ضغوط أوروبية على تونس لوقف تعديل القانون الانتخابي

المعارضة تنوي الطعن في دستورية التغييرات بحجة «ارتكاب مخالفات»

TT

ضغوط أوروبية على تونس لوقف تعديل القانون الانتخابي

وجّه نواب من البرلمان الفرنسي رسائل إلكترونية إلى نظرائهم في البرلمان التونسي، تحثّهم على التحرك للحيلولة دون تنفيذ التعديل الذي صادق عليه البرلمان، أول من أمس، المتعلق بمنع رؤساء المؤسسات الإعلامية ورؤساء الجمعيات الأهلية من الترشح للانتخابات التونسية، المقررة خلال الثلث الأخير من السنة الحالية.
وأكدت مصادر برلمانية تونسية توصل قيادات من كتلة الائتلاف الوطني، الداعمة لحكومة يوسف الشاهد، والممثلة لحزب «حركة تحيا تونس»، رسائل نصية قصيرة عبر البريد الإلكتروني، بعثها نواب في البرلمان الفرنسي، وممثلون عن الاتحاد الأوروبي في تونس، طرحت على أساس أنها «اتصالات» للضغط والحيلولة، دون تنفيذ التعديل الذي طرأ على القانون الانتخابي، على الرغم من موافقة الأغلبية المطلقة داخل البرلمان التونسي عليه.
وفي هذا الشأن، أكد خليل الحناشي، المحلل السياسي التونسي، أن تلك الرسائل صدرت من طرف من سماهم «داعمي ومؤيدي المرشحين عن الاتحاد الأوروبي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التونسية». مشيراً إلى أن التونسية ألفة التراس، رئيسة جمعية «عيش تونسي»، التي تنوي الترشح للانتخابات المقبلة، تملك علاقة مباشرة مع نواب وبرلمانيين فرنسيين، وأن عائلتها تحتفظ بعلاقات مقربة من دوائر الحكم الحالي في فرنسا.
من ناحيته، اعتبر نبيل بافون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أن الهيئة ستنفذ القانون الجديد المصادق عليه من قبل أغلبية أعضاء البرلمان، مؤكداً أنها لن تتدخل في عمل السلطة التشريعية، على حد قوله.
وفي السياق ذاته، أكد النائب البرلماني عمار عمروسية أن نواب المعارضة داخل البرلمان سيطعنون في دستورية التعديل على القانون الانتخابي، مشدداً على أن المعارضة «لن تسكت عن الخروقات الكثيرة التي رافقت الجلسة البرلمانية المخصصة للتصويت»، حسب تعبيره.
بدوره انتقد نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال)، المصادقة على تنقيح وتعديل القانون الانتخابي، وقال أمس على هامش انعقاد أشغال مؤتمر الجامعة العامة للنقل (جامعة نقابية) إن التنقيحات «وضعت على المقاس من أجل صفقات سياسية ضيقة خدمة لمصلحة بعض الأحزاب».
وقبل التصويت على تعديلات القانون الانتخابي تحت قبة البرلمان، وجّه نبيل القروي، المرشح للانتخابات الرئاسية وصاحب قناة «نسمة» الفضائية الخاصة، رسالة إلى نواب البرلمان، دعاهم فيها إلى الاحتكام لضمائرهم والشهادة بالحق، فيما يخص منعه من الترشح للرئاسيات.
وأكد القروي أن المتضرر الوحيد من تعديل القانون الانتخابي هو العملية الانتخابية والمسار الديمقراطي برمته في تونس، معتبراً أن الموافقة على تنقيح القانون الانتخابي يمثل «إهانة للشعب، ويفتح الباب للتلاعب بالانتخابات»، على حد تعبيره.
وإثر عملية التصويت، التي وافق عليها 128 نائباً برلمانياً (الأغلبية المطلقة تحتم مصادقة 109 نواب)، وجّه الصحبي بن فرج، الداعم للمقترح الحكومي، كلامه بلغة مشفرة إلى نبيل القروي، الذي أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية: «الآن تفرغ للعمل الخيري... ونأمل ألا تشغلك طموحاتك الانتخابية عن توزيع الصدقات». وأضاف مسائلاً: «كيف لمرشح لرئاسة الدولة أن يستنصر بمواقف الخارج على برلمان بلاده؟» في إشارة إلى البحث عن دعم نواب من البرلمان الفرنسي وممثلين عن الاتحاد الأوروبي.
من ناحية أخرى، قال سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، إنّ النيابة العامة قدّمت شكوى، مضمونها إخفاء هاتف جوال شكري بلعيد، القيادي اليساري الذي تعرض لاغتيال في 6 فبراير (شباط) 2013. وأكد أن طليقته بسمة الخلفاوي أخفت هاتفه النقال عن ملف التحقيق، على الرغم من أهمية الاتصالات الهاتفية التي سبقت عملية الاغتيال. وتم تحويل الملف إلى الوكيل العام لمحكمة الاستئناف للنظر فيه، مشيراً إلى أن الشكوى تتضمن تهمة المشاركة في القتل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.