لطالما أقر المسؤولون اللبنانيون بوجود معابر غير شرعية بين لبنان وسوريا تعود لسبعينات القرن الماضي، يتم من خلالها تهريب البشر والسلع؛ ما يؤثر سلباً على أمن البلد واقتصاده، من دون أن ينجحوا في وضع حد لهذه الظاهرة التي تنمو في مراحل معينة وتخفت في أخرى. لكن اعتراف وزير المال علي حسن خليل قبل أيام بوجود أكثر من 124 معبر تهريب في لبنان، قال إنها «تهدد اقتصاد البلد وتساهم في عجر المالية العامة وتقليص الواردات»، وتحدث عن مساهمة هذه الظاهرة التي «يرعاها البعض» بتحلل الدولة، طرح أكثر من علامة استفهام حول الجهات التي تغطي هذه المخالفات وما إذا كان هناك قرار رسمي جدي بإنهائها.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن العامل الأساسي الذي يجعل من الصعب جداً ضبط الحدود اللبنانية - السورية بشكل كامل هو أنها كبيرة جداً (نحو 360 كلم) ومتداخلة في كثير من المواقع، ما يزيد من صعوبة ضبطها، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه ورغم كل ذلك فإن الوضع تحسن إلى حد بعيد، وبخاصة بعد معركة «فجر الجرود» التي شنها الجيش في عام 2017، وأدت إلى دحر عناصر «داعش» ومسلحين آخرين من أراضٍ حدودية لبنانية. وأشارت المصادر إلى أن «الاعتماد يتم بشكل أساسي اليوم لضبط الحدود على أبراج المراقبة والكمائن والحواجز والدوريات باعتبار أن نشر عناصر الجيش على كامل الحدود أمر غير ممكن نظراً للإمكانات المحدودة»، لافتة إلى أن «ممارسة رقابة مطلقة على الحدود أمر شبه مستحيل، وبخاصة في مناطق الشمال اللبناني، حيث الأراضي متداخلة إلى حد كبير».
إلا أن نور الدين الأحمد، رئيس بلدية وادي خالد الحدودية مع سوريا، يؤكد أن 18 كيلومتراً هي الحدود المشتركة بين بلدته والأراضي السورية باتت مضبوطة 100 في المائة، بحيث تم إغلاق كل المعابر غير الشرعية بتشديد ورقابة من قبل السلطات اللبنانية كما النظام السوري الذي وضع السواتر الترابية على الحدود، وقد بلغ طولها في بعض المواقع 4 أمتار، كما أنه زرع الألغام التي انفجرت ببعض المتسللين وبكثير من المواشي. ويضيف الأحمد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما كانت منطقتنا مفتوحة على سوريا قبل الأزمة هناك وكان يتم تبادل سلع وتهريبها وقسم كبير من أهلنا كانوا يلجأون للخدمات السورية لا اللبنانية من طبابة وغيرها؛ كونها منخفضة الأسعار، أما اليوم فقد تبدلت الأمور وبات كل راغب في زيارة الأراضي السورية مجبراً على التوجه إلى المعابر الشرعية، سواء في العبودية أو جوسيه أو إلى الأمانة اللبنانية - السورية في البقيعة».
ويتم عبر المعابر غير الشرعية تهريب الأشخاص، وبخاصة بعد إقفال الحدود اللبنانية بوجه النازحين السوريين؛ ما يضطرهم إلى إصدار إقامات رسمية ودفع رسوم عليها، كما ينشط تهريب الدخان والأجهزة الإلكترونية والخضراوات والرخام والدواجن، وغيرها من السلع.
وتُقدّر خسائر الدولة اللبنانية من الرسوم الجمركية نتيجة التهريب عبر المعابر غير الشرعية بنحو 600 مليون دولار، وقد أفيد خلال مناقشة مشروع موازنة عام 2019 في مجلس الوزراء وخلال الاجتماعات الأخيرة للمجلس الأعلى للدفاع عن اتخاذ قرار بضبط هذه المعابر لضمان ذهاب هذه الأموال إلى الخزينة وخفض العجز.
وفي مارس (آذار) الماضي، أفيد عن انتهاء الجيش اللبناني من إقفال جميع المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا في منطقة البقاع الشمالي بالسواتر الترابية لضبط الحدود، ومنع دخول سوريين خلسة. وتم تشديد الرقابة أخيراً بعد العملية الإرهابية التي استهدفت مدينة طرابلس عشية عيد الفطر، وتبين أن منفذها كان يقاتل في صفوف «داعش» في سوريا وعاد إلى لبنان في وقت سابق. وتتخوف السلطات اللبنانية من تدفق مزيد من الإرهابيين عبر المعابر غير الشرعية؛ ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الأمني مجدداً.
ويشير العميد المتقاعد محمد رمال إلى وجود «متمرسين» في عمليات التهريب، لافتاً إلى أن طبيعة الأرض تساعدهم على التسلل؛ ما يجعل عملية ضبط الحدود سواء الشمالية أو الشرقية بنسبة 100 في المائة أمراً صعباً. ويشرح رمال لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد سيطرة الجيش السوري على الجانب الشرقي والجيش اللبناني على الجانب الغربي من الحدود تم ضبط العدد الأكبر من المعابر، لكن هناك قرى تبدو نظرياً بالداخل السوري هي تحت السيادة اللبنانية، وفي غياب الترسيم الجدي للحدود، يصبح من السهل أن تصبح أي نقطة مشتركة بين البلدين معبراً غير شرعي».
124 معبراً غير شرعي مع سوريا تساهم في العجز وتقلص الواردات
الجيش يعتمد على الكمائن وأبراج المراقبة للحد من التهريب
124 معبراً غير شرعي مع سوريا تساهم في العجز وتقلص الواردات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة