر مباشر على استقرار المناطق المتاخمة لها جغرافياً.
وتطرق اللقاء إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في المجال العسكري والأمني والتدريب... كما تم استعراض آخر المستجدات على صعيد الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وتبادل وجهات النظر بشأنها؛ حيث تم التأكيد خلال اللقاء على أهمية مواصلة التنسيق المكثف ودفع الجهود المشتركة بين البلدين لتعزيز السلم والأمن الإقليمي.
في غضون ذلك، شهد الفريق أول محمد زكي، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، احتفال القوات المسلحة المصرية أمس، بتخريج دفعات جديدة من أكاديمية ناصر العسكرية العليا. وأكد القائد العام أن «القوات المسلحة كانت وستظل هي صمام أمن وأمان هذا الوطن وشعبه العظيم، وهي درعه القوي وحصنه المتين الذي حمى الوطن وصان تاريخه ومقدساته»، موضحاً أنها «أصبحت اليوم قوات عصرية حديثة تملك من أسباب القوة الأمنية والإمكانات البشرية المدربة والتسليح المتطور، ما يمكنها من الوفاء بمسؤوليتها ومهامها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.