مبادرتان جديدتان «لتفكيك» الأزمة الليبية

رداً على المبادرة التي تقدم بها فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني»، لحل الأزمة الليبية، والتي استُقبلت برفض من قبل أطراف سياسية كثيرة في البلاد، طرح «التجمع الوطني»، وكتلة «برقة» بمجلس النواب (شرق البلاد)، مبادرتين للغرض نفسه؛ الأولى تقترح إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، والثانية تتحدث عن مرحلة ما بعد عملية «تحرير» طرابلس، وتشترط استبعاد «الإرهابيين» من أي عملية سياسية مستقبلية.
واستهل «التجمع الوطني» الليبي مبادرته، التي أعلن عنها مساء أول من أمس، بأن ما تقدم به السراج في طرحه «أغفل نقاطاً كثيرة، من بينها الأسباب والدوافع التي أدت إلى معركة طرابلس، كما أن مبادرته لم تقترح تسوية مناسبة يشعر معها الجميع أنها الأفضل، عوضاً عن مزيد من الاقتتال والاحتراب»، مقترحاً «إيقاف العمليات العسكرية الجارية بالضاحية الجنوبية للعاصمة دون إبطاء، وعودة القوات والمجموعات المسلحة من الطرفين إلى تمركزات محددة خارج نطاق العاصمة». ودعا «التجمع الوطني» إلى تشكيل قوة مشتركة من ضباط وأفراد الجيش والأمن الليبي النظاميّين، الذين لم يسبق لهم الانخراط مع طرفي الحرب الحالية، مهمتها الحفاظ على الأمن في المناطق الفاصلة بين الطرفين (محيط العاصمة)، على أن يتم تسليح هذه القوة المحايدة بناءً على ترتيبات دولية.
كما أشار «التجمع» إلى أهمية العودة إلى طاولة الحوار، واستئناف المسار السياسي برعاية أممية، وبمشاركة جميع الأطراف، بما فيها المتحاربة، بالإضافة إلى إعادة تشكيل المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين، واختيار حكومة أزمة مؤقتة ومصغرة من الكفاءات. وقال بهذا الخصوص: «يجب توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، وإعادة بنائهما بطريقة احترافية، بحيث يقتصر امتلاك السلاح واستخدامه عليهما، على أن يتم تفكيك المجموعات المسلحة (الميليشيات)، وجمع السلاح، ودمج من تتوفر فيه الشروط من الأفراد المسلحين في المؤسسة العسكرية وكتائبها النظامية، وبأرقام عسكرية».
في سياق ذلك، رأى «التجمع الوطني» أنه يمكن الاتفاق على إجراء انتخابات نيابية ورئاسية، في مدة أقصاها نهاية العام الحالي، مع إعادة فتح التسجيل في سجل الناخبين، ووضع ضمانات لمشاركة كل المواطنين فيها بكل نزاهة، مشدداً على أهمية مراجعة بنود اتفاق أبوظبي، ودراسة المبادرات المطروحة من أطراف وجهات ليبية وإقليمية، والنظر في الاستفادة مما جاء فيها. في غضون ذلك، ووسط حالة من الجدل المستمر، طرحت كتلة نواب «برقة» بنغازي، بمجلس النواب في طبرق (شرق) مبادرة أخرى للرد على السراج، تتضمن تشكيل سلطة جديدة بديلة عن حكومة «الوفاق»، يشارك فيها الجميع، باستثناء «الجماعات الإرهابية»، وقالت إن ما سماه السراج بـ«مبادرة» أعاد فيها فكرة اجتماع غدامس «المشؤوم»، وأبقى على نفسه رئيساً للمجلس الرئاسي، كما أنه أنهى بقية المؤسسات الشرعية، متجاوزاً الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، والتطور العسكري الذي سيحسم «تحرير» طرابلس قبل نهاية العام.
وقالت «الكتلة» في مبادرتها: «تمنينا أن يستقيل السراج، بعد أن أدت سياسات مستشاريه الجهويين إلى دمار الاقتصاد الليبي، وضرب النسيج الاجتماعي، وصولاً لجلب الحرب إلى طرابلس، بالإضافة للتحالف مع الميليشيات والإرهابيين»، وقد تمسكت «الكتلة» برفضها لاتفاق «الصخيرات»، وأيّدت رؤية مجلس النواب بتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة بعد «تحرير» العاصمة، وإجراء استفتاء على الدستور. ورأت «الكتلة» أن إطلاق هذه المبادرة يستهدف «حقن الدماء»، مطالبة باتخاذ مدينة سرت مقراً للمؤسسات الليبية التشريعية والتنفيذية، مع تشكيل سلطة جديدة يشارك فيها الجميع، باستثناء الإرهابيين والمتطرفين، إلى حين تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي. وتتكون كتلة نواب «برقة» من النواب زايد دغيم، وعيسى العريبي، وعصام الجهاني، وبدر النحيب، وسعيد سباقة، وإدريس المغربي. وكان النائب خليفة الدغاري قد صرح بأن البيانات التي تصدر باسم كتلة نواب برقة «لا يمثل عدداً كبيراً من نواب برقة»، مشيراً إلى أن كثيراً من النواب يرفضون وجود كتل تؤسس على أساس جهوي إقليمي، «في حين أننا نواب عن جميع فئات الشعب الليبي».