الحوثيون يمنعون سيارات الحكومة من دخول صنعاء ويعطلون وزارتين

محافظ الجوف لـ{الشرق الأوسط} : قريبا ستنتقل المعارك إلى صعدة

عدد من المحتجين الحوثيين خلال قطعهم للشوارع في العاصمة صنعاء ومنها الطرق المؤدية للمطار أمس (رويترز)
عدد من المحتجين الحوثيين خلال قطعهم للشوارع في العاصمة صنعاء ومنها الطرق المؤدية للمطار أمس (رويترز)
TT

الحوثيون يمنعون سيارات الحكومة من دخول صنعاء ويعطلون وزارتين

عدد من المحتجين الحوثيين خلال قطعهم للشوارع في العاصمة صنعاء ومنها الطرق المؤدية للمطار أمس (رويترز)
عدد من المحتجين الحوثيين خلال قطعهم للشوارع في العاصمة صنعاء ومنها الطرق المؤدية للمطار أمس (رويترز)

سقط عشرات القتلى والجرحى في المعارك العنيفة التي تدور في محافظة الجوف شمال اليمن، بين الجيش المسنود باللجان الشعبية، وميليشيات المتمردين الحوثيين، بعد تدخل الطيران الحربي في الهجوم على مواقع الحوثيين، فيما شهدت العاصمة صنعاء تشديدات عسكرية وأمنية إضافية بعد إعلان الحوثيين إغلاق مداخل العاصمة صنعاء أمام السيارات التي تحمل لوحات حكومية أو تابعة للجيش.
وذكر محافظ الجوف الشيخ محمد بن سالم الشريف لـ«الشرق الأوسط» أن «الحرب مع الحوثيين ستنتهي خلال أيام، وستنتقل قريبا إلى محافظة صعدة». مشيرا إلى أن أكثر من 80 مسلحا من الحوثيين قتلوا إضافة إلى المئات من الجرحى، في غارات شنها الطيران الحربي على مواقعهم في منطقة الغيل والمصلوب خلال اليومين الماضيين، فيما تصدى الجيش واللجان الشعبية الموالية لحزب الإصلاح منذ الخميس الماضي لعدة هجمات شنها الحوثيون للسيطرة عليها مستخدمين الدبابات والمدرعات التي استولى على عدد منها مقاتلو اللجان الشعبية». مؤكدا أن تدخل الطيران الحربي كان له أثر كبير في تدمير مواقع وأسلحة الحوثيين، ومنعهم من السيطرة أو التقدم في منطقة الغيل والساقية.
وكشف المحافظ عن توجيهات من الرئيس عبد ربه منصور هادي لوزارتي الدفاع والداخلية والقوات الجوية بمساندة اللجان الشعبية وقوات الجيش والأمن في الحرب ضد الحوثيين، موضحا بأن «الرئيس هادي عقد اجتماعا يوم الأحد بصنعاء، ضم محافظي الجوف ومآرب، وقيادات المنطقة العسكرية الثالثة، وقادة محور الجوف، لمناقشة الأوضاع الأمنية هناك، وأصدر توجيهات صريحة لوزارتي الدفاع والداخلية والقوات الجوية لدعم اللجنة الأمنية بالعتاد العسكري والقوة البشرية للقضاء على الحوثيين وطردهم من محافظة الجوف وتأمين منطقة مجزر التابعة لمحافظة مأرب النفطية». الحوثيون يستخدمون أسلحة متطورة وحديثة نهبوها من معسكرات الجيش في صعدة وعمران، وقد تم الاستيلاء على عدد منها خلال الأيام الماضية. وعن الوضع الإنساني ذكر المحافظ: «إن المئات من السكان نزحوا من قراهم خاصة في منطقة الغيل والمصلوب التي أصبحت خالية من السكان مهجورة، ويعيشون أوضاعا إنسانية صعبة في ضل غياب كامل للمنظمات الإنسانية المحلية والدولية».
ويبلغ عدد سكان محافظة الجوف المحاذية للمملكة العربية السعودية جنوبا، نحو أكثر من نصف مليون نسمة، ومنذ أربعة أشهر بدأت المواجهات المسلحة بين الجيش المسنود بأبناء المناطق وجماعة الحوثيين، لكنها كانت متقطعة، حتى تجددت في 29 يوليو (تموز) الماضي، واشتدت ضراوتها خلال الأسبوع الماضي.
وفي العاصمة صنعاء أغلق مسلحو الحوثي مداخل العاصمة صنعاء أمام السيارات التي تحمل لوحات حكومية أو تابعة للجيش، وذكرت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين أن القرار يأتي في إطار ما أسمته بـ«التصعيد» ضد الحكومة، ورداً على محاولة قوات الأمن فض اعتصام الحوثيين في شارع المطار بصنعاء، فيما توسعت مخيمات الحوثيين إلى شوارع قريبة من وزارة الداخلية وأغلقوا بشكل كامل الشوارع المؤدية منه إلى مطار صنعاء الدولي، فيما انتشرت وحدات من الجيش وقوات أمنية في شوارع العاصمة صنعاء، وتركزت في مناطق الحصبة، والجراف، وشارع الستين، والقيادة، ومطار صنعاء، إضافة إلى المداخل الرئيسة التي تربط العاصمة بالمحافظات الأخرى.
وقالت اللجنة الأمنية العليا إن الحوثيين نصبوا الكثير من الخيام في شارع المطار بأمانة العاصمة، مما أدى إلى إغلاق الطريق وتعطيل حركة السير المؤدي إلى مطار صنعاء الدولي وحركة السير في الشارع الرئيسي، واتهمت اللجنة الأمنية الحوثيين «بإغلاق الطريق أمام وزارتي الكهرباء والاتصالات وتقنية المعلومات وإخراج الموظفين من الوزارتين بالقوة ومنعهم من الدخول إليهما» بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الحكومية. مؤكدة أنها «لن تسمح لأي جهة بإقلاق الأمن والسكينة العامة والإضرار بمصالح ومكتسبات الوطن والمواطنين، وقطع الطرقات وتعطيل حركة سير المواطنين ومنعهم من الوصول إلى مقار أعمالهم».
من جانب متصل أقال الرئيس هادي أمس قائد قوات الأمن الخاصة اللواء فضل القوسي من منصبه لأسباب تتصل بالانفلات الأمني الذي تشهده العاصمة صنعاء، وأكدت وزارة الداخلية أن وزير الداخلية اللواء حسين الترب كلف اللواء الدكتور محمد منصور الغدراء بقيادة قوات الأمن الخاصة، التي تعتبر أقوى الوحدات الأمنية داخل العاصمة من حيث العتاد والقوة البشرية.
وفي محافظة مأرب شرق البلاد فجر مسلحون قبليون أنبوب نفط في نقطة كيلو 36 بمديرية الوادي أول من أمس، وأفادت مصادر أمنية أن عناصر تخريبية مجهولة قامت بعملية تخريبية لأنبوب النفط، وتتسبب عمليات تفجير أنابيب النفط في خسائر اقتصادية كبيرة للحكومة التي تعيش أزمة مالية خانقة وتعتمد على النفط موردا رئيسا للدخل القومي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.