قررت الشرطة الإسرائيلية إعادة فتح ملف التحقيق في جريمة الاغتصاب التي تعرّضت لها طفلة يهودية في إحدى المستوطنات، وذلك بعدما أدلى مستوطن يهودي بإفادة غيّرت مجرى القضية، وبيّنت أن العامل الفلسطيني المتهم بارتكاب الجريمة، قد يكون بريئاً تماماً.
الحديث يجري عن طفلة في السابعة من عمرها من إحدى المستوطنات الدينية في منطقة رام الله. وكانت الطفلة قد أبلغت ذويها، في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي بأن عامل صيانة فلسطينياً في مدرستها جرّها إلى بيت قريب من مدرستها في المستوطنة وارتكب جريمة اغتصابها، بينما كان هناك رجال آخرون يضحكون ويسخرون. وأشارت الطفلة إلى العامل الفلسطيني، محمود قطوسة (45 سنة) من قرية دير قديس في منطقة رام الله على أنه مرتكب الجريمة. وعلى الفور اعتقلته الشرطة ونسجت ضده لائحة اتهام وقدمته إلى المحاكمة العسكرية في مستوطنة عطروت.
ولكن كُشفت أمس تفاصيل جديدة، تشير إلى أن سلطات الاحتلال ستواجه مشكلة جدية في حياكة الملف ضد قطوسة. وضمن هذه التفاصيل ما يتّصل بنقل الطفلة من المدرسة إلى الشقة التي يُزعم أنه حدثت فيها جريمة الاغتصاب، بحسب لائحة الاتهام. ففي حين تدّعي لائحة الاتهام أن قطوسة جرّ الطفلة على طول الطريق لمسافة طويلة بينما كانت تبكي وتقاوم من دون أن يلاحظ أحد ذلك، ذكرت الطفلة في إفادتها أنها نُقلت إلى الشقة السكنية بواسطة «مركبة كبيرة، قد تكون سيارة أو حافلة، وليس سيراً على الأقدام».
كذلك؛ تبين أن الطفلة لا تعرف موقع الشقة السكنية التي وقعت فيها «الجريمة»، رغم أن الشرطة قد استجوبتها 4 مرات. وخلال عملية التشخيص لقطوسة تبين أن ذلك ليس مؤكداً، ذلك أن محقّقة الأطفال التي سمعت إفادتها قررت أنها لا تستطيع تحديد مدى مصداقية التشخيص.
من جهة أخرى، كشف النقاب عن حراك قام به عدد من المستوطنين اليهود، الذي يعرفون قطوسة من خلال عمله في بيوتهم، فقالوا إنهم لا يصدّقون قصة الاغتصاب عنه. وأبلغ أحدهم صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أنه رافق هذه القضية منذ البداية وحضر المداولات (في المحكمة)، وأنه غير مقتنع بالتهم. ثم تابع: «نحن هلعون من ألا يعثروا على المجرم الحقيقي». وأضافت الصحيفة أن الطاقم التربوي في المدرسة يستبعد أن يكون قطوسة هو الجاني، وتساءلت مسؤولة في المدرسة: «هل تعرفون عدد الأبرياء الذين يقبعون في السجن. هذا حدث خطير ومهمٌ بالنسبة لنا أن يعثروا على المجرم».
يذكر أن لائحة الاتهام لا تتضمّن بالضبط زمن ارتكاب الجريمة، رغم أن الشرطة ادّعت في البداية أنها تعرف ذلك. وتبيّن أن الشرطة عمدت إلى شطب التوقيت من لائحة الاتهام، بعدما أثبت قطوسة أنه كان في مكان آخر في اليوم نفسه والساعة نفسها.
يذكر أن عدداً من السياسيين في اليمين الإسرائيلي عدّوها «جريمة جنائية وسياسية» ما كان المجرم لينفذها لو كانت الطفلة فلسطينية. وعدّها وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان «جريمة إرهاب». ودعا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الجهاز القضائي إلى إيقاع العقوبة القصوى على المجرم.
وذهب أبعد من ذلك وزير الأمن الداخلي، جلعاد إردان، الذي قال إنه يجب التحقيق في الجريمة كونها «جريمة ارتكبت على خلفية تطرّف قومي أيضاً»، وأردف: «إذا تمت إدانة المتهم محمود قطوسة وكل من ساعده، فعندها لن يساورنا أدني شك في أنهم تأثروا بالكراهية والتحريض اللذين تغذيهما السلطة الفلسطينية». وطالب الشرطة وجهاز الأمن العام والنيابة العامة بـ«ممارسة كل وسائل التحقيق لفحص ما إذا كان المتهم سيقوم بفعلته بحق الطفلة لو كانت فلسطينية لا سمح الله». ونشرت وسائل الإعلام تسريباً من التحقيق يبين أن المتهم كذب في التحقيق وكشفته ماكينة كشف الكذب.
غير أن وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت على لسان «مصادر مطلعة على مجريات التحقيق» أنه لا توجد أدلة على أن عملية الاغتصاب ارتكبت لدوافع قومية. وأشارت إلى وجود صعوبة في هذا الملف بسبب تقديم شكوى إلى الشرطة بعد شهر من وقوع الجريمة والاعتماد فقط على شهادة الطفلة. وأكدت أن المتهم ينفي تماماً التهمة الموجهة إليه. وقال ذوو المتهم وأقاربه في القرية إنهم فوجئوا بنشر الأنباء عن ابنهم من الصحافة الإسرائيلية؛ «وهم يعدّون الاغتصاب جريمة بشعة وحقيرة... ولا يصدقون بأن ابنهم هو فاعلها».
من جانبه، يقول ناشف درويش، محامي الدفاع عن المتهم، إنه بادر إلى عقد جلسة مع القاضي بحضور ممثل النيابة وطلب الإسراع في بحث القضية لأنه واثق بأنها اتخذت أبعاداً خطيرة ضد متهم بريء. وتقرّر أن تبدأ المداولات أمس الأربعاء.
وأوضح درويش، أول من أمس الثلاثاء: «هناك خلل كبير في ملفات التحقيق ولائحة الاتهام. فالإفادة التي أدلت بها الطفلة تتضمن أموراً غير مؤكدة ولا ترقى إلى مستوى الأدلة. فهي لم تعطِ إشارة واثقة مائة في المائة بأن هذا الرجل هو الذي اغتصبها. والشرطة لم توفر تقريراً طبياً حول الاغتصاب يربط المتهم بالجريمة. وليس صحيحاً أن هناك دليلاً قاطعاً على أن المتهم مذنب؛ إذ تم إجراء فحصين اثنين له بماكينة كشف الكذب؛ أحدهما دلّ على أنه صادق، والثاني دلّ على أنه كاذب، وفي هذه الحال لا يعتمد تقرير الماكينة في المحكمة». وتساءل: «هل يعقل أن يستطيع مواطن فلسطيني أن يجرّ طفلة يهودية في السابعة من عمرها بعكس إرادتها لمدة 14 دقيقة داخل مستوطنة يهودية ولا أحد ينتبه ولا أحد يعترض، بل ويتمكن من إدخالها إلى بيت آخر من بيوت المستوطنة». وفي ضوء كل ذلك قررت الشرطة فتح ملف التحقيق من جديد لاستكمال معلوماتها.
مستوطن إسرائيلي يدلي بشهادة تنسف اتهام فلسطيني بجريمة اغتصاب طفلة يهودية
أهالي قرية المتهم بتنفيذها: عمل حقير لا نصدق أن ابننا ارتكبه
مستوطن إسرائيلي يدلي بشهادة تنسف اتهام فلسطيني بجريمة اغتصاب طفلة يهودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة