أعلن فريق بحثي بلجيكي أنّ ألواحاً شمسية تجريبية طوّرها علماؤه تستطيع إنتاج 250 لتراً من غاز الهيدروجين في اليوم.
يتزايد عدد الألواح الشمسية التي يثبتها الناس على الأسطح وفي الحدائق حول العالم، في ظلّ رغبة اجتماعية متنامية لاستخدام الكهرباء المتجددة. ولكنّ مهندسين بلجيكيين يقولون إنّ وظيفة الألواح الشمسية يمكن أن تتجاوز مجرّد الإضاءة إلى إنتاج غاز الهيدروجين في موقعها، لتتيح للعائلات تدفئة منازلها دون زيادة البصمة الكربونية.
- «هيدروجين أخضر»
كشف باحثون من جامعة لوفان الكاثوليكية أنّهم طوّروا لوحاً شمسياً يحوّل أشعة الشمس مباشرة إلى غاز الهيدروجين من خلال استخدام الرطوبة الموجودة في الهواء. يأخذ النموذج التجريبي من هذه الألواح بخار المياه ويفصله إلى جزيئات من الأوكسيجين والهيدروجين. وفي حال سارت أمور هذه التجربة نحو النجاح، ستساهم هذه التقنية في حلّ تحدٍّ كبير يواجه اقتصاديات الهيدروجين.
وعلى عكس الوقود الأحفوري، لا ينتج الهيدروجين انبعاثات غازات دفيئة ولا يلوّث الهواء عند استخدامه في مركبات أو مبان تستمدّ طاقتها من خلايا الوقود. إلّا أنّ مجمل غاز الهيدروجين الذي يُنتج اليوم مصنوع عبر عملية صناعية تعتمد على الغاز الطبيعي، ما يؤدي في النهاية إلى ضخّ مزيد من الانبعاثات في الجوّ.
يعمل عدد متواضع ولكن بشكل متنام من المنشآت على إنتاج هيدروجين «أخضر» بواسطة التحليل الكهربائي الذي يفصل جزيئات المياه بواسطة الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة كالرياح وأشعة الشمس. ويعمل باحثون آخرون، ومن بينهم الفريق البلجيكي، على تطوير ما يعرف بالتقنية الشمسية المباشرة لفصل المياه.
وتستخدم هذه التقنية المكونات الكيميائية والبيولوجية لفصل المياه مباشرة على اللوح الشمسي، نافية الحاجة إلى معامل تحليل كهربائي كبيرة ومكلفة.
ويعلق الباحث الأميركي جيم فنتون، الذي يدير مركز فلوريدا للطاقة الشمسية في جامعة سنترال فلوريدا في حديث نقله موقع جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركية: «لعلّ العثور على وسيلة لإنتاج الهيدروجين بطريقة أسهل وأكثر فعالية سيكون بمثابة معجزة».
تقع جامعة لوفان الكاثوليكية على حرم عشبي في منطقة فلاندرز، المنطقة الشمالية الناطقة بالألمانية من بلجيكا. وفي شهر مارس (آذار)، أعلن البروفسور جوهان مارتنس وفريقه من مركز «سورفاس كيميستري أند كتاليزيس» أنّ نموذجهم التجريبي يمكنه إنتاج 250 لتراً من الهيدروجين في اليوم طوال عام كامل، الأمر الذي اعتبروه رقماً قياسيا عالمياً. وبحسب تقديرات الباحثين، فإنّ عائلة تعيش في منزل بلجيكي بعيد تحتاج إلى نحو 20 من هذه الألواح لتلبية حاجاتها من الطاقة والتدفئة خلال عام كامل.
- ألواح شمسية
يصل طول هذا اللوح إلى 1.65 متر، أي بطول ثلاجة منزلية، وهو قادر على إنتاج طاقة كهربائية بقوة 210 واط. يستطيع هذا النظام تحويل 15 في المائة من الطاقة الشمسية التي يتلقاها إلى هيدروجين، بحسب الفريق. يعتبر هذا المعدّل قفزة كبيرة عن الكفاءة الإنتاجية المقدرة بـ0.1 في المائة التي حققوها قبل 10 سنوات... وكان باحثون دوليون قد أعلنوا في بحث منفصل العام الماضي أنّهم حققوا معدّل كفاءة إنتاجية بنسبة 19 في المائة في إنتاج الهيدروجين من عملية فصل المياه بواسطة الطاقة الشمسية.
وقال العالم توم بوسيريز من جامعة لوفان الكاثوليكية إنّ «الجزء الأصعب هو استخراج المياه من الهواء». ولكنّ مختبرات مارتنس متكتمة حول كلّ ما يتعلّق بهذه التقنية، حتى إنّ البروفسور بوسيريز رفض الإفصاح عن أي تفاصيل بسبب مخاوف متعلّقة بالملكية الفكرية على حدّ تعبيره، مكتفياً بالقول إنّ المختبر متخصص في «المحفزات والجذوع والممتزات».
وفي رسالة إلكترونية حول هذا الموضوع، كتب بوسيريز: «من خلال استخدام خبراتنا في هذا المجال، تمكنّا من تطوير نظام شديد الفعالية في سحب المياه من الهواء وفصلها إلى جزيئات هيدروجين بواسطة الطاقة الشمسية». وفي معرض ردّه على سؤال حول التحديات التي واجهها المهندسون خلال عقد من التطوير، أجاب بأنّ «الجزء الأصعب كان سحب المياه من الهواء».
تقدّم الأبحاث الأكاديمية أدلّة غير متماسكة حول التقنية، رغم تأكيد بوسيريز أنّ «بحثهم وصل إلى نتائج أبعد من تلك المنشورة». في السنوات الأخيرة، درس المهندسون فعالية مجموعة متنوعة من المواد ومن بينها خلايا السيليكون الشمسية المسامية بواسطة «أبعاد مسامية شديدة الصغر»، ومحفّزات شديدة الرقّة مصنوعة من أوكسيد المنغنيز، وغشاء التبادل الأنيوني القلوي الذي يعتمد على محلول هيدروكسيد البوتاسيوم ومحفّزات عمادها مادة النيكل.
يقول مختبر «مارتنس» إنّ فريقه يستخدم عامّة «مواد خام زهيدة» بدلاً من المعادن الغالية وغيرها من المكونات المكلفة. وقال مارتنس في مقابلة إذاعية: «أردنا تصميم شيء مستدام وغير مكلف يمكن استخدامه بشكل عملي في أي مكان».
- نموذج تجريبي
يخطط الباحثون لإجراء اختبار ميداني لنموذجهم التجريبي في منزل يقع في بلدة «أود - هيفيرلي» الريفية، سيتمّ خلاله تخزين الهيدروجين في وعاء صغير مضغوط تحت الأرض خلال أشهر الصيف، ومن ثمّ سيصار إلى ضخّه في المنزل خلال فصل الشتاء. وفي حال سارت الأمور وفقاً للخطة المرسومة، يقول مارتنز إنّ الفريق قد يركّب 20 لوحاً في المنزل أو يبني نظاما أكبر للحيّ، ليتيح استخدام الهيدروجين «الأخضر» لعوائل أخرى.
ويعلق فنتون من مركز فلوريدا للطاقة الشمسية، بأنّ الوقت لا يزال مبكراً جدّاً لتحديد ما إذا كان هذا الهيدروجين الذي تنتجه الألواح الشمسية قابلا للتطبيق على الصعيد الاقتصادي، أو متى يمكن أن يصبح كذلك.
لا تزال هذه التقنية في مرحلة مبكرة جداً من نموها، وتحديداً في الولايات المتحدة، حيث تعتبر أنواع الوقود المستخدمة للتدفئة كالغاز الطبيعي زهيدة نوعاً ما. لكن في ظلّ عمل الدول على حلّ مشكلة التغيّر المناخي، ومع توسّع المجتمعات التي تطوّر بنية تحتية محليّة للطاقة المتجددة كالألواح الشمسية على الأسطح، لا يستبعد فنتون بروز دور محتمل لأنظمة الهيدروجين.
ألواح شمسية لوقود منزلي لا يلوث كوكب الأرض
ألواح شمسية لوقود منزلي لا يلوث كوكب الأرض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة